سقوط الأقنعة
الجمعة / 24 / شعبان / 1441 هـ الجمعة 17 أبريل 2020 00:48
أسامة يماني
أشياء كثيرة مهمة معلومة لدى البعض منذ عشرات السنوات، ومع ذلك أكثر الناس أو المختصين على وجه الخصوص لا يلتفتون لها، لأنهم محكومون بما ألفوا من عادات وتقاليد ومفاهيم وثقافة.
أنا أرى أن التغيير قادم لأن الأقنعة مهما طال بقاؤها فهي ساقطة لا محالة، فالتغيير سنة من سنن الحياة ودورة من دورات التاريخ.
والواقع أن الأخطاء التي يُعاد استنساخها وارتكابها هي نتيجة خلل في طريقة التفكير والقناعات والمفاهيم، وهي دلالة واضحة على الضعف والمرض والتخلف، لهذا لن ينفع امتلاك مبنى مدرسة متطور طالما الفكر الذي يدير المبنى يعيش في الماضي، وبنفس القناعات والمنطلقات التي عفا عليها الزمن. وإن تصويب الأخطاء والسعي للتطوير لن يكون بتعديل الشكل وإنما بتغيير الفكر والمفاهيم والمضمون، وبدون ذلك سوف نذهب في سعينا إلى طريق مسدود.
اليوم يُعيد الكهنوت في كل مكان استنساخ أخطائه؛ فاليهود المتشددون في إسرائيل، والمسيحيون المتشددون في أمريكا، والمسلمون المتشددون، وكذلك بعض الهندوس والسيخ وغيرهم، لايزالون يكررون نفس الأخطاء، وذلك برفضهم التباعد الاجتماعي.
لقد كشف فايروس كوفيد 19، قناع كثير من المتدينين الشكليين؛ وهذا الحظر والتباعد الاجتماعي المطلوب، أسقط القناع الذي يلبسونه. فجلوسهم مع أسرهم وعوائلهم كشفهم، وأصبحت بعض هذه الأسر والعوائل والزوجات والأبناء والبنات يشتكون من آبائهم وإخوانهم بسبب سوء أخلاقهم، لأن التدين الشكلي بعيد عن الخلق.
استغل هذا الوباء والأوضاع التي ترتبت عليه بعض المتنطعين والمتشددين لتخويف الناس والتهويل والتحذير بدلًا من التوعية والإرشاد والتنوير.
ولولا حزم الدولة وعزمها على الحفاظ على الإنسان لوقعت كوارث عديدة. ولو كان الأمر بيد المتشددين والمتأدلجين لكان المصير مثل إيران هلاكاً ودماراً باسم الدين.
لقد أصاب الطاعون الصحابيين الجليلين أبوعبيدة عامر بن الجراح ومعاذ بن جبل، كما أصاب الصحابة والمسلمين في خلافة عمر بن الخطاب القحط والجفاف.
إن الأوبئة والجوائح والزلازل وغيرها من أمور كونية مثل الليل والنهار لا يجب الخلط بينها وبين آيات الله التي نصر بها أنبياءه ورسله.
انتشرت مقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي يحاول فيها بعض من لا يأخذون بالأسباب أن ينسبوا شرف مكافحة كورونا لأفراد مسلمين هم جزء من منظومة غربية الفضل فيها لأصحابها وملاك هذه الشركات وثقافتهم التي عاش هؤلاء المسلمون بينهم. وهذه المقاطع تدل على فقر في التفكير وخواء داخلي وفتور الهمة.
إنهم للأسف الشديد لا يأخذون بالأسباب كما فعل الصحابة، فعندما تولى عمرو بن العاص الإمارة في الشام، أمر الناس بالخروج إلى الجبال؛ لأن الطاعون لا ينتشر هناك، وخطب فيهم قائلاً: «أيها الناس، إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتحصنوا منه في الجبال».
لقد أسقط كورونا أقنعة كثيرين حتى في بيوتهم، وأظهر حقيقة أن الدولة هي التي تستطيع أن تفعل وتُحدث الفرق في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وأن التنمية الحقيقية في الإنسان وصحته وتعليمه وأمنه وسلامته وجودة حياته، وأن هؤلاء المتأدلجين لا طائل منهم. وكما قال الفيسلوف ابن سينا: «بلينا بقوم يظنون أن الله لم يهد سواهم».
* كاتب سعودي
yamani.osama@gmail.com
أنا أرى أن التغيير قادم لأن الأقنعة مهما طال بقاؤها فهي ساقطة لا محالة، فالتغيير سنة من سنن الحياة ودورة من دورات التاريخ.
والواقع أن الأخطاء التي يُعاد استنساخها وارتكابها هي نتيجة خلل في طريقة التفكير والقناعات والمفاهيم، وهي دلالة واضحة على الضعف والمرض والتخلف، لهذا لن ينفع امتلاك مبنى مدرسة متطور طالما الفكر الذي يدير المبنى يعيش في الماضي، وبنفس القناعات والمنطلقات التي عفا عليها الزمن. وإن تصويب الأخطاء والسعي للتطوير لن يكون بتعديل الشكل وإنما بتغيير الفكر والمفاهيم والمضمون، وبدون ذلك سوف نذهب في سعينا إلى طريق مسدود.
اليوم يُعيد الكهنوت في كل مكان استنساخ أخطائه؛ فاليهود المتشددون في إسرائيل، والمسيحيون المتشددون في أمريكا، والمسلمون المتشددون، وكذلك بعض الهندوس والسيخ وغيرهم، لايزالون يكررون نفس الأخطاء، وذلك برفضهم التباعد الاجتماعي.
لقد كشف فايروس كوفيد 19، قناع كثير من المتدينين الشكليين؛ وهذا الحظر والتباعد الاجتماعي المطلوب، أسقط القناع الذي يلبسونه. فجلوسهم مع أسرهم وعوائلهم كشفهم، وأصبحت بعض هذه الأسر والعوائل والزوجات والأبناء والبنات يشتكون من آبائهم وإخوانهم بسبب سوء أخلاقهم، لأن التدين الشكلي بعيد عن الخلق.
استغل هذا الوباء والأوضاع التي ترتبت عليه بعض المتنطعين والمتشددين لتخويف الناس والتهويل والتحذير بدلًا من التوعية والإرشاد والتنوير.
ولولا حزم الدولة وعزمها على الحفاظ على الإنسان لوقعت كوارث عديدة. ولو كان الأمر بيد المتشددين والمتأدلجين لكان المصير مثل إيران هلاكاً ودماراً باسم الدين.
لقد أصاب الطاعون الصحابيين الجليلين أبوعبيدة عامر بن الجراح ومعاذ بن جبل، كما أصاب الصحابة والمسلمين في خلافة عمر بن الخطاب القحط والجفاف.
إن الأوبئة والجوائح والزلازل وغيرها من أمور كونية مثل الليل والنهار لا يجب الخلط بينها وبين آيات الله التي نصر بها أنبياءه ورسله.
انتشرت مقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي يحاول فيها بعض من لا يأخذون بالأسباب أن ينسبوا شرف مكافحة كورونا لأفراد مسلمين هم جزء من منظومة غربية الفضل فيها لأصحابها وملاك هذه الشركات وثقافتهم التي عاش هؤلاء المسلمون بينهم. وهذه المقاطع تدل على فقر في التفكير وخواء داخلي وفتور الهمة.
إنهم للأسف الشديد لا يأخذون بالأسباب كما فعل الصحابة، فعندما تولى عمرو بن العاص الإمارة في الشام، أمر الناس بالخروج إلى الجبال؛ لأن الطاعون لا ينتشر هناك، وخطب فيهم قائلاً: «أيها الناس، إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتحصنوا منه في الجبال».
لقد أسقط كورونا أقنعة كثيرين حتى في بيوتهم، وأظهر حقيقة أن الدولة هي التي تستطيع أن تفعل وتُحدث الفرق في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وأن التنمية الحقيقية في الإنسان وصحته وتعليمه وأمنه وسلامته وجودة حياته، وأن هؤلاء المتأدلجين لا طائل منهم. وكما قال الفيسلوف ابن سينا: «بلينا بقوم يظنون أن الله لم يهد سواهم».
* كاتب سعودي
yamani.osama@gmail.com