منوعات

محمد عمارة.. عبر بجسر «الاعتزال» من اليسار إلى اليمين

ذاكرة الأحياء

محمد عمارة

علي الرباعي (الباحة) okaz_online@

رحل المفكّر الإسلامي محمد عمارة، أمس الأول، ليفتح بعده فضاءً للنقاش مجدداً حول التباين والتحول الكبير الذي انتقل به وعي قارئ التراث النهضوي وناشر رسائل المعتزلة والمعجب بشيخ الإسلام ابن تيمية من اليسار الماركسي إلى اليمين عبر 240 مؤلفاً.

وتعرض خريج دار العلوم للنقد من خلال ردود أفعال على منهجه الذي يراه البعض محاولات توفيقية بين الفقهية الراديكالية وبين العقلانية التجديدية. وتحفظ نقاد على تصنيفه مدرسة الأفغاني ومحمد عبده التنويرية (وريثاً شرعياً لشيخ الإسلام ابن تيمية). في السجن قرر القطيعة مع اليسار وأعجبته نظرية حل الإشكالات الاجتماعية بالاستخلاف الإسلامي لا الصراع الطبقي الماركسي، وتعمق الموقف الإسلامي لدى عمارة بظهور الصحوة الإسلامية في السبعينيات، فنشط في إظهار محاسن الإسلام وتعرية دعاة الحرية والعدالة والتكافل الاجتماعي.

تخصص عمارة في الفلسفة الإسلامية، ونال الماجستير عام 1970 على أطروحته (مشكلة الحرية الإنسانية عند المعتزلة) ثم الدكتوراه 1975، في (نظرية الإمامة وفلسفة الحكم عند المعتزلة). ودعا لتأسيس فلسفة إسلاميّة عقلانية وتبني أصول المعتزلة الخمسة (العدل، التوحيد، الوعد والوعيد، المنزلة بين المنزلتيْن، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، إضافة إلى إنكار حجيّة الخبر الواحد في المسائل الاعتقاديّة، ومن كتبه (التفسير الماركسي للإسلام، ومعالم المنهج الإسلامي، والإسلام والمستقبل).

ويرى الباحث خالد العضاض أن لعمارة مزايا منها تحقيق الأعمال الكاملة لكل من رفاعة الطهطاوي، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، وعبدالرحمن الكواكبي، وقاسم أمين، وعلي مبارك. ولفت إلى نبشه الفكر الاعتزالي من قبره، وإعادته إلى الحياة بحسبانه الحارس الأوحد للعقلانية الإسلامية، وعدّ ذلك نتاج إرهاصات فكرية عميقة بدأت في الخمسينيات إبان اعتقاله لاعتناقه الفكر اليساري الثوري الحركي، وأبدى العضاض دهشة من تماهي عمارة مع الفكر الإخواني حتى لتخال أنه إخواني المنشأ والمعتقد، إذ تبدل رأيه عن حسن البنا من النقيض إلى النقيض، ثم تغير الموقف من المودودي بناء على ذلك.