كتاب ومقالات

الفريدي موسيقار في أوروبا

بعد السلام

سلطان الزايدي

في تصوري النجم الموهوب في كرة القدم لا يستسلم طالما هو قادر على العطاء مهما قست عليه الظروف، ويبقى يملك إحساس الموهبة، ويشعر بقيمتها حين يشاهد الملاعب تزخر بمنافسات كرة القدم القوية والممتعة، فالنجم الموهوب لا يستسلم للظروف، ويبحث دائما عن نفسه من أجل العودة وتحقيق كل ما يصبو إليه، ويجعله يشعر بحجم الموهبة التي يملكها.

في الملاعب السعودية وخلال السنوات الطويلة الماضية كنا نشاهد نجوما موهوبين رفضوا الاستسلام لكبر السن أو لكثرة الإصابات أو تحت أي سبب آخر، وواصلوا العمل في ميادين كرة القدم وداخل المستطيل الأخضر، نذكر منهم الأسطورة «ماجد عبدالله» الذي تأخر قرار اعتزاله كرة القدم، وظل يلعب حتى بعد الأربعين من عمره، لم يتوقف إلا حينما شعر بأن عضلات قدميه لم تعد قادرة على مواصلة الركض وتقديم المزيد من الإنجازات للمنتخب ولناديه النصر، هذا مثال للنجم الموهوب الذي يعي جيدا إمكانياته، وحجم الموهبة التي يملك، إذ لم تكن الأضواء هاجسه، ولم يفكر في تحقيق ثروة طائلة من ممارسة كرة القدم، كل تفكيره كان منصبا على إحساسه بقيمة موهبته التي وهبها الله له؛ لذا من الصعب أن يكون كل لاعب كرة قدم موهوبا، ربما نقبل فكرة نجوميته لكن الموهبة شيء مختلف؛ لأن الموهبة إحساس وقيمة يشعر بها اللاعب قبل غيره.

النموذج الثاني بعد ماجد في ملاعبنا «حسين عبدالغني» الذي ما زال يواصل الركض، فهو صورة مختلفة عن ماجد، لكنهما يتفقان في الإحساس بالموهبة، فحسين ما زال يفرض موهبته، ولا زال إحساسه بموهبته كبيرا، لهذا هو يواصل الركض، رغم كل الحروب التي يواجهها، ورغم كل الإحباطات الكبيرة التي مرت في تاريخه الرياضي إلا أنه لم يستسلم، واستجاب لنداء الموهبة التي يشعر بها، حسين عبدالغني تركيبة مختلفة عن بقية اللاعبين، وليس من العدل أن يظلم إعلاميا بهذا الشكل، فليس عيبا أن يرفض الإنسان الخسارة، بل قمة الشجاعة أن تجد من يحارب؛ لأنه يرفض الانكسار والضعف والخسارة.

واليوم نحن أمام حالة أخرى مختلفة، لموهوب مختلف يعرف جيدا قيمة موهبته، لكن الظروف والاهتمام لم يكونا بالشكل المطلوب الذي يكشف لنا حجم الفائدة التي من الممكن أن تظهر للمجتمع الرياضي، فالموهوب الفريدي يقرر الرحيل لأوروبا وتحديدا إلى إسبانيا، ولا أظن هذا القرار جاء اعتباطا أو لمجرد النزهة واكتشاف حالة معينة في الدوري الإسباني، فمثل الفريدي يعي جيدا حجم موهبته، ومتأكد في قرارة نفسه حين يولي موهبته الاهتمام الكافي من الانضباط، وينصاع لكل المتطلبات البدنية والفنية فموهبته يقينا لن تخذله، هو نجم موهوب لم يرم المنديل، وقرر أن يخوض تجربة جريئة ومهمة في مسيرته، قد يعود هذا الموهوب للملاعب السعودية من الباب الكبير، وقد تحدث ضجة كبيرة حين يعود ويوقع عقدا جديدا في الملاعب السعودية، كما كان يحدث له في السابق، فاللاعب الموهوب كما ذكرنا لا يستسلم ولا يبتعد، طالما يشعر بحجم موهبته، هؤلاء في كل العالم لهم وضع مختلف، ومن السهل تمييزهم عن بقية نجوم الكرة، راقبوا جيدا متى يعتزل ميسي وكريستيانو رونالدو لتعرفوا معنى النجم الموهوب.

دمتم بخير..