اقتصاد

كيف نواجه صدمات «الجائحة» الثلاث ؟

منع الكساد.. الحفاظ على الاستقرار المالي

فهيم الحامد (جدة) falhamid2@

«إننا أمام أزمة لم يشهد العالم مثيلاً لها في التاريخ الحديث، من أهم سماتها عدم اليقين وصعوبة معرفة واستشراف مداها وتداعياتها في ظل تطورات يومية تتطلب من الحكومات التعامل معها باليقظة والقدرة على اتخاذ القرارات الملائمة وسرعة الاستجابة والتكيف مع الظروف وحماية المواطنين والمقيمين، وتوفير الاحتياجات الأساسية والطبية الضرورية»، بهذه الشفافية والصراحة تحدث وزير المالية محمد الجدعان، فجر أمس، بعد إعلان قرار إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءاً من يونيو القادم، ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من (5%) إلى (15%) بدءاً من الأول من يوليو 2020.

الوزير الجدعان لم يخفِ حدة الإجراءات، عندما قال بوضوح: «نتخذ هذه الإجراءات وإن كان فيها ألم إلا أنها ضرورية وستكون مفيدة للمحافظة على الاستقرار المالي».

القرارات التي اتخذتها الدولة كانت ضرورية لمنع الكساد، وفي حال لم تتخذ، قد تدخل المملكة في كساد لمدة طويلة ينعكس على عدم النمو وارتفاع نسب البطالة لأرقام غير مسبوقة؛ ما يؤدي إلى تبخر الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية.

ومن الطبيعي أن يرافق كل أزمة اقتصادية عدد من القرارات تبعاً لحجمها ومستوى حدتها، ورغم ضخامة التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا إلا أن السعودية اختارت أخفها ضرراً على مواطنيها؛ كون بدل غلاء المعيشة كان «مؤقتاً» وليس دائماً، وتم إقراره في وقت كانت مستويات التضخم عالية ومن أجل التعود على نمط استهلاكي أمثل ونظراً للأحوال الاقتصادية في العالم وتراجع مستويات المعيشة فقد انتفى الغرض من البدل.

كما أن رفع نسبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% أحد أهم الخيارات التي ارتأتها الحكومة لزيادة مستوى إيراداتها، ذلك لكون السوق السعودية مفتوحة وتتعدد فيها خيارات السلع بأشكالها كافة، وبإمكان المواطن اختيار ما يشاء بما يتناسب مع رغباته وطريقة إنفاقه.

ليس هناك أدنى شك أن الأزمة العالمية لانتشار الجائحة تسببت بثلاث صدمات لاقتصاد المملكة ساهمت بشكل مؤثر على أداء المالية العامة، ولم يكن أمام الدولة إلا أن تتدخل بإجراءات لاستيعاب هذه الصدمات، كما ذكر الجدعان.

وهذه الصدمات تتمثل في الانخفاض غير المسبوق في الطلب على النفط، وتمحورت الصدمة الثانية في تسبب الإجراءات الوقائية الضرورية المتخذة للحفاظ على أرواح المواطنين والمقيمين في توقف أو انخفاض كثير من الأنشطة الاقتصادية.

أما ثالث هذه الصدمات المؤثرة على المالية العامة فكانت الاحتياجات الطارئة إلى جانب النفقات غير المخطط لها التي استدعت تدخل الحكومة من خلال زيادة الاعتمادات لقطاع الصحة بشكل مستمر لدعم القدرة الوقائية، إضافة إلى اعتماد عدد من المبادرات لدعم الاقتصاد وتخفيف أثر الجائحة والمحافظة على وظائف المواطنين.