عروة بن الورد صعلوك نبيل
عيون شعرية
الجمعة / 11 / رجب / 1441 هـ الجمعة 06 مارس 2020 03:03
إعداد: فهد صالح (جدة) fahadoof_s@
الشعر عند العرب لم يكن قولاً عابراً، بل كان فضاءً واسعاً يعبر فيه العربيّ عن أحاسيسه، فيرسمها في لوحة رسامٍ، كأن من يقرأها أو يسمع بها، يعيش تفاصيلها، تملؤها الحكمة الأخّاذة، والأخلاق السامية الرفيعة، يعتز به أهله ويفتخرون بكل ما فيه، وإن شابته بعض الشوائب لا تعكر صفوه الجميل، ومن الشعراء:
عروة بن الورد العبسيُّ، أحد صعاليك العرب وفرسانها المعدودين، كان يُغِير على البخلاء الأغنياء ويأخذ أموالَهم، ليُوزِّعها على الفقراء، ما أثار إعجابَ البعض، فأثنوا على كرمه وإيثاره وشجاعته. لُقِّب بعروة الصعاليك؛ لأنه كان مَن أفقر مِن العرب ضمَّه إليه.
يعرِضُ لنا النصُّ حوارٍاً دار بين عروة وزوجته سَلْمى التي لامَتْه على تعريض نفسه للهلاك في غاراته التي يشنُّها من أجل فقراء قومه، وفيه يقول:
أقِلِّي عَلَيَّ اللومَ يَا ابْنَةَ مُنذرِ
ونَامِي فإِنْ لمْ تشتَهِي النومَ فاسهَرِي
أحاديثَ تبقَى وَالفَتَى غيرُ خالِدٍ
إذَا هُوَ أَمْسَى هَامةً تَحت صَيِّرِ
فإنْ فَازَ سهمٌ للمنيَّة لم أكُنْ
جزوعًا وَهل عَن ذَاك من مُتأخِّرِ
وإنْ فازَ سهمي كفَّكُمْ عَنْ مَقاعدٍ
لَكُمْ خَلْفَ أدبارِ البُيوتِ ومَنْظَرِ
تقُولُ: لكَ الويلاتُ هلْ أنتَ تارِكٌ
ضَبُوءاً برَجْلٍ تَارَةً وبِمِنْسَرِ
ومُستَثبِتٌ فِي مالِك العام إِنَّنِي
أَرَاك على أقتادِ صرماءَ مُذْكِرِ
فجُوعٍ بهَا للصَّالحينَ مَزِلَّة
مَخُوفٍ ردَاهَا أنْ تُصِيبَك فاحذَرِ
أبَى الخفضَ من يَغْشاكِ مِنْ ذِي قرابة
وَمِن كلِّ سَوْدَاءِ المعاصمِ تعتري
لحى اللهُ صُعلُوكًا إذَا جنَّ ليلُهُ
مُصَافي المُشَاشِ آلفاً كُلَّ مَجزَرِ
يعُدُّ الغِنَى مِنْ دهرِهِ كُلَّ ليلَةٍ
أصابَ قِراهَا مِنْ صدِيقٍ مُيسَّرِ
قَليلَ التماسِ المالِ إلَّا لِنفسِهِ
إذَا هوَ أضحى كالعريش المُجوَّرِ
ينَامُ عِشاءً ثمَّ يُصبِحُ قاعِدًا
يحُتُّ الحَصَى عَنْ جنبِهِ المُتَعفِّرِ
يُعينُ نساءَ الحيِّ مَا يستعِنَّهُ
فيُضْحِي طليحًا كالبعيرِ المُحَسَّرِ
وللهِ صُعلُوكٌ صفيحَةُ وجهِهِ
كضوءِ شهابِ القابِسِ المُتَنوِّرِ
مُطلًّا عَلى أَعْدَائِهِ يَزجُرُونَهُ
بساحتِهِمْ زجرَ المنيحِ المُشَهَّرِ
وإنْ بَعُدُوا لَا يَأمَنُونَ اقترابَهُ
تَشَوُّف أهلِ الْغَائِبِ المتنظَّرِ
فذلكَ إنْ يَلقَ المنيةَ يَلقَها
حَميدًا وإنْ يسْتَغْنِ يَوْمًا فأَجْدِرِ
عروة بن الورد العبسيُّ، أحد صعاليك العرب وفرسانها المعدودين، كان يُغِير على البخلاء الأغنياء ويأخذ أموالَهم، ليُوزِّعها على الفقراء، ما أثار إعجابَ البعض، فأثنوا على كرمه وإيثاره وشجاعته. لُقِّب بعروة الصعاليك؛ لأنه كان مَن أفقر مِن العرب ضمَّه إليه.
يعرِضُ لنا النصُّ حوارٍاً دار بين عروة وزوجته سَلْمى التي لامَتْه على تعريض نفسه للهلاك في غاراته التي يشنُّها من أجل فقراء قومه، وفيه يقول:
أقِلِّي عَلَيَّ اللومَ يَا ابْنَةَ مُنذرِ
ونَامِي فإِنْ لمْ تشتَهِي النومَ فاسهَرِي
أحاديثَ تبقَى وَالفَتَى غيرُ خالِدٍ
إذَا هُوَ أَمْسَى هَامةً تَحت صَيِّرِ
فإنْ فَازَ سهمٌ للمنيَّة لم أكُنْ
جزوعًا وَهل عَن ذَاك من مُتأخِّرِ
وإنْ فازَ سهمي كفَّكُمْ عَنْ مَقاعدٍ
لَكُمْ خَلْفَ أدبارِ البُيوتِ ومَنْظَرِ
تقُولُ: لكَ الويلاتُ هلْ أنتَ تارِكٌ
ضَبُوءاً برَجْلٍ تَارَةً وبِمِنْسَرِ
ومُستَثبِتٌ فِي مالِك العام إِنَّنِي
أَرَاك على أقتادِ صرماءَ مُذْكِرِ
فجُوعٍ بهَا للصَّالحينَ مَزِلَّة
مَخُوفٍ ردَاهَا أنْ تُصِيبَك فاحذَرِ
أبَى الخفضَ من يَغْشاكِ مِنْ ذِي قرابة
وَمِن كلِّ سَوْدَاءِ المعاصمِ تعتري
لحى اللهُ صُعلُوكًا إذَا جنَّ ليلُهُ
مُصَافي المُشَاشِ آلفاً كُلَّ مَجزَرِ
يعُدُّ الغِنَى مِنْ دهرِهِ كُلَّ ليلَةٍ
أصابَ قِراهَا مِنْ صدِيقٍ مُيسَّرِ
قَليلَ التماسِ المالِ إلَّا لِنفسِهِ
إذَا هوَ أضحى كالعريش المُجوَّرِ
ينَامُ عِشاءً ثمَّ يُصبِحُ قاعِدًا
يحُتُّ الحَصَى عَنْ جنبِهِ المُتَعفِّرِ
يُعينُ نساءَ الحيِّ مَا يستعِنَّهُ
فيُضْحِي طليحًا كالبعيرِ المُحَسَّرِ
وللهِ صُعلُوكٌ صفيحَةُ وجهِهِ
كضوءِ شهابِ القابِسِ المُتَنوِّرِ
مُطلًّا عَلى أَعْدَائِهِ يَزجُرُونَهُ
بساحتِهِمْ زجرَ المنيحِ المُشَهَّرِ
وإنْ بَعُدُوا لَا يَأمَنُونَ اقترابَهُ
تَشَوُّف أهلِ الْغَائِبِ المتنظَّرِ
فذلكَ إنْ يَلقَ المنيةَ يَلقَها
حَميدًا وإنْ يسْتَغْنِ يَوْمًا فأَجْدِرِ