كتاب ومقالات

الهيمنة الألمانية وحرب الأقنعة

أريج الجهني

عندما يطرق الفقر الباب يهرب الحب من الشباك.. حكمة ألمانية نستهل بها لنفهم عنجهيتها وجبروتها تجاه جارتها الرشيقة والمغناجة إيطاليا التي تقول إن اللعنات كالمواكب تعود إلى نقطة الانطلاق لكن مهلا في لعنة الكورونا لم تعد اللعنة على الصين، بل اجتاحت العالم وجعلت الصين جوكر المرحلة، بل جعلت إيطاليا تنزل علم الاتحاد الأوروبي وترفع العلم الصيني، فألمانيا أحكمت قبضتها المتسلطة على المعونات الطبية وصاح الشباب الأوروبي (الاتحاد مجرد خرافة)، ولك أن تعرف أن الصين أرسلت ٦٨٠ ألف قناع وأجهزة تنفس واستولت عليها التشيك، وحظرت المعلمة الصارمة ألمانيا شاحنة سويسرية تحمل ٢٤٠ ألف قناع على الحدود، واندلعت النيران بين حكومة النمسا واستدعوا السفيرة الألمانية وتراشقت الصحف الإيطالية والأوروبية، وجاء الإنجليز بحكمتهم المعهودة ليطالبوا بضرورة إعادة النظر ببقاء الاتحاد الأوروبي من عدمه؟

اليسار واليمين لا تعلم (أشكيك لمين؟)، النيوليبراليزم تنهار ويفتك بجسدها هذا الفايروس وأصوات شماتة الاشتراكيين وقهقهتم على كذبة التجارة الحرة تتصاعد، في حين يتقدم اقتصاد ألمانيا على إيطاليا باثنين ترليون تقريبا تجد أن الأولى تمارس قهرا واضحا تجاه الثانية وكأنها تعيد للأذهان مناوشاتهم عبر التاريخ، وكأنه كتب لنا أن نرى مأساة بشرية جديدة، فعداد الوفيات حول العالم في ازدياد ولم تعد مفاهيم الصورة الذهنية والقوة التاريخية مجدية، فالصين الآن خرجت من ثوب المُتهم لثوب محامي الدفاع عن الكوكب، تجاهلت آلامها والعنصرية ضدها وتكبر الغرب لتقول أنا هنا لأساعدكم.

ما سبق لمحة سريعة عن المشهد العالمي، لكن ما الذي يهمني أنا كمواطنة سعودية مما ورد أعلاه، لعل هذه المحنة تجعلنا أكثر رحمة ببعضنا البعض وأكثر تأنياً، نعم فالصبر وطولة البال أول ما يمكنك أن تلمحه دون تدقيق في موقف الصين من الأزمة؛ فهي لم تستسلم بل فرضت الحجر وكانت صارمة جدا، وكان العالم يشاهد بين متشمت وبين غاضب وبين مستهزئ الصين أدارت ظهرها وأكملت علاجها، وبعد أن بدأت بالتعافي طبقت الحكمة الصينية القائلة عندما تفشل في تخطيطك فأنت تخطط لفشلك! هكذا ببساطة انطلقت الصين ثاني أكبر اقتصاد على الأرض ليواسي البشرية في مصابهم، قالوا إنهم هم السبب! وإنه صنيعتهم، كان يمكنهم أن يأخذوا هذه الاتهامات حتى إن كانت تحمل جانبا من الصحة ويمتنعوا عن المساعدة، لكنهم فضلوا السلام!

ألمانيا وحرب الأقنعة وقسوة الأنظمة الأوروبية على البشر أضرت مجتمعاتهم كثيرا، وهاجر من شبابهم وعقولهم الكثير، ارتفاع الضرائب وتكلفة المعيشة في كفة وانهيار النظام الصحي في كفة قصمت ظهر الكيان، وجعلت الدعوات لتفكك الاتحاد أمرا شبه محسوم، وهذا أمر محزن جدا، فالتاريخ الإنساني للمجتمعات البشرية فضحها فايروس لا تراه العين ولا تصدقه العقول، الهيمنة فكرة قبل أن تكون قوة حقيقية، لهذا حق لنا أن نعتبر المملكة العربية السعودية سيدة العالم فالأرقام والأحداث تدعم هذا، ومنع التجول ودعم الدولة وقادتنا يجب أن نضعه في صميم قلوبنا ونتذكر أن هذا الوطن آمن بالإنسان وحق علينا أن نستجيب.

* كاتبة سعودية

areejaljahani@gmail.com