أردوغان الحقيقي
الأربعاء / 02 / شعبان / 1441 هـ الخميس 26 مارس 2020 00:41
نورا المطيري
عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بسبب تفشي فايروس «كورونا» المستجد، بدا أردوغان خائفاً مرعوباً، وبين إحساسه العميق بأنه قد يكون مصاباً بالفايروس الصغير وبين الحرب الشرسة التي مزقته والتي يشنها رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داوود أوغلو ونائبه علي باباجان، بدا المتغطرس يرتجف كأنه طالب قد كسر زجاج الصف وجاء المدير لمعاقبته وتهذيبه.
كان الحديث مع الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، حيث تناقش الرؤساء الثلاثة مسبقاً بضرورة وضع حد لتدخلات أردوغان في سوريا وليبيا، وكذلك لأزمة اللاجئين التي افتعلها، ولدفعه للإفصاح عن حجم انتشار المرض في تركيا، وحجم تفشيه بين اللاجئين الذين أرسلهم إلى الحدود.
قبل ذلك بساعات، وتحت ضغط الشارع التركي الذي بدأ يستجيب بقوة لنداء أوغلو وباباجان، كان مكتب أردوغان يعج باللغط والصراخ، كان يركض مهرولاً بين موظفي المكتب، يصرخ على هذا ويلعن ذاك، يطرد مستشارين ويعين آخرين في دقائق، يمزق أوراقاً ويجلس على الأرض يدقق أخرى، كان يريد معلومات وأرقاماً يضعها بين يدي القادة الأوروبيين، تظهره قوياً في كل الملفات، ولكن الأوراق كلها تثبت عكس ذلك تماماً.
اقترب أكتاي حذراً وهو يحمل ورقة مقترحات، عمل عليها طوال اليومين السابقين، فوقف أردوغان وطلب منه أن يقترب أكثر، لكن أكتاي تراجع خطوة، فاقترب منه أردوغان وهو يصر على أسنانه، وسحب منه الورقة وراح يطالعها، فوجد في رأس الصفحة الأولى: «تطورات اللجنة الدستورية السورية، وخطوات حول المنطقة الآمنة في شمال سوريا، وحجم المساعدات المقدمة للاجئين» فابتسم أردوغان، وظن أكتاي أنه قد تمكن من إرضائه، فنظر حوله متفاخراً أمام جميع موظفي مكتب الرئيس التركي، لكن أردوغان تراجع عن ابتسامته وصرخ في وجه أكتاي: اطلع بره افندم.
هرب أكتاي مولولاً، فراح جميع الموظفين يضحكون ساخرين من أكتاي، لكن أردوغان صرخ، ماذا يحدث لكم، لماذا تحاولون إذلالي، لا شك أن أوغلو وباباجان قد اشتريا ذممكم، وشعر بالوهن ووقع مغشياً عليه.
جلس مسؤول الرعاية في المكتب قرب رأس أردوغان يقرأ عليه بعض التعويذات، قال أحدهم: «قد يكون مصاباً بالفايروس، ماذا نفعل؟ القمة عبر الفيديو بعد أقل من ساعتين». قال آخر، فلنحضر البديل على الفور، أعتقد أنه موجود في الغرفة الخاصة رقم 3، ركض اثنان من الموظفين باتجاه الغرفة، سحبا الرئيس البديل، بدأ فريق العمل على وضع الماكياج والرتوش وراح البديل يقلد الحركات، قدموا له ورقة يتحدث بها عبر الفيديو لمراجعتها، سأل عن بعض الكلمات غير المفهومة، صححوا له الكلمات، وقاموا بإجلاسه أمام الكاميرا، استيقظ أردوغان وهو يراقب ما يفعلون، لم يلحظ أحد ذلك، قال البديل: ما رأيكم أن أعلن استقالتي، ضحك الجميع، لكن أردوغان الحقيقي وقف فجأة، وقرر مهاجمة البديل، لكنهم منعوه بقوة: فصرخ بأعلى صوته: أنا أردوغان الحقيقي.
* روائية وباحثة سياسية
Noura_almoteari@yahoo.com
كان الحديث مع الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، حيث تناقش الرؤساء الثلاثة مسبقاً بضرورة وضع حد لتدخلات أردوغان في سوريا وليبيا، وكذلك لأزمة اللاجئين التي افتعلها، ولدفعه للإفصاح عن حجم انتشار المرض في تركيا، وحجم تفشيه بين اللاجئين الذين أرسلهم إلى الحدود.
قبل ذلك بساعات، وتحت ضغط الشارع التركي الذي بدأ يستجيب بقوة لنداء أوغلو وباباجان، كان مكتب أردوغان يعج باللغط والصراخ، كان يركض مهرولاً بين موظفي المكتب، يصرخ على هذا ويلعن ذاك، يطرد مستشارين ويعين آخرين في دقائق، يمزق أوراقاً ويجلس على الأرض يدقق أخرى، كان يريد معلومات وأرقاماً يضعها بين يدي القادة الأوروبيين، تظهره قوياً في كل الملفات، ولكن الأوراق كلها تثبت عكس ذلك تماماً.
اقترب أكتاي حذراً وهو يحمل ورقة مقترحات، عمل عليها طوال اليومين السابقين، فوقف أردوغان وطلب منه أن يقترب أكثر، لكن أكتاي تراجع خطوة، فاقترب منه أردوغان وهو يصر على أسنانه، وسحب منه الورقة وراح يطالعها، فوجد في رأس الصفحة الأولى: «تطورات اللجنة الدستورية السورية، وخطوات حول المنطقة الآمنة في شمال سوريا، وحجم المساعدات المقدمة للاجئين» فابتسم أردوغان، وظن أكتاي أنه قد تمكن من إرضائه، فنظر حوله متفاخراً أمام جميع موظفي مكتب الرئيس التركي، لكن أردوغان تراجع عن ابتسامته وصرخ في وجه أكتاي: اطلع بره افندم.
هرب أكتاي مولولاً، فراح جميع الموظفين يضحكون ساخرين من أكتاي، لكن أردوغان صرخ، ماذا يحدث لكم، لماذا تحاولون إذلالي، لا شك أن أوغلو وباباجان قد اشتريا ذممكم، وشعر بالوهن ووقع مغشياً عليه.
جلس مسؤول الرعاية في المكتب قرب رأس أردوغان يقرأ عليه بعض التعويذات، قال أحدهم: «قد يكون مصاباً بالفايروس، ماذا نفعل؟ القمة عبر الفيديو بعد أقل من ساعتين». قال آخر، فلنحضر البديل على الفور، أعتقد أنه موجود في الغرفة الخاصة رقم 3، ركض اثنان من الموظفين باتجاه الغرفة، سحبا الرئيس البديل، بدأ فريق العمل على وضع الماكياج والرتوش وراح البديل يقلد الحركات، قدموا له ورقة يتحدث بها عبر الفيديو لمراجعتها، سأل عن بعض الكلمات غير المفهومة، صححوا له الكلمات، وقاموا بإجلاسه أمام الكاميرا، استيقظ أردوغان وهو يراقب ما يفعلون، لم يلحظ أحد ذلك، قال البديل: ما رأيكم أن أعلن استقالتي، ضحك الجميع، لكن أردوغان الحقيقي وقف فجأة، وقرر مهاجمة البديل، لكنهم منعوه بقوة: فصرخ بأعلى صوته: أنا أردوغان الحقيقي.
* روائية وباحثة سياسية
Noura_almoteari@yahoo.com