كتاب ومقالات

كورونا وبروز الحاجة لأكاديمية المتطوعين

عبداللطيف الضويحي

مع كل أزمة طبيعية تمر بها المملكة أو بعض مدن المملكة وقراها، يتدفق المتطوعون والمتطوعات مبادرين بوقتهم ومعرفتهم وخبرتهم وجهدهم، مدفوعين بحماسهم وإيمانهم الراسخ بأهمية دورهم ومشاركتهم بجانب وخلف الأجهزة والمؤسسات الحكومية المعنية والمتخصصة حسب مجالاتها.

في الشدائد تتفاجأ المجتمعات بطاقات أبنائها وبناتها من خلال الأعمال التطوعية العظيمة التي يقومون بها، فالمتطوعون والمتطوعات هم ضمير الوطن وهم بوصلة أخلاقه. والتطوع يمتد من العطاء إلى الانتماء.

مع أزمة كورونا، ومع فرض الحجر الصحي والعزل الاجتماعي، ازدادت الحاجة لدور المتطوعين، وفعلا تدفقت أعداد كبيرة من المتطوعين مباشرة أو من خلال جمعيات المتطوعين للمساهمة في الحد من انتشار فايروس كورونا والتخفيف من آثاره الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات السعودية ومساعدة المتضررين والفئات الضعيفة حسب موقع وقدرة كل متطوع.

لست متأكدا من أعداد المتطوعين والمتطوعات رسمياً، رغم أن بعض المصادر تتحدث عن 70000 ألف متطوع ومتطوعة خلال فترة الجائحة. تقول الأستاذة مشاعل المبارك مدير عام التطوع في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إن ما يحد من دور المتطوعين في حالة كورونا هو الإجراءات التي تحول دون التوسع بمشاركتهم والخوف عليهم من التعرض للعدوى، الأمر الذي جعل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تعقد عدداً من البرامج والورش التدريبية الصحية الوقائية عن بعد والتي تم إعدادها من قبل لجنة علمية تضم أطباء ومختصين في وزارة الصحة والمركز الوطني للوقاية ومكافحة الأمراض كي تسهم في تذليل الصعوبات أمام المتطوعين وتتيح الفرصة أمام أكبر عدد ممكن من مشاركاتهم في التصدي لجائحة كورونا.

منصة العمل التطوعي نموذجاً

بالإضافة إلى ما تقوم به وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، أظن أن الوقت قد حان للوقوف بجدية أمام التحديات التي تواجه المتطوعين والمتطوعات وتذليل المصاعب التي تقف في طريق هؤلاء الذين نذروا أنفسهم لمجتمعهم ولغيرهم، وتعد منصة العمل خطوة مهمة في تنظيم العمل التطوعي وتطويره لما تتميز به من مميزات ومقومات سيكون لها تأثير كبير في تحقيق رؤية المملكة 2030 نحو مليون متطوع، ولا بد لنا دون فرز أن نتعامل مع المنصة كبوابة وطنية ونموذج وطني مشرف للاهتمام بالمتطوعين، وواجب التسجيل كرد جميل لهذا الوطن الحبيب الذي علمنا معنى العطاء.

نحن بحاجة إلى تشريع يحفظ حقوق المتطوعين ويمنحهم التصنيف الذي يستحقون، نحن بحاجة إلى تأسيس أكاديمية للمتطوعين تشتمل كافة التخصصات العملية المهنية والتقنية والفنية، شريطة أن تحتسب الدراسة والتخصصات في هذه الأكاديمية علميا ومهنيا. فمن ناحية يتم تأسيس وتأهيل المتطوعين تأسيسا وتأهيلا علميا ومهنيا، بما يستجيب لأي احتياج في الأزمات والكوارث، ومن ناحية تضمن للمتطوعين عدم تأثر مستقبلهم بحيث يتم احتساب دراسته وخدمته التطوعية في المسار المهني العملي الوظيفي، كما يتم احتساب ما درسه المتطوع في أكاديمية المتطوعين من خلال شهادة علمية معترف بها وقابلة لمواصلة تعليمة. بذلك نضمن تدفق المتطوعين بأعداد كبيرة ونضمن أنهم مصنفون ومؤهلون ومدربون علميا ومهنيا.

كلية الحُفاة في الهند قريبة من هذه الفكرة وأقترح محاكاتها والاستفادة منها، أسسها الدكتور بنكر رووي وتستهدف تعليم الفقراء صنعة أو حرفة أو مهنة تحتاجها مجتمعاتهم، وقد نجحت هذه الكلية نجاحا باهرا وأصبحت أول شريك غير حكومي لليونسكو من خلال تمكين النساء. حيث يأتون بالنساء من أفريقيا إلى الكلية ويقومون بتأهيلهن في مجال الطاقة الشمسية لتعود النسوة وتقوم بتركيب تمديدات الطاقة الشمسية في بلدانهن. يذكر أن كلية الحُفاة قد فازت بجائزة الأمير طلال الدولية للتنمية البشرية منذ سنوات عدة.

* كاتب سعودي

Dwaihi@agfund.org