إسرائيل: ديمقراطية العدوان والتوسع
الثلاثاء / 15 / رجب / 1441 هـ الثلاثاء 10 مارس 2020 02:13
طلال صالح بنان
يوم الاثنين قبل الماضي ذهب الناخبون الإسرائيليون لثالث مرة خلال عامٍ واحد، لاختيار أعضاء الكنيست الجديد (١٢٠ مقعداً). لم يحصل أيٌ من تكتلي (الليكود)، بزعامة بنيامين نتنياهو.. ولا تكتل (أزرق أبيض)، بزعامة بيني غانتس، على الأغلبية اللازمة (٦١ مقعداً) لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
لن تكون مهمة تشكيل الحكومة بالسهلة، بالنسبة لبنيامين نتنياهو.. وهي أبعد احتمال بالنسبة لبيني غانتس. حتى النسبة غير المسبوقة للقائمة العربية المشتركة، رغم ضخامتها (١٥ مقعداً)، لن تشكل، في حالة نجح أيٌّ من التيارين الرئيسين في تشكيل الحكومة، من تَوفُّرِ معارضةٍ فعالةٍ في الكنيست الجديد.
رغم الاحتفالية المنبهرة بالتجربة الديمقراطية الإسرائيلية في الغربِ، بوصفها واحة من الديمقراطية، تحيط بها قِفَارٌ جرداء من المجتمعات الشمولية، إلا أنه في حقيقةِ الأمرِ ديمقراطية إسرائيل لا تختلف كثيراً في جوهرِها عن الأنظمةِ الشموليةِ، التي تأخذ بطقوسِ الديمقراطيةِ الشكليةِ، الخالية تماماً من قيمِ الليبرالية. حتى الجدل بأن الديمقراطية في إسرائيل تسمح للعرب بالمشاركة السياسية، ليس أكثر من كونه «حِلْيَةً» تتزين بها إسرائيل، مصنوعة من «معدنٍ» رخيصٍ وخسيس، وإن يبدو براقاً.
مشكلة النظام السياسي في إسرائيل ميلُه وتوجهه ناحية اليمين الديني المتطرف، انعكاساً للطبيعةِ الصهيونية العنصرية للدولة العبرية، بما لم يحدث منذ قيامها. كلا التيارين الرئيسيين المتنافسين على الساحة الإسرائيلية اليوم، بخلفيتهما الدينية العنصرية المتطرفة، يشكلان مع حزب إسرائيل بيتنا (إفيغادور ليبرمان)، حاز في الانتخابات الأخيرة على سبعة مقاعد، أكثر من ثلثي الحراك السياسي في المجتمع الإسرائيلي. تقريباً لم يعد لليسار وجود (حزب العمل)، الذي سبق وترأس حكومات إسرائيلية، لقرابة أربعة عقود.
إسرائيل، في عهد اليمين الإسرائيلي الديني المتطرف، كيانٌ يعملُ على ترسيخِ واقعِ الدولة العبرية، في هويتها الدينية العنصرية المتطرفة.. وطموحات امتداد إقليمها، الذي يتجاوز أراضي ما بين النهرين (النيل والفرات)، للتوسع جنوباً، حتى بحر العرب.. وشمالاً حتى هضبة الأناضول... وربما أبعد من ذلك. زعماء التيار الرئيسي المتطرف في إسرائيل لا يخفون طموحات إسرائيل التوسعية، في أرض العرب، بحيث تتضاءل أمامها أطماعهم في أرض فلسطين التاريخية، على حساب حقوق الفلسطينيين، وما بها من مقدسات عزيزة على المسلمين والمسيحيين، معاً.
هذه القضايا الاستراتيجية الكبرى والخطيرة، التي تهيمن على حركة الصراع السياسي داخل إسرائيل، تتجاوز حقائق حالة عدم الاستقرار التي تسيطر على ما يظهر من ديمقراطية زائفة للدولة العبرية، هي ما يجب أن يهتم به العرب.. ويثير قلقهم، لا مَنْ يحكمُ إسرائيل الليكود أم تكتل أزرق أبيض.
إسرائيل كيانٌ عنصري عدواني توسعي كارهٌ للسلام، يشكل وجودُه عاملَ عدم استقرارٍ في المنطقةِ.. ويُمَثِّلُ (دوماً) خطراً استراتيجياً قائماً وناجزاً على أمن المنطقة وسلام العالم.
* كاتب سعودي
talalbannan@icloud.com
لن تكون مهمة تشكيل الحكومة بالسهلة، بالنسبة لبنيامين نتنياهو.. وهي أبعد احتمال بالنسبة لبيني غانتس. حتى النسبة غير المسبوقة للقائمة العربية المشتركة، رغم ضخامتها (١٥ مقعداً)، لن تشكل، في حالة نجح أيٌّ من التيارين الرئيسين في تشكيل الحكومة، من تَوفُّرِ معارضةٍ فعالةٍ في الكنيست الجديد.
رغم الاحتفالية المنبهرة بالتجربة الديمقراطية الإسرائيلية في الغربِ، بوصفها واحة من الديمقراطية، تحيط بها قِفَارٌ جرداء من المجتمعات الشمولية، إلا أنه في حقيقةِ الأمرِ ديمقراطية إسرائيل لا تختلف كثيراً في جوهرِها عن الأنظمةِ الشموليةِ، التي تأخذ بطقوسِ الديمقراطيةِ الشكليةِ، الخالية تماماً من قيمِ الليبرالية. حتى الجدل بأن الديمقراطية في إسرائيل تسمح للعرب بالمشاركة السياسية، ليس أكثر من كونه «حِلْيَةً» تتزين بها إسرائيل، مصنوعة من «معدنٍ» رخيصٍ وخسيس، وإن يبدو براقاً.
مشكلة النظام السياسي في إسرائيل ميلُه وتوجهه ناحية اليمين الديني المتطرف، انعكاساً للطبيعةِ الصهيونية العنصرية للدولة العبرية، بما لم يحدث منذ قيامها. كلا التيارين الرئيسيين المتنافسين على الساحة الإسرائيلية اليوم، بخلفيتهما الدينية العنصرية المتطرفة، يشكلان مع حزب إسرائيل بيتنا (إفيغادور ليبرمان)، حاز في الانتخابات الأخيرة على سبعة مقاعد، أكثر من ثلثي الحراك السياسي في المجتمع الإسرائيلي. تقريباً لم يعد لليسار وجود (حزب العمل)، الذي سبق وترأس حكومات إسرائيلية، لقرابة أربعة عقود.
إسرائيل، في عهد اليمين الإسرائيلي الديني المتطرف، كيانٌ يعملُ على ترسيخِ واقعِ الدولة العبرية، في هويتها الدينية العنصرية المتطرفة.. وطموحات امتداد إقليمها، الذي يتجاوز أراضي ما بين النهرين (النيل والفرات)، للتوسع جنوباً، حتى بحر العرب.. وشمالاً حتى هضبة الأناضول... وربما أبعد من ذلك. زعماء التيار الرئيسي المتطرف في إسرائيل لا يخفون طموحات إسرائيل التوسعية، في أرض العرب، بحيث تتضاءل أمامها أطماعهم في أرض فلسطين التاريخية، على حساب حقوق الفلسطينيين، وما بها من مقدسات عزيزة على المسلمين والمسيحيين، معاً.
هذه القضايا الاستراتيجية الكبرى والخطيرة، التي تهيمن على حركة الصراع السياسي داخل إسرائيل، تتجاوز حقائق حالة عدم الاستقرار التي تسيطر على ما يظهر من ديمقراطية زائفة للدولة العبرية، هي ما يجب أن يهتم به العرب.. ويثير قلقهم، لا مَنْ يحكمُ إسرائيل الليكود أم تكتل أزرق أبيض.
إسرائيل كيانٌ عنصري عدواني توسعي كارهٌ للسلام، يشكل وجودُه عاملَ عدم استقرارٍ في المنطقةِ.. ويُمَثِّلُ (دوماً) خطراً استراتيجياً قائماً وناجزاً على أمن المنطقة وسلام العالم.
* كاتب سعودي
talalbannan@icloud.com