اقتصاد

خبراء اقتصاد يجيبون على سؤال: لماذا يتحدى هؤلاء «كورونا»؟

نتائج استطلاعات الخبراء على أبحاث في الاقتصاد السلوكي الذي يقع بين الاقتصاد وعلم النفس

«عكاظ» (باريس)

حاول خبراء اقتصاديون تقديم إجابات عن سؤال بات يشغل كثيرين: لماذا يخرج كثيرون في دول العالم من بيوتهم لتحدي كورونا؟، وهل أصبح العالم مقسوما إلى مجموعتين بين الأشخاص الجديين الذين يبقون في منازلهم حرصا على المصلحة المشتركة وأولئك الذين لا يفكرون سوى بما يسعدهم؟.

واعتمدت نتائج استطلاعات الخبراء على أبحاث في الاقتصاد السلوكي الذي يقع بين الاقتصاد وعلم النفس ويحاول تفسير سبب ظهور سلوكيات غير عقلانية من وجهة نظر محض اقتصادية.

وردت أنجيلا سوتان أستاذة الاقتصاد السلوكي في معهد التجارة الفرنسي «بورغوندي سكول أوف بيزنس» بالقول إن الأمر ليس كذلك لأن هناك مجموعة من المترددين الذين يشكلون غالبية في هذا النوع من الأوضاع بشكل عام.

وأوضحت لوكالة فرانس برس أن «المشكلة هي أن هؤلاء الأشخاص هم الأهم والأخطر»، مشيرة إلى أنهم «إذا لاحظوا أن الآخرين لا يتعاونون فهم يتوقفون عن التعاون».

أحد أهم الخبراء في هذا المجال النمساوي ارنست فير أجرى دراسة في بداية الألفية الثالثة تدل على كيفية تقاسم العادات، انطلاقا من عدد محدد من الأشخاص وضعوا في عزل، وتبين أن ربع هذه العينة تساهم في المصلحة العامة أيا تكن الأوضاع، وهناك ربع لا يفكر إلا بنفسه، أما النصف المتبقي الذي يسمى بـ«المساهمين المشروطين» فينتظر ليرى كيف ستتصرف الأغلبية.

وعبرت سوتان عن أسفها لأن شبكات التواصل الاجتماعي «تميل إلى الإفراط في عرض النماذج السيئة ما يعطي الانطباع بأنه ليس هناك سوى هؤلاء»، مضيفة: «هذا يؤدي إلى دائرة مفرغة». لكن يمكن أن يكون لذلك تأثير مفيد عبر السماح للمستائين بنشر معارضة اجتماعية ستدفع الأنانيين إلى إعادة النظر في كلفة وفوائد سلوكهم.

وقالت سوتان «لديهم انطباع بأنهم يحققون فائدة من التوجه إلى حديقة لأنهم قاموا بعمل شجاع»، لكن «بوجود تهديد باعتراضات على شبكات التواصل الاجتماعي يصبح الأمر مكلفا جدا لأن هذا كل ما نملكه حاليا». وما هو أفضل تكتيك للسلطات لتعميم العزل؟ اللجوء إلى القوة وفرض غرامات بالآلاف على المتنزهين كما حدث في فرنسا وإيطاليا؟ أو التركيز على مسؤولية المواطنين كما فعل ماكرون؟.

ويرى خبراء اقتصاد عديدون أنه مزيج من الأمرين، معتبرين أن الطلب من الفرنسيين كتابة استمارة تعتمد على صدقهم لتبرير تنقلاتهم الاستثنائية خصوصا مفيد.

وقال الباحث نياري أيمار الذي يدرس في جامعة العلوم السياسية في باريس «عندما نوقع ورقة هناك رد فعل نفسي يجعل الناس الذين يميلون إلى احترام القواعد، يسعون إلى احترام تعهدهم». وأضاف أن «هذا التوقيع سيخلق آليات نفسية تقضي باحترام التعهد لتجنب شكل من التضارب في السلوك».

وتابع أنه «لدى غالبية الناس الذين يحترمون أساسا المعايير الاجتماعية، سيعزز الدماغ الانضباط الذاتي». لكن يمكن أن يزول التأثير على الأمد الطويل تبعا لما يفعله آخرون.

وقال أيمار «إذا ظهرت سلوكيات انتهازية، فيمكن أن يتغير موقف الذين يحترمون بطبيعة الحال الأوامر، في الاتجاه الخاطئ». لكنه رأى أنه لا يمكن إطلاق تكهنات في مواجهة وضع غير مسبوق.