ثقافة وفن

كيف ألهم «كورونا» التشكيليات السعوديات ؟

واجهن الهلع بالأمل.. وحاربن اليأس بالفرح

علا حجازي تضع لمساتها الأخيرة على لوحتها «نحن في البيت».

صالح شبرق (جدة)shabrag1@

تماهى إبداع الفن التشكيلي مع حس المسؤولية الإنسانية، في جهود مجموعة من الفنانات اللائي اضطلعن بدورهن في مواجهة جائحة كورونا، واستشعرن مسؤوليتهن الاجتماعية، فنثرن ألوانهن على مساحات لوحاتهن، وجسدن خلالها مشاعر الدهشة والإنسانية والألم، وأطلقن عددا من الرسائل باللون والفرشاة، إذ رسم بعضهن تفاصيل الهلع والخوف والترقب بألوان توحي بالألم والحزن، بينما استعانت أخريات بألوان البهجة والأمل، في دلالة على قدرة العالم على هزيمة الوباء، وانفراج الغمة والعودة للحياة الطبيعة الهانئة، لا سيما في السعودية، وسط ما تقدمه الدولة من جهود وقائية واحترازية أبهرت العالم أجمع.

رسمت الفنانة التشكيلية تغريد البقشي جدارية أطلقت عليها مسمى (كورنيكا)، بطول 5 أمتار وارتفاع مترين؛ أي بمساحة 10 أمتار، واستغرقت في إنجازها قرابة الشهر، منذ ظهور أول حالة إصابة عائدة إلى السعودية. المعروف عن الفنانة أنها تستلهم لوحاتها من قضايا مجتمعها خاصة المرأة، والإنسان بشكل عام. وفي هذا الوقت تحديداً استلهمت تغريد جائحة كورونا والوضع الصحي العالمي الذي أرهق وأقلق العالم أجمع، فقدمت رسالة واضحة بأن الفنان لا يقل شعوراً عن الطواقم الطبية وأن دورهم دور مساند ومهم لهم. وقالت البقشي ل «عكاظ»: «لوحتي هي رد فعل طبيعي لما شاهدته في العالم كأول مرة يحدث لنا في التاريخ أن يقف العالم بهذا العجز أمام فايروس لا يرى بالعين المجردة، ما دعاني لأن أرسم جدارية وليس لوحة؛ اسشعارا مني لحجم القضية وكبرها»، أما عن عناصر الجدارية فقالت تغريد: الجدارية عكست شخصيتي، واستشعاري لمسؤوليتي كفنانة، وتجد في اللوحة عناصر للأمل؛ أطفالاً وشمساً وعصافير، وفي المقابل تجد الجانب التوثيقي من الفقد والعمل والتفاني والإخلاص من الطواقم الصحية، وأنا أعتبرها أعظم لوحة جدارية قمت بتنفيذها، وتؤرخ لتاريخ سيمضي بحول الله ويكون ذكرى، أتمنى أن تكون خفيفة بعيدة عن الألم والفقد.

بدورها، قدمت الفنانة علا حجازي عملين؛ الأول حمل عنوان (نحن في البيت)، جسدت فيه، أنه رغم اختلاف المدن والمناطق والحالات الاجتماعية إلا أن الشعب والإنسان السعودي اجتمع على حب الوطن وامتثل لأوامر الدولة ليبقى في البيت لسلامته وسلامة الوطن، وفي لوحتها الثانية التي حملت عنوان (جدة بالبيت) جسدت تواجد جميع شرائح المجتمع في البيت، مع اكتمال مسيرة الحياة من تعليم وصحة وتسوق عن طريق البدائل.

هروب ورسالة

وقدمت التشكيلية موضي الحربي عملاً بعنوان (انعتاق) محاولة منها للتحرر من الإحساس بالواقع المر في هذه الفترة، بالانشغال داخل البيت بأمور قد تكون أكثر نفعاً من الوقوف موقف المتفرج. وأكدت موضي أن الأزمة بحول الله إلى زوال بتكاتف الجميع. وعرفت موضي بشهرتها برسم البورتريهات ذات الدلالة البصرية على ما وراء الحلم والخيال. فيما أبدعت التشكيلية بتول محمد بلوحة (أنت من يختار)، جسدت فيها أن سلامتك وسلامة وطنك هي بوعيك وبالتزامك بتعليمات حكومتك، ممثلة بتوصيات الصحة والجهات الأمنية، فالتقيد بها يقود إلى السلامة، والتجاهل يقود للإصابة لا سمح الله، كما حدث في تهاون بعض الدول وشعوبها، ما أوصل الوضع الى كارثة.

جيران في زمن الكورونا

أما الفنانة فاطمة الدهماش فقدمت عملا بعنوان (جيران العمارة في زمن الكورونا). وقالت لـ«عكاظ»: «تكمن محاربتنا لفايروس كوفيد١٩، بالعزلة والجلوس في المنزل، وقد أتاحت لنا هذه الأزمة أن نكتشف جمال وهدوء العزلة وممارسة أمور لم نكن نستطيع ممارستها مع زحمة وانشغالات الحياة»، وتظهر اللوحة مجموعة من الجيران المتجاورين، وكل له اتجاهاته وممارساته الخاصة من ثقافة وترفيه.

الأمل والحياة من جديد

بدورها، أبدت الفنانة زهرة الخلف تفاؤلها الكبير، إذ خرجت بعمل أسمته «الأمل» بألوان أكثر فرحا وبهجة، جسدت عبره عودة الحياة لطبيعتها قريبا، بعد الجهود المبذولة في تطبيق الإجراءات الاحترازية التي أولتها الدولة كل اهتمامها، وأصبحت مضربا للمثل بين دول العالم أجمع.