محتالون، يتسترون بلباس رجال الأمن، لابتزاز ضحاياهم، وإيهامهم على أنهم من جهة رسمية، يتحركون أحيانا تحت جنح الظلام وفي مرات أخرى في وضح النهار، بعضهم يعززون كذبتهم وانتحالهم بزي رجال الأمن، وآخرون يكتفون بحمل جهاز لاسلكي مغشوش، أو بأصوات لغرف العمليات، لإقناع الضحايا بأنهم في مهمة رسمية! حيَل المحتالين، لا تمضي إلى نهاياتها، إذ نجحت الأجهزة الأمنية في ضبط عدد منهم وتقديمهم إلى القضاء، وتحتشد محاضر التحقيق الأمنية بأغرب الحكايات والأساليب الإجرامية التي تستخدمها عصابات من جنسيات عدة، من بينها شبكة تخصصت في تفتيش منازل مقيمين، والادعاء بأنهم من رجال البحث الجنائي. تشير المحاضر إلى أن أفراد الشبكة ارتدوا الثوب والشماغ وأوقفوا أحد المقيمين قبل اقتياده إلى مركبة استخدموها في جرائمهم.. والمفارقة أن زعيم العصابة هبط من السيارة لتنظيم حركة السير ثم السماح للضحية بالمغادرة بعد سرقة ما معه. وكشفت التحريات أن ادعاء زعيم الشبكة بتنظيم حركة السير يستهدف معاينة الموقع وتحديد المنازل التي يتم اقتحامها ليلا، ومن المحاضر الشرطية أيضا قصة شبكة من ذات النوع أقدمت على طرق منازل الضحايا وقام أحدهم بإبراز بطاقة مطموسة المعالم، مدعيا أنه من جهة أمنية، وأنه مكلف بتفتيش مقر السكن لوجود بلاغ ضد ساكنيه، وأثناء عمليات التفتيش يبرز زعيم الشبكة سجائر، متهما السكان بالتعاطي والترويج، وأثناء عمليات التفتيش يستولي على أموال ضحاياه وحاجاتهم الشخصية. ولا تختلف هذه الواقعة عن أخرى إذ انتحل شاب صفة رجل أمن في إحدى الجهات وقام باستيقاف مقيم آسيوي وطلب منه إبراز هويته، فيما كان يعرض جهازا لاسلكيا يرفعه من وقت إلى آخر، متحدثا إلى طرف آخر فرضي، ونجح في خداع الضحية واستولى على ما معه. أما الحادثة الأشهر التي شهدتها محافظة جدة فقد نجحت الأجهزة الأمنية الإطاحة بشبكة نفذت عمليات سرقة في إحدى المؤسسات بعدما دخل أفرادها الموقع زاعمين أنهم من رجال الأمن واستولوا على مبلغ يزيد على مليون وسبعمائة ألف ريال.

قانوني: السجن 10 سنوات لمنتحلي صفتي المباحث والاستخبارات

شدد المستشار القانوني سيف أحمد الحكمي على أن المادة الثانية من نظام العقوبات الخاصة بانتحال صفة رجل السلطة العامة، نصت على أن كل من انتحل صفة رجل السلطة العامة يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 3 سنوات أو بغرامة لا تزيد على 50 ألف ريال سعودي أو بهما معا. فإذا كان ارتكاب الجريمة مصحوبا بالإرهاب أو الاستغلال أو كان من انتحلت صفته من رجال المباحث أو الاستخبارات أو أحد العسكريين أو من في حكمهم فيعاقب الفاعل بالسجن مدة تتجاوز 10 سنوات أو بغرامة لا تزيد على 150 ألف ريال أو بهما معا.

وأضاف المحامي الحكمي، أن المادة الثالثة من نظام العقوبات نصت على «تقام دعوى الاتهام بارتكاب الجرائم المنصوص عليها في نظام عقوبات انتحال صفة رجل السلطة العامة من قبل المدعي العام أمام ديوان المظالم للفصل فيها». كما نصت المادة الرابعة على أنه «لا يمنع تطبيق العقوبات المنصوص عليها في نظام عقوبات انتحال صفة رجل السلطة العامة محاكمة الجاني أمام القضاء المختص عن أي جريمة أخرى».

مراقب بلدية مزعوم يغرّم متاجر!

سجلت أروقة القضاء والنيابة العامة قضايا انتحال صفة الغير، منها قضايا انتحال صفة رجل السلطة العامة، وأخرى لمتهمين بانتحال صفة الغير، وصدرت أحكام بالسجن والغرامة على متهمين. وعلمت «عكاظ» أن النيابة أحالت، في 12 شهرا، 18 متهما من جنسيات مختلفة إلى المحكمة الجزائية في قضايا انتحال صفة رجل السلطة العامة، وحررت لوائح اتهام بحقهم. وكشفت المصادر أن المتهمين ضبطوا في قضايا عديدة تتعلق بانتحال صفات رجال أمن وجوازات وبعضهم دهموا مواقع ومنازل وانتحل آخرون صفات مراقبي بلدية لابتزاز محلات تجارية والحصول على غرامات مزعومة، فضلا عن متهم حاول تنفيذ حكم إخلاء عقار، زاعما أنه من لجنة التعديات. وطالب المدعي العام في لوائح الاتهام المقدمة بإثبات ما أسند إلى المتهمين وتطبيق المادة الثانية من نظام عقوبات انتحال صفة رجل السلطة العامة.

منتحل صفة رجل جوازات يسلب 50 ألفاً

أدانت المحكمة الجزائية في جدة مواطناً بتهمة انتحال صفة رجل جوازات والدخول إلى منازل مقيمين وتفتيشها والاستيلاء على مبالغ منهم تحت التهديد. واعتبرت المحكمة ما أقدم عليه ضربا من الإفساد في الأرض وإشاعة الخوف والاستيلاء على أموال الناس بالباطل، وقررت سجنه 3 سنوات وجلده 400 جلدة. ‏وعاقبت المحكمة مقيما يمنيا بسجنه 3 سنوات لإدانته بانتحال صفة رجل جوازات واستيقافه أجانب وسلب أموالهم وهواتفهم. وتضمن الحكم 1500 جلدة متفرقة على دفعات مع إبعاده إلى بلاده. وعاقبت المحكمة الجزائية في جدة مواطنا ويمنيا بعد إدانتهما بسلب أشخاص منتحلين صفة المباحث الجنائية، واكتفت المحكمة بسجن المتهم الأول (يمني الجنسية) 7 سنوات وجلده 700 جلدة وإبعاده عن المملكة، وسجن المتهم الثاني 9 سنوات وجلده 900 جلدة، وتبين أن لهما سوابق إجرامية مماثلة.