انطباعات مقيم في شوارع «العروس».. الوقاية والاحترازات
الثلاثاء / 29 / رجب / 1441 هـ الثلاثاء 24 مارس 2020 03:43
ياسر عبدالفتاح (جدة) okaz_online@
هل سمعت عن الكورونا هنا؟
عن همة الناس وانضباطهم والتزامهم بالنصح ولزوم الديار لحين انجلاء الجائحة الطارئة؟
قبل عقدين ونصف العقد، شغفت كنصف أفريقي، ونصف عربي نيلي من أقاصي السودان بعروس البحر الأحمر، وألف قلبي ناسها وشوارعها ودكاكينها الشعبية ومراكز تسوقها الفخمة. جدة عندي مثل صبية تعبث الريح بضفائرها، كانت كذلك عندما أشرقت شمسها أمامي في أول يوم هبطت فيه على ساحلها. بعد عقدين فاضت المدينة الساحرة ببهائها وتعامدت شمسها مع ناطحات تنسج موج البحر.
حين هبت رياح الكورونا على العالم، أشفقت على من شغفت بها، كيف حال جدة إذن مع الوافد الثقيل، وقد زعزع ثوابت الطب والجغرافيا والتاريخ. ثمة سؤال طاف على مخيلتي، كيف سيواجه السعوديون «كوفيد 19» وقد ألفوا التوادد والأسر الممتدة والتواصل الاجتماعي الفسيح؟ ماذا تفعل وزارة الصحة أمام عشرات الأجناس والطبائع؟ بأي لغة تخاطبهم؟ كيف تصمد العروس أمام هذه الغائلة التي فتكت بالآلاف في روما وبرشلونة ولندن، وهي المدن التي تنافس جدة في البهاء والعلو والسحر والجمال؟
أسئلة مثل هذه لا مجيب لها إلا في رحلة عابرة في شوارع المدينة التي أحببت، قبل أن يدخل عليها ميقات منع التجول، إذن من شارع قابل إلى ميدان البيعة عبوراً بالكندرة ثم التوغل شمالاً حتى الكورنيش البحري. لا صوت يحث المارة على التزام ديارهم، تحالف واسع من الجميع مع التعليمات التي استخدمت فيها السلطات السعودية كل عوامل الجذب دون شطط أو مبالغة، فالمتحدث باسم وزارة الصحة المكلف بتقديم تقرير يومي شفاف عن الحالة العامة، خاطب المتلقين بلغة بسيطة مطمئنة. على ذات النسق سارت وسائل الإعلام التي نجحت في إيصال رسالتها بكل لغات العالم، ففي كل يد قفاز وعلى كل وجه كمامة.. وصلت التدابير حتى لأسطوانات غاز الطبخ، إذ ألزمت الجهات المعنية منافذ بيعها بتعقيمها قبل طرحها في الأسواق. ولم يعد بإمكان أي زائر لمركز تسوق أو منشأة عامة إلا الخضوع لإجراءات فحص الحرارة قبل أن يؤذن له بالعبور.
شد انتباهي خاطرة مقيم، شهد تداعيات كورونا السعودية فكتب:
كشفت كورونا وعي الشعوب، واهتمام الحكومات، لكن الإجراءات التي اتخذتها السعودية كانت فريدة وملفتة حقيقة. فالسعودية التي تمتلئ بالأجناس والعمالة، تتعامل مع الجميع بنحو ما تتعامل مع مواطنيها.
كل شيء تم إعداده بشكل جيد: المستشفيات مقرات العزل، الإجراءات الاحترازية. لا شيء متروكاً للصدفة، كل مكان يمكن أن يحتمل أنه مظان للعدوى تمت محاصرته بإجراءات تحدّ من خطره، القوانين التي سنت والصرامة التي نفذت بها تكشف عن وعي حقيقي. مشهدان لاحظتهما: شرطي يقوم بتقديم التوعية لمواطنين بأسلوب ينم عن الرقي، ويكشف عن أنه تم تأهيله بشكل جيد لأداء مهمته.
وقرار ألزم محلات الغاز بغسل الأسطوانات ونظافاتها وإلاّ فإن المخالفة تعرضها للإغلاق.
كشفت كورونا فاعلية الأنظمة في السعودية وتناغمها وسرعة قرارها.
في الجانب الإعلامي هناك ملايين الرسائل التي تبثها شركات الاتصالات ووزارة الصحة ووزارة الداخلية وحتى البلديات. الإنتاج الإعلامي المبدع أيضاً ظهر خلال هذه الأزمة في الفيديوهات واللوحات والرسائل.
كل شئ يحملك على الامتنان والتقدير.
عن همة الناس وانضباطهم والتزامهم بالنصح ولزوم الديار لحين انجلاء الجائحة الطارئة؟
قبل عقدين ونصف العقد، شغفت كنصف أفريقي، ونصف عربي نيلي من أقاصي السودان بعروس البحر الأحمر، وألف قلبي ناسها وشوارعها ودكاكينها الشعبية ومراكز تسوقها الفخمة. جدة عندي مثل صبية تعبث الريح بضفائرها، كانت كذلك عندما أشرقت شمسها أمامي في أول يوم هبطت فيه على ساحلها. بعد عقدين فاضت المدينة الساحرة ببهائها وتعامدت شمسها مع ناطحات تنسج موج البحر.
حين هبت رياح الكورونا على العالم، أشفقت على من شغفت بها، كيف حال جدة إذن مع الوافد الثقيل، وقد زعزع ثوابت الطب والجغرافيا والتاريخ. ثمة سؤال طاف على مخيلتي، كيف سيواجه السعوديون «كوفيد 19» وقد ألفوا التوادد والأسر الممتدة والتواصل الاجتماعي الفسيح؟ ماذا تفعل وزارة الصحة أمام عشرات الأجناس والطبائع؟ بأي لغة تخاطبهم؟ كيف تصمد العروس أمام هذه الغائلة التي فتكت بالآلاف في روما وبرشلونة ولندن، وهي المدن التي تنافس جدة في البهاء والعلو والسحر والجمال؟
أسئلة مثل هذه لا مجيب لها إلا في رحلة عابرة في شوارع المدينة التي أحببت، قبل أن يدخل عليها ميقات منع التجول، إذن من شارع قابل إلى ميدان البيعة عبوراً بالكندرة ثم التوغل شمالاً حتى الكورنيش البحري. لا صوت يحث المارة على التزام ديارهم، تحالف واسع من الجميع مع التعليمات التي استخدمت فيها السلطات السعودية كل عوامل الجذب دون شطط أو مبالغة، فالمتحدث باسم وزارة الصحة المكلف بتقديم تقرير يومي شفاف عن الحالة العامة، خاطب المتلقين بلغة بسيطة مطمئنة. على ذات النسق سارت وسائل الإعلام التي نجحت في إيصال رسالتها بكل لغات العالم، ففي كل يد قفاز وعلى كل وجه كمامة.. وصلت التدابير حتى لأسطوانات غاز الطبخ، إذ ألزمت الجهات المعنية منافذ بيعها بتعقيمها قبل طرحها في الأسواق. ولم يعد بإمكان أي زائر لمركز تسوق أو منشأة عامة إلا الخضوع لإجراءات فحص الحرارة قبل أن يؤذن له بالعبور.
شد انتباهي خاطرة مقيم، شهد تداعيات كورونا السعودية فكتب:
كشفت كورونا وعي الشعوب، واهتمام الحكومات، لكن الإجراءات التي اتخذتها السعودية كانت فريدة وملفتة حقيقة. فالسعودية التي تمتلئ بالأجناس والعمالة، تتعامل مع الجميع بنحو ما تتعامل مع مواطنيها.
كل شيء تم إعداده بشكل جيد: المستشفيات مقرات العزل، الإجراءات الاحترازية. لا شيء متروكاً للصدفة، كل مكان يمكن أن يحتمل أنه مظان للعدوى تمت محاصرته بإجراءات تحدّ من خطره، القوانين التي سنت والصرامة التي نفذت بها تكشف عن وعي حقيقي. مشهدان لاحظتهما: شرطي يقوم بتقديم التوعية لمواطنين بأسلوب ينم عن الرقي، ويكشف عن أنه تم تأهيله بشكل جيد لأداء مهمته.
وقرار ألزم محلات الغاز بغسل الأسطوانات ونظافاتها وإلاّ فإن المخالفة تعرضها للإغلاق.
كشفت كورونا فاعلية الأنظمة في السعودية وتناغمها وسرعة قرارها.
في الجانب الإعلامي هناك ملايين الرسائل التي تبثها شركات الاتصالات ووزارة الصحة ووزارة الداخلية وحتى البلديات. الإنتاج الإعلامي المبدع أيضاً ظهر خلال هذه الأزمة في الفيديوهات واللوحات والرسائل.
كل شئ يحملك على الامتنان والتقدير.