كتاب ومقالات

أوامر ملكية جديدة!

حسين شبكشي

تابعت السعودية (كعادتها مع كل مجموعة جديدة من الأوامر الملكية) محاولات فهم أبعاد الأوامر الملكية على الأجهزة الإدارية المعنية بالدولة. وتأتي سلسلة الأوامر الملكية الأخيرة في منهجية إعادة الهيكلة الكاملة لأجهزة إدارات الدولة، وهي جزء من الجاهزية المتوقعة استعدادا لتحقيق رؤية 2030. وجاء في الأوامر الملكية تحويل كل من الهيئة العامة للسياحة والتراث إلى وزارة السياحة، وتحويل الهيئة العامة للرياضة إلى وزارة باسم وزارة الرياضة، وهي خطوة لتكريس فكرة أن السياحة والرياضة ستكونان ركنين أساسيين في التوجه الاقتصادي للدولة، وستلقيان كل الدعم المستحق. استحداث وزارة الاستثمار (بعد فصلها عن وزارة التجارة) وتعيين خالد الفالح وزيرا لها. وعلى ما يبدو أن سبب اختيار الفالح لأن الدولة تنوي الدخول بكل قوة في عالم الغاز بعد الإعلان بالتفاصيل والأرقام منذ أيام قليلة مضت عن حقل الجافورة الذي سيكون أحد أهم دعائم الاقتصاد السعودي، ولذلك أسباب من أهمها في قمة العشرين الأخيرة في اليابان تبنت سياسة البيئة المسؤولة، والغاز مهيأ للعب هذا الدور بامتياز (وهذا خبر مناسب مع استضافة السعودية قمة العشرين القادمة خلال هذا العام) ما يعني أن هناك «تركيزا» متوقعا للسياسة الاستثمارية لكي تكون مركزة بجلب مستثمرين عالميين لقطاع الغاز المحلي الواعد. علما بأن خالد الفالح كان أحد مهندسي استراتيجية الغاز السعودي وخيارات تبنيها قبل مغادرته إلى مانيلا ليرأس شركة بترون، التي أسست كشراكة بين أرامكو والفلبين، وكل هذه العوامل تجعل من اختيار خالد الفالح وزيرا للاستثمار اختيارا مفهوما، مع عدم إغفال علاقات الرجل في الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية. وكان أيضا الأمر الملكي بدمج وزارة العمل والخدمة المدنية، وسيحقق هذا الدمج عقودا موحدة، وساعات عمل واحدة، ونظام ترقية واحدا، ومحكمة مختصة واحدة، وضم المؤسسة العامة للتقاعد مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والسماح بالعمل الحر ونقل الخبرات بيسر وسهولة. ومن الأوامر الملكية أيضا إعفاء وزير الإعلام وتكليف وزير التجارة ماجد القصبي بها. وزارة الإعلام ملف ساخن، مرت على كرسي الوزارة أعداد كبيرة من الوزراء في زمن قياسي. وجوه عديدة ولا إنجازات تذكر. عندما «تبنى» وزير الثقافة مشروع «المدينة الإعلامية» العملاقة في الرياض كان في ذلك إشارة واضحة على عدم الرضا. حال الإعلام لا يسر. أنظمة وقوانين لا تواكب العصر ولا تعترف بأهمية البعد الاقتصادي للإعلام. الهموم باتت معروفة وتكرر ذكرها إلا أن عدم تجاوب وزارة الإعلام يبقى لغزا محيرا. تناول الوسط الإعلامي مؤخرا بعد الإعلان وتكليف ماجد القصبي بحقيبة الإعلام مقطعا مصورا يتحدث فيه عن قصور دور الإعلام وأنه كما يقول «لا يوجد منتج سيئ ولكن يوجد تسويق سيئ»، ولكن هناك فرقا، فتصور الوزير عن دور الإعلام المتوقع هو واقعيا توصيف لشركة علاقات عامة، دور الإعلام هو تنظيمي وتشريعي وتطوير مناخ العمل بأنظمة وقوانين محفزة للاستثمار، وتحمي الحقوق الفكرية وهذا غير متوفر، ولا يزال الأمل قائما بأن يتغير ذلك. أوامر ملكية إصلاحية هيكلية ترفع درجة الطموح والتفاؤل.