ما حقيقة وثيقة البراءة لفايروس كورونا في 2004؟
الأربعاء / 01 / شعبان / 1441 هـ الأربعاء 25 مارس 2020 23:21
أسماء بوزيان (باريس)
مرة أخرى، انتشرت الإشاعات على الإنترنت بشأن الفايروس المستجد كوفيد 19، محتواها فيديو تداوله رواد الإنترنت بشكل هستيري، وسبب هلعا كبيرا لدى مشاهديه عبر العالم.
اطلعت "عكاظ" على الفيديو منذ نشره في الأيام الأولى، مدته 20 دقيقة، نشر هذا الفيديو من حساب شخص يدعى «Cat Antonio (Medusa)»، قيل في تحليلات الإعلام الفرنسي إنه فرنسي من أصل إيطالي، يعيش في فرنسا وشارك في مظاهرات السترات الصفر عدة مرات بباريس.
وفي هذا الفيديو، يحاول شاب تقديم معلومات حول انتشار الفايروس المستجد، على أنه من صنع معهد باستور الفرنسي بالتعاون مع باحثين من معهدي CNRS و Inserm.
ويقول صاحب الفيديو: «الساعة خطيرة (...) السلطات الفرنسية تكذب بشأن وباء Covid-19، الذي هو في الأصل فايروس اخترع بفرنسا كسلاح كيماوي حيوي ولديه براءة اختراع مسجلة وموجودة برقمها التسلسلي على الانترنت».
وطبعا يحيل صاحب الفيديو، المشاهدين إلى وثيقة تم تحميلها من الإنترنت تشير إلى براءة اختراع تم تقديمها في 2004 تحمل رقما محليا فرنسيا ورقما دوليا ( الوثيقة من 320 صفحة).
وزعم صاحب الفيديو أن «فريقًا» من «عدة أشخاص» عمل على التحقق من الأدلة التي سيعرضها، مشيرا إلى أن جميع المعلومات يمكن التحقق منها، حيث يكفي كتابة رقم براءة الاختراع في محرك البحث جوجل وتحميل الوثيقة.
وقد عرض مقدم الفيديو الوثيقة التي هي مواصفات براءة اختراع أوروبية مسجلة في 02/ 12/ 2004 تحت رقما محليا ورقما دوليا وتحمل عنوان: «سلالة جديدة من الفايروس التاجي (كورونا فايروس) ترتبط بسارس وتطبيقاته».
إلى هنا الموضوع بدا جديا، وأن الأمر يتعلق باختراع الفايروس التاجي من قبل علماء فرنسيين. لكن المعلومات المقدمة هي في الحقيقة قراءة خاطئة وسوء فهم للوثيقة والمصطلحات العلمية الموجودة بوثيقة براءة الاختراع. وبالتالي، فإن 20 دقيقة من الفيديو توفر تحليلاً يعتمد على سوء فهم للوثيقة الأصلية والحقيقية المحملة من الأنترنت بسهولة، حول مواصفات براءات اختراع أوروبية تحمل شفرة («EP 1 694 829 B1»).
والحقيقة أن الوثيقة تتعلق باكتشاف سلالة أخرى من الفايروس التاجي، والتي تعود إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وبالتالي، فإن براءة الاختراع هذه ليست دليلاً على ختراع فايروس، بل تصف براءة الاختراع 2004 اكتشاف فايروس كورونا (الذي هو أنواع) ثم اختراع إستراتيجية لقاح ضد هذا الفايروس، وليس اختراع الفايروس نفسه. كما أنه لم يتم اختبار «بروتوكول اللقاح» على البشر لأن الوباء انتهى عندما تم تجهيز اللقاح للاختبار.
يفرط صاحب الفيديو في تفسير مصطلح «المخترع» الذي يستخدم لتعيين أصحاب براءات الاختراع، وليس مخترعي الفايروس المحتمل. بالإضافة إلى ذلك، إذا كانت هذه البراءات حقيقية، فهي تشهد على اكتشاف فايروس ولكن ليس على صنعه. حسب تصريحات مدير معهد باستور.
ولتأكيد ما يقوله صاحب الفيديو، فإنه إلى وقائع زيارة الوزير الأول سابقا، برنارد كازنوف، إلى يوهان لتدشين المختبر المشار إليه في الفيديو في 2017، غير أن كازنوف كان مرفوقا بزوج وزير الصحة السابق آنياس بوزي (المتهمة بتدهور قطاع الصحة اليوم بفرنسا)، زوجها الذي هو إيف ليفي، الرئيس التنفيذي لمعهد Inserm والتي أشار الفيديو إلى تعاون علمائها مع معهد باستور في اختراع الفايروس.
وسائل الإعلام الفرنسية دافعت عن ما أثاره الفيديو حول زيارة الوزير الأول يابقا برنارز كازنوف ومدير معهد Inserm، إيفليفي، بالقول «إن وجود الوفد الفرنسي يندرج في إطار التعاون الفرنسي الصيني من أجل مكافحة الأمراض المعدية الناشئة والبحث حول مسببات الأمراض المعدية».
وانتشر الفيديو بشكل واسع، وخلق جدلا كبيرا في الأوساط الفرنسية، مما اضطر معهد باستور إلى نشر بيان صحفي لتكذيب جميع المعلومات الزائفة المقدمة من قبل صاحب الفيديو الذي أشار إلى أن الفايروس مؤامرة كبرى من فرنسا ضد الإنسانية.
وأهم ما جاء في البيان الصحفي لمعهد باستور، تصحيح بعض المغالطات التي جاءت في الفيديو وخاصة منها العلمية، وأن المعهد لم يخترع COVID-19 ولا الفايروس الأصلي Sars-CoV-2. بل إن معهد باستور اخترع في عام 2004 بروتوكول لقاح، ضد فايروس تاجي سابق يسمى سارس - CoV - 1 .
وفقًا للبيان الصحفي صادر عن معهد باستور، فإن براءة الاختراع تتعلق بالسارس - CoV - 1 (المسؤول عن ما يسمى بمرض السارس الذي ظهر في 2002-2003)، والذي يختلف تمامًا عن السارس CoV-2 (المسؤول عن ما يسمى بمرض كوفيد 19 في 2019-2020).
ومما جاء أيضا في البيان الصحفي لمعهد باستور «إن مهمة المعهد هي العمل على جميع الفايروسات الناشئة، وخاصة الفايروسات التاجية، وهناك عدة أنواع من الفايروسات التاجية».
لا يمكن القول إن الفايروس هرب من مختبر P4 الموجود في ووهان، كما يدعي الفيديو، فمعهد ووهان للفايروسات يمتلك مختبرًا عالي الأمان منذ عام 2017.