معراج
الجمعة / 18 / رجب / 1441 هـ الجمعة 13 مارس 2020 03:02
حسين عبيري
يا فتنة الأضدادِ أَوْجَز غيمنا وتحمَّل الأسْفَارَ، وانتبهتْ لهُ في عين فاتنةٍ تَحُطُّ على الفيافي نبْعَها عينُ القضاءْ، يا فتنة الأبعاد حَطَّتْ رحلةُ الأشياء آخرَها هُنا أرجوحةً للعيدِ ضاحكةً وقد عَكَسَتْ على ماءِ الحياةِ عتابَها، يا رحلة الإيقاع في ناي النهايةِ قد بدأنا ركضنا وتَعَرَّشَ العنبُ المعبَّأ بالأماني يصطلي نار اللقاء وينتشي متعرجًا أعمى على خشب الحياة حَطَّت أواخِرُ صرختي ألوانها وتَشَعَّبت كالعمر أبعادًا وأبعادًا تَسَابَقَ نحْوَها عَرْجٌ يسافرُ صَبرُه يشكي السماءَ حصارَه يبكي إذا انسكبَ الحنين وغيبته مواسم الانتهاء ما كان مكتوبًا يكونْ! حَمَلَ المصابيحَ الأخيرةَ قد أضاء بها دماء العمر في بعض الطلول وهام في غَزْل السماء وليله نجمٌ يراعي نجمةً يمحو عن الوهج الغياب وراح يغرق في مسامات الطريق أضاعهُ دربُ الضبابِ أفاق لا شيءٌ هناك ولا هنا.. يا فتنة الأرجاء صبِّيْ من هوى الأحباب أزمنة تعود إلى الوراء تشققي كي تشربي دمع الصهيل وحنة الناي المسافر في رؤاه أسفاره عَضَّت خطاه قد احتمى ثمَّ انثنى وأناخ من يأس الوصول ركابه وتوسطت أحلامه تلك الجراحُ تشققي كي لا يكون عُبُورُهُ كغروره كي تلتوي أقدامه ويميل للغرب البعيد وينثني ولقاعكِ يهوي وتصعد في سمائك روحهُ مطرًا يعود إليكِ ثانيةً وينمو فيكِ سدرًا من جديد ما كان أغناه الرجوعْ لكنَّه نَبْتٌ يَحِنُّ إلى الجفافِ وغصنه عطشٌ يسافر يَسْتَمِيْتُ لكي يعود لموته ويحنُّ للقيظ الذي لا غيم يحوي شمسه لا شمس تسقيه الظلال! لا ظل عندي لا تفاصيلٌ ولا شيءٌ يرى إذ أستحيل إلى رمالٍ أو رمادٍ في انتظار هوى وجوديًا سيكوي وجهتي وملامح الأرجاء تنثر رغبةً ملأ السوافي صبرها لا ظل لي لكنني بين الظلال وجَدتُني والضائعين نطوف في فلك الوجود وننتشي بالحزن نسقيْ من رماد غنائنا صحراءنا ونطوف مشتعلين في أسمائنا صوتٌ لأمّاتٍ يغنين الرحيل وفوق أردية الغياب كسرمدٍ للعائدين من الخلود إلى الخلود دعاؤهم صوت الرياح يمرّ في سعف النخيل ويرفعون الحُجْبَ أقمار تطوف بنا تُمَدُّ مِنَ الغيابِ كفوفهنَّ من الحريرِ وتَمْنَحُ الأحلى إليَّ صراطها وتصبّ فيّ الحبّ ترياقًا وتمضي كالدعاء إلى السماء ودونها نفسي و... وحدي أستغيث وأستغيث فمن سواكِ ومن يراكِ وأنت تستمعين ليْ والخوف يشرق في صباح الآفلين وأنت تنسحبين من جزعي وتنسابين من حولي وتسجنني الرمال ولستُ من بين التلال ولستُُ من غيم الغمام ولستُ منّي لست إلاكِ ولكني غدوتُ وكلُّ أحلامي ووحدي والرجوع يَؤُمُّني ظلاً تلاشى في الظلام ورحلة عادت إلى يُتمٍ قديمٍ ضائعٍ كاليوم في حَدِّ السنين حياته قيظٌ ورملٌ واحتفاءٌ بالهجيرْ.