كتاب ومقالات

أمريكي لبريطاني: من حسن حظنا أن الوباء حصل ونحن في السعودية!

#يوميات_المنع_في_كاوست (٢)

علي مكي

حتى قبل منتصف مارس الماضي، أو على الأدق حتى قبل انتهاء ثلثه الأول، وإذا كنتَ ممن يستيقظون مع الفجر في «كاوست»، فإنه ليس جديداً عليك إذا خرجت ماشياً للصلاة، مثلاً، أو بعد ذلك للنزهة قليلاً واستنشاق نسمات الصباح الهادئة اللطيفة، أن ترى من يركضون، وترى مجموعات يمارسون رياضة الدراجات، وثمة من يهرول، وهناك من يمسك سلسلة أو حبلاً يجرّ حيواناته الوادعة لتشاركه متعة شروق الشمس وكأنّ الجميع يشاهدون هذا المنظر لأول مرة، أخالهم يودون أن يصرخوا قائلين: سبحان الخالق.. يا لهذه المعجزة!. ليس هذا فقط، فحتى لو كان لديك وقت وراحت قدماك تكتبان خطوات جديدة ومتسعة لتطيل بك المقام في رحلة تأملية خاصة، فإنك سترى الأندية اللياقية تضيئها حياة الناس والمجتمع داخلها، كلٌّ في رياضته أو على جهازه البدني المفضل، نساءً ورجالاً، كل جنس منهما في حيّزه المخصص والمعدّ له بكامل التجهيزات الخاصة!.

أما الآن، فقد تغيرت المشاهد تماماً، وأبدى مجتمع «كاوست» الذي تشكّله أكثر من ١٠٠ جنسية من مختلف أنحاء العالم التزاماً تاماً وكاملاً بكل التوصيات التي أعلنتها الحكومة السعودية عبر وزارتي الداخلية والصحة، فتم إغلاق كل الصالات الخاصة باللياقة البدنية حتى انتهاء الأزمة، واكتفت المساجد السبعة، بما فيها جامع الملك عبدالله رحمه الله، والذي يتسع لعدد ٢٠٠٠ مصلٍ، اكتفت كلها برفع الأذان فقط، وإقامة الصلاة للمسلمين في بيوتهم. ليس هذا فحسب، بل تم أيضاً تنظيم دوام المطاعم من ١١ صباحا إلى ٩ مساء، على أن تكون الطلبات خارجية وفوق ذلك أن تكون عبر شبكة الإنترنت في ظل المنع المفروض، ويتم توصيل كل ذلك في غضون فترة بسيطة لا تتجاوز النصف ساعة.

في (التميمي)، أي في مركز التسوق الكبير، يستقبل الزائرَ المضطر للشراء متطوعون من موظفي «كاوست»، مهمتهم تنظيم الدخول إلى المكان، والتأكد من تعقيم أيديهم بشكل صحيح ولبس القفازات المعقمة أساساً، فضلاً عن تعقيمهم قبلاً لكل عربات التسوق الموجودة قبالة المركز، وتم أيضاً إنشاء ممرات خاصة على طريقة الثعبان كما يحدث في تفتيش المطارات، مع تحديد نقطة أو دائرة حمراء كبيرة لنقطة وقوف المتسوق حيث يفصل بين كل دائرة وقوف وأخرى حوالى متر ونصف المتر، على أن لا يدخل كل متسوق إلّا بعد خروج الذي دخل قبله في أعلى درجات الاحترازية التي تقدمها «كاوست» لمجتمعها.

هل أقول لكم إنه حين انتظاري للدخول لمركز التسوق في «كاوست» كنت أرى ملامح الاطمئنان على وجوه معظم الجنسيات وهم يتبادلون الأحاديث عن جائحة (كورونا)، بل إنني أصغيت سمعي لزميل أمريكي يقول لآخر أرجح أنه من جنسية بريطانية: من حسن حظنا أن وباء كهذا هجم على عالمنا فجأة ونحن في السعودية.. الأمور هنا أكثر طمأنينة من أي مكان آخر!