خزعبلات المعالجين.. «جريمة مركبة»
عقاقير حيوانية لعلاج الجائحة.. وقانونيون يحذرون المتجاوزين من العقوبات
الأربعاء / 06 / رمضان / 1441 هـ الأربعاء 29 أبريل 2020 04:36
عدنان الشبراوي (جدة) Adnanshabrawi@
«ما أفظع الخداع.. إنه أنكر من القتل»
هكذا نعت الأديب نجيب محفوظ المخادعين، كأنه يصفهم بالقتلة.
ولأن التكسب من الأزمات واستغلال الظروف جريمة أخلاقية قبل أن تكون جنائية، كيف يكون الحال بمن يستغل جائحة كورونا للإضرار بالصحة العامة بقصد التكسب بمزاعم وأكاذيب حول علاج كورونا أو تقوية المناعة بعلاجات كاذبة وخلطات وهمية، ما يدخل الفاعل في دائرة الجريمة المركبة بين النصب والاحتيال وأكل أموال الناس بالباطل، خلاف الترويج لنفسه عبر التواصل الاجتماعي وهو ما يضيف للوصف جريمة المعلوماتية؛ فضلاً عن انتحال صفة طبيب وممارس صحي ومخالفة التعليمات الصادرة عن وزارة الصحة وهي في المجمل جريمة مركبة طبقاً لوصف المختصين. في الأسابيع الماضية، أطاحت السلطات المختصة بعدد من مدعي علاج كورونا بالخلطات وفحص المصابين وتقديم «مصل للمناعة»، وطبقا للوقائع ألقت السلطات الأمنية القبض على مقيم يطوف على البيوت مدعياً أنه طبيب ويقوم بالكشف على ضحاياه بمبلغ ٢٥٠ ريالا باستخدام مواد بدائية، مستغلاً أزمة الجائحة وقبضت عليه شرطة الرياض بعد جهود مكثفة من البحث والتحري. وفي جريمة مماثلة دهمت إدارة التحريات والبحث الجنائي في الرياض بمشاركة جهات حكومية عدة مقرين متجاورين يعمل بهما طبيبان بيطريان مزعومان من جنسية آسيوية يخلطان عقاقير حيوانية مع بشرية وتقديمها كلقاح تطعيم لأناس من جنسيتهما واللقاح على شكل إبر ومغذيات وتمت إحالتهما للجهات المعنية، كما أطاحت السلطات بآخرين من مدعي علاج كورونا بالخلطات والترويج لها في المواقع الإلكترونية عبر منصات التواصل الاجتماعي. وفي كمين لوزارة الصحة والبحث الجنائي وبدعم الدوريات الأمنية في الرياض تمت الإطاحة بمجموعة تدّعي إجراء فحص كورونا في المنازل ومساكن العمالة بجهاز فحص دم سريع غير مخصص أصلا لهذه المهمة واستكملت الإجراءات النظامية حيال ذلك. وقاد كمين للصحة والجهات الأمنية إلى القبض على طبيبة بلا تصريح وممرضة بتأشيرة زيارة تزوران المرضى في المنازل وتكشفان عليهم بأدوات غير نظيفة. كما وجهت النيابة العامة بالقبض على رجلين ظهرا في مقطع فيديو وهما يشربان معقماً للتضليل بأنها تقي من كورونا.
القرار متروك لسلطة القاضي التقديرية
يقول المحامي والمستشار القانوني بندر العمودي إنه مع تمدد آثار الجائحة وتنامي حالة الهلع، ظهر مُدعون في وسائل التواصل. هذا الفعل جريمة يعاقب عليها النظام، وتصنف بالاحتيال والنصب بقصد الحصول على الأموال بالإقناع الوهمي. ولهذه الجريمة ركنان: مادي وعناصره الاحتيال، والاستيلاء على مال الغير، وعلاقة السببية والثاني معنوي وهو القصد الجنائي، وعناصره الإرادة والعلم.
والنظام لم يتناول جرائم النصب والاحتيال بصورة مستقلة عن الجرائم الأخرى وترك الأمر لسلطة القاضي بما يتناسب مع حجم الاحتيال وآثاره دون إخلال بحق المتضررين بالرجوع على المحتال بالتعويض، وجريمة الاحتيال مُجرّمة وأوردها المنظم السعودي في نظام مكافحة جرائم المعلوماتية (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 3 سنوات وبغرامة لا تزيد على مليونين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية الآتية: الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو على سند، أو توقيع هذا السند، عن طريق الاحتيال، أو اتخاذ اسم كاذب، أو انتحال صفة غير صحيحة).
وتطبق العقوبات على الشروع في ارتكاب أي من الأفعال المنصوص عليها كما يعاقب بما لا يتجاوز العقوبة المُقررة للفاعل الأصلي وكل من شارك بالتحريض أو الاتفاق أو بالمساعدة، وتمتد العقوبات مخالفة أي تعليمات سارية حاليا وللمتضرر رفع قضية نصب واحتيال على المحتال بتوكيل محامٍ أو برفع شكوى مباشرة للنيابة العامة.
الصحة: استقوا المعلومات من مصادرها
حذر المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور محمد العبدالعالي، ممن ينشرون بين الناس ادعاءاتهم عن خلطة أو تجربة لعلاج فايروس كورونا. ووصف تلك المزاعم بأنها «خزعبلات.. لا يتوفر علاج للفايروس حتى الآن». وقال: «نسمع عن خلطة لعلاج فايروس كورونا، يسوق لها البعض ويروجون لها، نتمنى من الجميع عدم تصديقها وأن ينبذوها فهي خزعبلات».
ومضى المركز الوطني للطب البديل والتكميلي، في ذات الاتجاه ونصح بعدم الانسياق خلف مدعي علاج كورونا بالطب البديل والتكميلي. وأكد على ضرورة استقاء المعلومات حول الفايروس من المصادر الرسمية. وجاءت الرسالة رداً على مقاطع الفيديو وأخبار تم ترويجها عبر المنصات الإلكترونية، عن وصفات وخلطات شعبية يزعم أصحابها قدرتها على علاج المرض. وأوضح المركز أنه يعمل على حصر الشائعات المتداولة من مدعي العلاج بالطب البديل غير المرخص لهم. مشدداً على أنه سيتم اتخاذ الإجراءات النظامية حرصاً على سلامة المجتمع. وشدد على أهمية عدم الانسياق خلف مدعي العلاج بالوسائل الشعبية غير المستندة على دراسات موثوقة وضرورة توخي الحذر من مستغلي الأزمة في تسويق منتجاتهم.
من جانبها، أكدت النيابة العامة أن مخالفة القرارات والتعليمات الصادرة من الجهات المختصة في مواجهة فايروس كورونا تعد من جرائم الخطر الموجبة للمُساءلة الجزائية، وبينت في تغريدات أنه يُحظر مخالفة الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية الصادرة من الجهات الرسمية المختصة بشأن كورونا، حرصاً على صحة الجميع وسلامتهم، وأكدت أن اقتران ذلك بالتصوير أو النشر يعد جريمة معلوماتية، فضلاً عن حظر إرسال رسائل كاذبة أياً كان نوعها تحت غِطاء كورونا واستغلال تجاوب المرسل إليه في ذلك.
وشددت النيابة العامة في رسائلها على أنها لن تتهاون في المتابعة عن كثب لكل ما يتم تداوله وترصد أي سلوك مادي يخل بمنظومة الصحة العامة ويشكل انتهاكا للأنظمة.
تجاوزات بالجملة لباعة الأوهام
يؤكد المحامي فواز الداهش، على أهمية التدابير الوقائية في هذا الظرف الاستثنائي لمواجهة فايروس كورونا وأي مخالفة للتعليمات وتضليل المستهلك تستوجب المساءلة، خصوصا بعض المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تروج لأدوية وعقاقير غير معترف بها رسميا. ويتفق معه المحامي إيهاب أبو ظريفة ويقول إنه منذ اللحظة الأولى للإعلان عن فايروس كورونا المستجد ظهر العديد من العلاجات المزعومة من أعشاب وخلطات وخزعبلات، والدولة حذرت وحاربت مدعي ومروجي العلاجات المزعومة التي قد تكون سبباً مباشراً في حصد الأرواح.
ويضيف أبو ظريفة أن ممارسة الطب البديل دون ترخيص مخالفة وفقاً لنظام مزاولة المهن الصحية ولائحته التنفيذية، ومرتكبها معرض للسجن 6 أشهر وغرامة تصل لـ100 ألف ريال أو بإحدى العقوبتين، وحتى الممارس الصحي المرخص يحظر عليه ممارسة العلاج غير المعترف بها علمياً وفقاً للمادة 7 من ذات النظام ويكون عرضة لذات العقوبة. كما أن بيع أو عرض الخلطات أو العلاجات المزعومة مخالفة وفقاً للمادة الثانية من نظام مكافحة الغش التجاري يتعرض مرتكبها لسجن يصل لسنتين ولغرامة تصل لـ500 ألف ريال، أو كلا العقوبتين وفقاً للمادة الـ16، ويندرج ترويج تلك العلاجات المزعومة تحت مخالفات المادة 6 من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية ويعاقب مرتكبها بالسجن لمدة تصل لـ5 سنوات وبغرامة تصل لـ3 ملايين ريال أو بإحدى العقوبتين.
للمتعاملين مع الأدعياء: من أين تنهلون ؟
استشاري طب الأسرة الدكتور أحمد عبدالمنعم، طالب الجميع بعدم اللجوء لأي وصفات شعبية مزعومة، مشددا على أهمية مراجعة الطبيب وفقاً لمؤشرات المرض أو ظهور أعراض للتأكد من الحالة الصحية. وحذر من تشخيص المرض من خلال مجرد أعراض دون فحص فكثير من الحالات المرضية ازدادت سوءا بسبب استقاء المعلومات من غير مصادرها أو بسبب اللجوء للطب الشعبي والخلطات مجهولة المصدر. ولفت الدكتور عبدالمنعم إلى أن فايروس كورونا يخضع للبحوث الطبية والدراسات لمعرفة نمطه وتطوره.
من جانبه، حذر أخصائي طب الطوارئ الدكتور خالد شفيق، من مخاطر التعامل مع الأدوية مجهولة المصدر أو العلاج الشعبي، فكثير من المعلومات الطبية على شبكات الإنترنت خاطئة والأخطر فى الأمر أن العديد من المرضى يعتمدون على معلومات المواقع الإلكترونية وتطبيقات مجهولة في الهواتف الذكية، كما يعتمدون على مدعي العلاج الشعبي والخلطات بدرجة كبيرة كمصدر رئيسي ينهلون منه معرفتهم ليتشكَل منه وعيهم مع أن معظم المعلومات خاطئة ويصبح ضررها أكبر.
جريمة مزدوجة تستوجب أكثر من عقاب
تؤكد المحامية مضاوي الفرحان، أن النيابة ترصد كل المخالفات والإعلان عن وصفات طبية وبيعها عبر الإنترنت مخالفة صريحة لعدة أنظمة في مقدمتها نظام الصحة والسلامة والطب والمستلزمات الطبية والأدوية، كما تعتبر جريمة معلوماتية والعقوبات غرامات مع السجن وتعويض المتضررين، وبكل أسف هناك انتشار كبير لهذه الوصفات من خلال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. والقوانين تنص على أن المخالفة في قطاع لا تمنع إيقاع العقوبة من قطاع آخر، وبالتالي من حق وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء اتخاذ المقتضى النظامي ضد كل من ينشر ويبيع وصفات وأدوية دون ترخيص والإجازة الرسمية المسبقة وفق الإجراءات المعتادة، كما لا يمنع أيضاً هيئة الاتصالات والنيابة العامة من اتخاذ المقتضى النظامي باعتبارها جريمة معلوماتية توجب إيقاع والعقوبة.
ويقول المحامي خالد السريحي: بما أن فايروس كورونا المستجد لم يظهر له علاج حتى الآن، فإن كل من يدعي خلاف ذلك فهو ينشر معلومة غير صحيحة، ونستطيع تسميتها شائعة، ونص نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية على أن الإعلان عن المستحضرات الصيدلانية والعشبية في أجهزة الإعلام يخضع للضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية، ولا يجوز الإعلان إلا من صيدلي مرخص له، وبعد موافقة هيئة الغذاء والدواء، ويجوز تطبيق عقوبة أو أكثر من التي وردت بالمادة 37 والعقوبات هي الإنذار، غرامة مالية لا تزيد على 100 ألف ريال، إغلاق المنشأة لمدة لا تزيد على 60 يوماً، إلغاء ترخيص المنشأة. علماً بأن النظام نُسَخ بصدور نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية والعشبية، الذي جرت الموافقة عليه في وقت سابق. ويزيد السريحي إن كان قد جرى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الشائعات فيُعد ذلك مخالفة لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية، وتحديداً للفقرة الأولى من المادة السادسة منه، المتعلقة بإنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، ويُعاقب مرتكب تلك الجريمة بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات، وبغرامةٍ مالية لا تزيد على 3 ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفي ما يخص الحق الخاص، يحق لكل من استخدم هذه الوصفات أو العلاجات وتضرر منها، أن يتقدم بدعواه بالحق الخاص على من نشر تلك الشائعة.
هكذا نعت الأديب نجيب محفوظ المخادعين، كأنه يصفهم بالقتلة.
ولأن التكسب من الأزمات واستغلال الظروف جريمة أخلاقية قبل أن تكون جنائية، كيف يكون الحال بمن يستغل جائحة كورونا للإضرار بالصحة العامة بقصد التكسب بمزاعم وأكاذيب حول علاج كورونا أو تقوية المناعة بعلاجات كاذبة وخلطات وهمية، ما يدخل الفاعل في دائرة الجريمة المركبة بين النصب والاحتيال وأكل أموال الناس بالباطل، خلاف الترويج لنفسه عبر التواصل الاجتماعي وهو ما يضيف للوصف جريمة المعلوماتية؛ فضلاً عن انتحال صفة طبيب وممارس صحي ومخالفة التعليمات الصادرة عن وزارة الصحة وهي في المجمل جريمة مركبة طبقاً لوصف المختصين. في الأسابيع الماضية، أطاحت السلطات المختصة بعدد من مدعي علاج كورونا بالخلطات وفحص المصابين وتقديم «مصل للمناعة»، وطبقا للوقائع ألقت السلطات الأمنية القبض على مقيم يطوف على البيوت مدعياً أنه طبيب ويقوم بالكشف على ضحاياه بمبلغ ٢٥٠ ريالا باستخدام مواد بدائية، مستغلاً أزمة الجائحة وقبضت عليه شرطة الرياض بعد جهود مكثفة من البحث والتحري. وفي جريمة مماثلة دهمت إدارة التحريات والبحث الجنائي في الرياض بمشاركة جهات حكومية عدة مقرين متجاورين يعمل بهما طبيبان بيطريان مزعومان من جنسية آسيوية يخلطان عقاقير حيوانية مع بشرية وتقديمها كلقاح تطعيم لأناس من جنسيتهما واللقاح على شكل إبر ومغذيات وتمت إحالتهما للجهات المعنية، كما أطاحت السلطات بآخرين من مدعي علاج كورونا بالخلطات والترويج لها في المواقع الإلكترونية عبر منصات التواصل الاجتماعي. وفي كمين لوزارة الصحة والبحث الجنائي وبدعم الدوريات الأمنية في الرياض تمت الإطاحة بمجموعة تدّعي إجراء فحص كورونا في المنازل ومساكن العمالة بجهاز فحص دم سريع غير مخصص أصلا لهذه المهمة واستكملت الإجراءات النظامية حيال ذلك. وقاد كمين للصحة والجهات الأمنية إلى القبض على طبيبة بلا تصريح وممرضة بتأشيرة زيارة تزوران المرضى في المنازل وتكشفان عليهم بأدوات غير نظيفة. كما وجهت النيابة العامة بالقبض على رجلين ظهرا في مقطع فيديو وهما يشربان معقماً للتضليل بأنها تقي من كورونا.
القرار متروك لسلطة القاضي التقديرية
يقول المحامي والمستشار القانوني بندر العمودي إنه مع تمدد آثار الجائحة وتنامي حالة الهلع، ظهر مُدعون في وسائل التواصل. هذا الفعل جريمة يعاقب عليها النظام، وتصنف بالاحتيال والنصب بقصد الحصول على الأموال بالإقناع الوهمي. ولهذه الجريمة ركنان: مادي وعناصره الاحتيال، والاستيلاء على مال الغير، وعلاقة السببية والثاني معنوي وهو القصد الجنائي، وعناصره الإرادة والعلم.
والنظام لم يتناول جرائم النصب والاحتيال بصورة مستقلة عن الجرائم الأخرى وترك الأمر لسلطة القاضي بما يتناسب مع حجم الاحتيال وآثاره دون إخلال بحق المتضررين بالرجوع على المحتال بالتعويض، وجريمة الاحتيال مُجرّمة وأوردها المنظم السعودي في نظام مكافحة جرائم المعلوماتية (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 3 سنوات وبغرامة لا تزيد على مليونين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية الآتية: الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو على سند، أو توقيع هذا السند، عن طريق الاحتيال، أو اتخاذ اسم كاذب، أو انتحال صفة غير صحيحة).
وتطبق العقوبات على الشروع في ارتكاب أي من الأفعال المنصوص عليها كما يعاقب بما لا يتجاوز العقوبة المُقررة للفاعل الأصلي وكل من شارك بالتحريض أو الاتفاق أو بالمساعدة، وتمتد العقوبات مخالفة أي تعليمات سارية حاليا وللمتضرر رفع قضية نصب واحتيال على المحتال بتوكيل محامٍ أو برفع شكوى مباشرة للنيابة العامة.
الصحة: استقوا المعلومات من مصادرها
حذر المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور محمد العبدالعالي، ممن ينشرون بين الناس ادعاءاتهم عن خلطة أو تجربة لعلاج فايروس كورونا. ووصف تلك المزاعم بأنها «خزعبلات.. لا يتوفر علاج للفايروس حتى الآن». وقال: «نسمع عن خلطة لعلاج فايروس كورونا، يسوق لها البعض ويروجون لها، نتمنى من الجميع عدم تصديقها وأن ينبذوها فهي خزعبلات».
ومضى المركز الوطني للطب البديل والتكميلي، في ذات الاتجاه ونصح بعدم الانسياق خلف مدعي علاج كورونا بالطب البديل والتكميلي. وأكد على ضرورة استقاء المعلومات حول الفايروس من المصادر الرسمية. وجاءت الرسالة رداً على مقاطع الفيديو وأخبار تم ترويجها عبر المنصات الإلكترونية، عن وصفات وخلطات شعبية يزعم أصحابها قدرتها على علاج المرض. وأوضح المركز أنه يعمل على حصر الشائعات المتداولة من مدعي العلاج بالطب البديل غير المرخص لهم. مشدداً على أنه سيتم اتخاذ الإجراءات النظامية حرصاً على سلامة المجتمع. وشدد على أهمية عدم الانسياق خلف مدعي العلاج بالوسائل الشعبية غير المستندة على دراسات موثوقة وضرورة توخي الحذر من مستغلي الأزمة في تسويق منتجاتهم.
من جانبها، أكدت النيابة العامة أن مخالفة القرارات والتعليمات الصادرة من الجهات المختصة في مواجهة فايروس كورونا تعد من جرائم الخطر الموجبة للمُساءلة الجزائية، وبينت في تغريدات أنه يُحظر مخالفة الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية الصادرة من الجهات الرسمية المختصة بشأن كورونا، حرصاً على صحة الجميع وسلامتهم، وأكدت أن اقتران ذلك بالتصوير أو النشر يعد جريمة معلوماتية، فضلاً عن حظر إرسال رسائل كاذبة أياً كان نوعها تحت غِطاء كورونا واستغلال تجاوب المرسل إليه في ذلك.
وشددت النيابة العامة في رسائلها على أنها لن تتهاون في المتابعة عن كثب لكل ما يتم تداوله وترصد أي سلوك مادي يخل بمنظومة الصحة العامة ويشكل انتهاكا للأنظمة.
تجاوزات بالجملة لباعة الأوهام
يؤكد المحامي فواز الداهش، على أهمية التدابير الوقائية في هذا الظرف الاستثنائي لمواجهة فايروس كورونا وأي مخالفة للتعليمات وتضليل المستهلك تستوجب المساءلة، خصوصا بعض المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تروج لأدوية وعقاقير غير معترف بها رسميا. ويتفق معه المحامي إيهاب أبو ظريفة ويقول إنه منذ اللحظة الأولى للإعلان عن فايروس كورونا المستجد ظهر العديد من العلاجات المزعومة من أعشاب وخلطات وخزعبلات، والدولة حذرت وحاربت مدعي ومروجي العلاجات المزعومة التي قد تكون سبباً مباشراً في حصد الأرواح.
ويضيف أبو ظريفة أن ممارسة الطب البديل دون ترخيص مخالفة وفقاً لنظام مزاولة المهن الصحية ولائحته التنفيذية، ومرتكبها معرض للسجن 6 أشهر وغرامة تصل لـ100 ألف ريال أو بإحدى العقوبتين، وحتى الممارس الصحي المرخص يحظر عليه ممارسة العلاج غير المعترف بها علمياً وفقاً للمادة 7 من ذات النظام ويكون عرضة لذات العقوبة. كما أن بيع أو عرض الخلطات أو العلاجات المزعومة مخالفة وفقاً للمادة الثانية من نظام مكافحة الغش التجاري يتعرض مرتكبها لسجن يصل لسنتين ولغرامة تصل لـ500 ألف ريال، أو كلا العقوبتين وفقاً للمادة الـ16، ويندرج ترويج تلك العلاجات المزعومة تحت مخالفات المادة 6 من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية ويعاقب مرتكبها بالسجن لمدة تصل لـ5 سنوات وبغرامة تصل لـ3 ملايين ريال أو بإحدى العقوبتين.
للمتعاملين مع الأدعياء: من أين تنهلون ؟
استشاري طب الأسرة الدكتور أحمد عبدالمنعم، طالب الجميع بعدم اللجوء لأي وصفات شعبية مزعومة، مشددا على أهمية مراجعة الطبيب وفقاً لمؤشرات المرض أو ظهور أعراض للتأكد من الحالة الصحية. وحذر من تشخيص المرض من خلال مجرد أعراض دون فحص فكثير من الحالات المرضية ازدادت سوءا بسبب استقاء المعلومات من غير مصادرها أو بسبب اللجوء للطب الشعبي والخلطات مجهولة المصدر. ولفت الدكتور عبدالمنعم إلى أن فايروس كورونا يخضع للبحوث الطبية والدراسات لمعرفة نمطه وتطوره.
من جانبه، حذر أخصائي طب الطوارئ الدكتور خالد شفيق، من مخاطر التعامل مع الأدوية مجهولة المصدر أو العلاج الشعبي، فكثير من المعلومات الطبية على شبكات الإنترنت خاطئة والأخطر فى الأمر أن العديد من المرضى يعتمدون على معلومات المواقع الإلكترونية وتطبيقات مجهولة في الهواتف الذكية، كما يعتمدون على مدعي العلاج الشعبي والخلطات بدرجة كبيرة كمصدر رئيسي ينهلون منه معرفتهم ليتشكَل منه وعيهم مع أن معظم المعلومات خاطئة ويصبح ضررها أكبر.
جريمة مزدوجة تستوجب أكثر من عقاب
تؤكد المحامية مضاوي الفرحان، أن النيابة ترصد كل المخالفات والإعلان عن وصفات طبية وبيعها عبر الإنترنت مخالفة صريحة لعدة أنظمة في مقدمتها نظام الصحة والسلامة والطب والمستلزمات الطبية والأدوية، كما تعتبر جريمة معلوماتية والعقوبات غرامات مع السجن وتعويض المتضررين، وبكل أسف هناك انتشار كبير لهذه الوصفات من خلال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. والقوانين تنص على أن المخالفة في قطاع لا تمنع إيقاع العقوبة من قطاع آخر، وبالتالي من حق وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء اتخاذ المقتضى النظامي ضد كل من ينشر ويبيع وصفات وأدوية دون ترخيص والإجازة الرسمية المسبقة وفق الإجراءات المعتادة، كما لا يمنع أيضاً هيئة الاتصالات والنيابة العامة من اتخاذ المقتضى النظامي باعتبارها جريمة معلوماتية توجب إيقاع والعقوبة.
ويقول المحامي خالد السريحي: بما أن فايروس كورونا المستجد لم يظهر له علاج حتى الآن، فإن كل من يدعي خلاف ذلك فهو ينشر معلومة غير صحيحة، ونستطيع تسميتها شائعة، ونص نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية على أن الإعلان عن المستحضرات الصيدلانية والعشبية في أجهزة الإعلام يخضع للضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية، ولا يجوز الإعلان إلا من صيدلي مرخص له، وبعد موافقة هيئة الغذاء والدواء، ويجوز تطبيق عقوبة أو أكثر من التي وردت بالمادة 37 والعقوبات هي الإنذار، غرامة مالية لا تزيد على 100 ألف ريال، إغلاق المنشأة لمدة لا تزيد على 60 يوماً، إلغاء ترخيص المنشأة. علماً بأن النظام نُسَخ بصدور نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية والعشبية، الذي جرت الموافقة عليه في وقت سابق. ويزيد السريحي إن كان قد جرى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الشائعات فيُعد ذلك مخالفة لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية، وتحديداً للفقرة الأولى من المادة السادسة منه، المتعلقة بإنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، ويُعاقب مرتكب تلك الجريمة بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات، وبغرامةٍ مالية لا تزيد على 3 ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفي ما يخص الحق الخاص، يحق لكل من استخدم هذه الوصفات أو العلاجات وتضرر منها، أن يتقدم بدعواه بالحق الخاص على من نشر تلك الشائعة.