التنميط.. بين التعميم والتحقق.. سمات ذات أبعاد أخلاقية
الجمعة / 17 / شعبان / 1441 هـ الجمعة 10 أبريل 2020 00:33
أروى المهنا (الرياض) arwa_almohanna@
أثارت حادثة شخصية في جامعة هارفارد عام 2011 حفيظة الدكتور حسن الشريف، الباحث الزائر بقسم الفلسفة في أمريكا، بشأن التنميط، وأشعلت لديه العديد من الأسئلة، بعد أن فوجئ بطلب أمن الجامعة منه مغادرتها خلال ساعات من زيارته، بناء على طلب من إحدى موظفات الجامعة، التي بدا لاحقا أنها كانت تحت تأثير صورة نمطية ضد الشرق أوسطيين، جعلتها أكثر ريبة تجاههم.
يعرف التنميط على أنه عملية تعميم سمات معينة على فئة ما من البشر دون استقراء إحصائي. ولو نظرنا لجوهر التنميط لوجدنا أنها آلية التعميم. والتعميم آلية تطورية ساعدت الإنسان على البقاء. فحياة الإنسان مرتبطة بجملة من القرارات السليمة، وحتى يقرر الإنسان الخيار الأفضل بالنسبة له، يحتاج إلى حد أدنى من إدراك العالم الذي يعيش فيه. ولأن الإنسان يعيش في عالم يفتقر فيه إلى اليقين في الكثير من الأشياء حوله، ولأن التحقق من كل قضية يتطلب جهدا ذهنيا كبيرا ومتطلبات قد لا تكون متوفرة، فإن التعميم يكتسب عقلانية برجماتية.
فالتعميم يوفر لنا الكثير من الجهد والوقت، من خلال عزو صفات عناصر ما إلى بقية المجموعة التي تنتمي إليها. وبذلك يوفر لعقولنا ما يساعدها على بناء قراراتنا عندما نفتقد إلى الحد الأدنى من اليقين. فمثلا، قرار الإنسان العادي بتجنب الاقتراب من الثعابين، أمر مبني على تعميم صفة السميّة على جميع الثعابين، ورغم أن هذه قضية خاطئة علميا إلا أنني أتفهم عقلانية هذا التعميم، خصوصا من شخص عادي محدود الوقت والطاقة.
ويرى الشريف أن العقلانية البرجماتية، على حسب وصفه، تغري بها آلية التعميم وهي التي ما جعلت كثيرا من الناس يميل إلى التنميط «فالتنميط ليس إلا استخدام آلية التعميم لكن مع البشر. فهي تساعد الإنسان على تبسيط تعقيدات العالم الاجتماعي عن طريق تصنيف الناس إلى مجموعات، لكل مجموعة سمات معينة، بدل اعتبار كل إنسان حالة متفردة، وهو ما يساعده على تعاملاته مع الآخر. ما يجدر لفت الانتباه له، هو أن تلك العقلانية البرجماتية للتعميم محدودة. إذ ليس بمقدور التعميم دائما أن يزود عقولنا بما يساعدها على رؤية الخيار الأفضل، وذلك لمحدودية قدرته على إنتاج معرفة تجعلنا أكثر فهماً للعالم. من هنا بدت الحاجة لوضع قيود إحصائية على التعميم حتى تزيد قدرته على إنتاج المعرفة، فظهر ما يُعْرف بالاستقراء الإحصائي، الذي هو جزء أساسي من المنهج العلمي».
ويضيف «وبما أن التنميط هو تعميم غير ملتزم بالاستقراء الإحصائي، فهذا كفيل بأن يجعل استخدامنا له محاطاً بالكثير من الحذر. يتجلى ذلك الحذر في عدة أمور، منها: التحكم في ميلنا للتنميط، لا سيما مع ظهور الثورة المعلوماتية التي جعلت كثيرا من اللجوء إلى التنميط كسلاً معرفيا أكثر منه اضطرارا براجماتيا. ثانيا، اعتبار ما ينتج من التنميط ظناً لا يرقى إلى منزلة المعرفة. وأخيرا، مقاومة ميلنا لتعزيز الصور النمطية، وذلك بأن نكون أكثر حساسية للحالات المضادة لها، وما يلزم من ذلك من مراجعة لتلك الصور».
ويرى أن ازدياد أهمية توخي الحذر في استخدامنا للتنميط، عندما يكون لذلك أبعاد أخلاقية كأن يتسبب في التمييز ضد شخص ما فقط لأنه ينتمي إلى فئة معينة من الناس تعاني من تنميط ما، أو في زيادة عدم المساواة بين فئات المجتمع، لا سيما إذا وضعنا في عين الاعتبار أن العلاقة ما بين التنميط ضد فئة ما واضطهادها غالبا علاقة ديناميكية على حسب وصفه «فالتنميط ضد المرأة بأنها ذات قدرات قيادية متدنية سبب في ندرة وجودها في المناصب القيادية، وندرة وجودها في المناصب القيادية تعزز من تلك الصورة النمطية عنها. ومع ذلك فإنني لا أرى هناك محظورا أخلاقيا -من حيث المبدأ- في أن يقوم التنميط بدور ما في صنع قراراتنا الأخلاقية، بشرط أن يكون ذلك اضطرارا لا كسلا معرفيا، وقابلا للمراجعة عندما يعنّ لنا ما يدعو إلى ذلك».
يعرف التنميط على أنه عملية تعميم سمات معينة على فئة ما من البشر دون استقراء إحصائي. ولو نظرنا لجوهر التنميط لوجدنا أنها آلية التعميم. والتعميم آلية تطورية ساعدت الإنسان على البقاء. فحياة الإنسان مرتبطة بجملة من القرارات السليمة، وحتى يقرر الإنسان الخيار الأفضل بالنسبة له، يحتاج إلى حد أدنى من إدراك العالم الذي يعيش فيه. ولأن الإنسان يعيش في عالم يفتقر فيه إلى اليقين في الكثير من الأشياء حوله، ولأن التحقق من كل قضية يتطلب جهدا ذهنيا كبيرا ومتطلبات قد لا تكون متوفرة، فإن التعميم يكتسب عقلانية برجماتية.
فالتعميم يوفر لنا الكثير من الجهد والوقت، من خلال عزو صفات عناصر ما إلى بقية المجموعة التي تنتمي إليها. وبذلك يوفر لعقولنا ما يساعدها على بناء قراراتنا عندما نفتقد إلى الحد الأدنى من اليقين. فمثلا، قرار الإنسان العادي بتجنب الاقتراب من الثعابين، أمر مبني على تعميم صفة السميّة على جميع الثعابين، ورغم أن هذه قضية خاطئة علميا إلا أنني أتفهم عقلانية هذا التعميم، خصوصا من شخص عادي محدود الوقت والطاقة.
ويرى الشريف أن العقلانية البرجماتية، على حسب وصفه، تغري بها آلية التعميم وهي التي ما جعلت كثيرا من الناس يميل إلى التنميط «فالتنميط ليس إلا استخدام آلية التعميم لكن مع البشر. فهي تساعد الإنسان على تبسيط تعقيدات العالم الاجتماعي عن طريق تصنيف الناس إلى مجموعات، لكل مجموعة سمات معينة، بدل اعتبار كل إنسان حالة متفردة، وهو ما يساعده على تعاملاته مع الآخر. ما يجدر لفت الانتباه له، هو أن تلك العقلانية البرجماتية للتعميم محدودة. إذ ليس بمقدور التعميم دائما أن يزود عقولنا بما يساعدها على رؤية الخيار الأفضل، وذلك لمحدودية قدرته على إنتاج معرفة تجعلنا أكثر فهماً للعالم. من هنا بدت الحاجة لوضع قيود إحصائية على التعميم حتى تزيد قدرته على إنتاج المعرفة، فظهر ما يُعْرف بالاستقراء الإحصائي، الذي هو جزء أساسي من المنهج العلمي».
ويضيف «وبما أن التنميط هو تعميم غير ملتزم بالاستقراء الإحصائي، فهذا كفيل بأن يجعل استخدامنا له محاطاً بالكثير من الحذر. يتجلى ذلك الحذر في عدة أمور، منها: التحكم في ميلنا للتنميط، لا سيما مع ظهور الثورة المعلوماتية التي جعلت كثيرا من اللجوء إلى التنميط كسلاً معرفيا أكثر منه اضطرارا براجماتيا. ثانيا، اعتبار ما ينتج من التنميط ظناً لا يرقى إلى منزلة المعرفة. وأخيرا، مقاومة ميلنا لتعزيز الصور النمطية، وذلك بأن نكون أكثر حساسية للحالات المضادة لها، وما يلزم من ذلك من مراجعة لتلك الصور».
ويرى أن ازدياد أهمية توخي الحذر في استخدامنا للتنميط، عندما يكون لذلك أبعاد أخلاقية كأن يتسبب في التمييز ضد شخص ما فقط لأنه ينتمي إلى فئة معينة من الناس تعاني من تنميط ما، أو في زيادة عدم المساواة بين فئات المجتمع، لا سيما إذا وضعنا في عين الاعتبار أن العلاقة ما بين التنميط ضد فئة ما واضطهادها غالبا علاقة ديناميكية على حسب وصفه «فالتنميط ضد المرأة بأنها ذات قدرات قيادية متدنية سبب في ندرة وجودها في المناصب القيادية، وندرة وجودها في المناصب القيادية تعزز من تلك الصورة النمطية عنها. ومع ذلك فإنني لا أرى هناك محظورا أخلاقيا -من حيث المبدأ- في أن يقوم التنميط بدور ما في صنع قراراتنا الأخلاقية، بشرط أن يكون ذلك اضطرارا لا كسلا معرفيا، وقابلا للمراجعة عندما يعنّ لنا ما يدعو إلى ذلك».