كتاب ومقالات

هل سيسقط الأسد؟ الإجابة لا

رامي الخليفة العلي

شهدت الأيام الأخيرة هجوما من وسائل الإعلام الروسية على الرئيس السوري بشار الأسد متهمة إياه بالفساد ومشككة في قدرته على إحكام سيطرته على المحيطين به سواء في المؤسسة العسكرية أو الأمنية. وراحت تلك الوسائل تشير إلى تفشي الفساد في مختلف مؤسسات الدولة السورية وتشكك في قدرة الرئيس السوري على إحداث الإصلاح المطلوب. من نافل القول إن الفساد في سورية ليس مسألة حادثة أو طارئة، بل هو من أسس نظام الحكم القائم في دمشق، ولكن الجديد هو الهجوم المفاجئ وغير المتوقع من وسائل إعلام روسيا التي لطالما انسجمت مع الخطاب الرسمي الذي تتبناه موسكو، لذلك عندما يتغير هذا الخطاب الإعلامي فإن من حق المراقبين وحتى المعارضين أن يتساءلوا عن تغير السياسة الروسية. طبعا كعادة المعارضة السورية راحت تمني النفس بأن روسيا سوف ترفع يدها عن النظام السوري وهي في طور رسم سياسة جديدة حول الملف السوري، وهذا ما كانت تريده المعارضة السورية على امتداد السنوات العشر الماضية. ولكن حقيقة الأمر أن هذا التصور لا يعدو كونه تفكيرا رغبويا أكثر منه حقيقة واقعة.

ومن أجل تبين ملامح الموقف الروسي وحقيقته يتعين علينا أن نطرح سؤالين على غاية من الأهمية، الأول: هل من مصلحة روسيا الإطاحة بنظام بشار الأسد وإرساء القواعد لنظام سياسي جديد؟ هناك معادلة داخلية حافظت عليها روسيا ودعمتها، وهذه المعادلة قائمة على استمرار الدولة العلوية في سورية والتي نسجها الرئيس الراحل حافظ الأسد والتي جعلت الخيوط الأمنية والعسكرية والسياسية والاجتماعية والطائفية تنتهي عند الرئيس، فالرئيس الحالي لم يفعل شيئا سوى أنه حافظ على القواعد التي أرساها والده. وإذا ما تغير الرأس فهذا يعني أن تلك الخيوط فقدت ما يجمعها ودخل النظام بحالة من الفوضى غير محسوبة العواقب وهذا ما يدركه الروس جيدا وهم لن يغامروا بهذا الواقع إلى واقع آخر مجهول. السؤال الآخر: ماذا لو قرر الروس الإطاحة ببشار الأسد بالرغم من كل هذه العوامل، هل يستطيعون القيام بذلك؟ هذه مسألة بغاية الصعوبة لأن وجود الرئيس السوري والنظام السياسي برمته مرتبط بمعادلة دولية ثبت أنها راسخة أكثر بكثير مما تصور معارضوها، وهي الإقرار الدولي بتحالف الأقليات. الدول الغربية قبل روسيا لن تسمح بانهيار هذا التحالف القائم عمليا منذ حرب القرم في منتصف القرن التاسع عشر. لو أراد الغرب الإطاحة بنظام بشار الأسد لفعل ذلك منذ عام 2011 ولم يدفع السوريون ثمنا باهظا من دماء أبنائهم، ولكن الغرب قبل غيره يدعم تلك المعادلة ولن يسمح بتغييرها. أما بالنسبة لروسيا فهي تدرك جيدا تلك المعادلة وهذا التحالف، وهذه كانت نقطة اللقاء التي سمحت بموافقة أمريكية على التدخل العسكري الروسي في عام 2015، لذلك تظهر خلافات بين نظام الأسد والجانب الروسي وتظهر إهانات روسية للنظام بهدف الضغط عليه في ملف من الملفات أو لرسم حدود السطوة الروسية ولكن دون أن يعني ذلك الإطاحة بالنظام السوري.

* باحث سياسي

ramialkhalife@