كتاب ومقالات

بلا هيبة

أشواك

عبده خال

تروق لي الأمثال كونها توصل رسالتها بحذافيرها وإن غمت على البعض إلا أن لها وقعاً لدى من يصل إلى الدلالة، وفي تحدٍّ للذاكرة حاولت استرجاع الأمثال التي أحفظها لتركيبها في مقال أو في حديث إن عجزت عن القول المعني مباشرة، ويبدو أن المثل الجنوبي الصرف يمكنني من الوصول إلى المبتغى حينما يقال: (امسح على ظهرها واقبص ذيلها)، لندع الأمثال الشعبية ولنلتفت لما هو حادث من متغيرات دولية، وأعتقد أن أهم الملاحظات انسحاب أمريكا من اتفاقيات دولية عديدة، وعلى سبيل المثال الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ وهي الاتفاقية التي التزمت بها 200 دولة من أجل تخفيض انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون وقبلها الانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية مع روسيا، وانسحبت من منظمة اليونسكو وتخلت عن عضوية مجلس حقوق الإنسان، وانسحبت من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، وعلقت المساهمة المالية على منظمة الصحة العالمية، بحجة سوء المنظمة في إدارة أزمة كورونا.. فهل هذه التصرفات تليق بدولة تعتبر نفسها القوة الأولى عالميا؟

فإذا بها تتخلى عن اتفاقيات ملزمة اشتركت في توقيعها دول عديدة، فإذا كان الكبير هو من يتخلى فمن باب أولى التخلي الجماعي، وإذا حدث ذلك مرارا فإن هيئة الأمم سوف تتقوض إن اتبعت دول العالم خطوات أمريكا..

ونعلم أن الحرب العالمية الثانية ولدت من رحمها منظمة هيئة الأمم من أجل حماية الحقوق والمحافظة على الأمن والسلم العالمي، ولأن فايروس كورونا شن الحرب العالمية الثالثة فمن المؤكد أن هذه الحرب الثالثة سوف تنتج نظامها المغاير لما كانت عليه قبل تفشي الفايروس.

وربما يسهم ارتباك بعض القرارات الأمريكية في تقدم غيرها على حسابها، خصوصاً أن العالم مقدم على تغييرات جذرية بعد انجلاء جائحة كورونا، وهذه الجائحة أظهرت أن الفضاء السياسي لم يعد قابلاً لاستمرار الأحادية القائمة على أسلوب الشركات في جني الأرباح.

abdookhal2@yahoo.com