الكاشير زحمة!
الخميس / 21 / رمضان / 1441 هـ الخميس 14 مايو 2020 01:04
أريج الجهني
في صباح الأحد اتجهت لأول مرة منذ بدء منع التجول للتسوق داخل مركز تجاري قريب من منزلي، وكانت تجربة غير عادية، وأعتقد أنها رغم الضيق النفسي العام إلا أنها كانت من أكثر تجارب التسوق المريحة! حيث لأول مرة لم أقلق من الازدحام، أو نظرات التذمر والتنمر التي كنا نشاهدها عند «الكاشير» ولم أضطر لمغادرة المحل لأن «الكاشير زحمة»!، كانت العلامات الأرضية التي وضعتها المحلات بين المستهلكين كفيلة بأن تقف دون قلق من سرقة حقيبتك أو محفظتك حتى!، نعم هي تجربة غير عادية وربما ارتداء القفازات والكمامات كانت خبرة مرحة أيضاً، تبقي مشاعر التوجس العامة التي تحيط بالجميع لكن نأمل أن تنتهي على خير.
كان الجميع ملتزماً عند الدخول بالتعليمات، حراس الأمن كانوا يقفون لقياس حرارة كل فرد يدخل مع توزيع القفازات وتوفير معقمات في كل ممر وداخل كل محل، البائعات والبائعون كانوا على قدر كبير من المسؤولية والتعاون وتفهم طبيعة هذه التجربة وهذا شيء يستحق الإشادة والشكر، وقد تفضل الأستاذ عبدالرحمن الحسين المتحدث الرسمي لوزارة التجارة بالإشارة إليه في الأسبوع الماضي، حيث أشاد بوعي المستهلك والمنشآت من خلال ملاحظات الفرق الرقابية وما رصدوه من خلال جولاتهم الميدانية في كافة الأسواق، حيث قال إن الفرق لاحظت التزاماً كبيراً من المستهلك السعودي والمقيم وكانوا على أعلى درجة في المحافظة على مسافات التباعد والالتزام بالتعليمات، وأشاد بهذا السلوك للمستهلك ودعا للاستمرار عليه مستقبلاً.
وهذا هو محور المقال «المحافظة على المسافة والتباعد» نعم هل كنا بالفعل نحتاج للإجبار على هذه المسافة؟، أتذكر حال التسوق في الأيام الماضية وكيف لا يخجل البعض من تعدي المسافة الاجتماعية المتعارف عليها (متر كحد أدنى)، والبعض الآخر لا يخجل من التدافع أو التعدي على من يسبقه في الصف، ترويض بعض النفوس لا يتسق للأسف إلا بالقوة، وهذا يعود لضعف الوعي وتقدير الذات، فالإنسان حينما يقدر ذاته يهتم بأن يترك مسافة وهذا بالمناسبة سلوك بشري يحدث حول العالم وفي كل مكان، لهذا توضع التعليمات وأعود لنقطة الوعي وأيضاً تنمية المهارات الاجتماعية.
فالتسوق مهارة!، لا تختلف عن مهارة القيادة والسفر والتفاعل مع العالم، الإنسان يصدر رسائل خلال تحركه اليومي أضعاف ما يصدره خلال سكونه وانفراده، لجم الغضب مثلاً في الأماكن العامة، الابتسامة العفوية في وجوه الناس والتلطف بالآخرين، وتجنب أكبر قدر ممكن من الضرر في حال نشوب سوء فهم، هل نظامنا المعرفي والإعلامي يهتم بما سبق؟، أترك الإجابة لكم، نعم مهم أن نستمر في التباعد حتى بعد رفع منع التجول كلياً ليس فقط للجانب الصحي بل للجانب الاجتماعي، فالأمراض الاجتماعية لا تقل ضراوة عن الأمراض الصحية بل قد تكون أشد ضراوة وفتكاً.
* كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com
كان الجميع ملتزماً عند الدخول بالتعليمات، حراس الأمن كانوا يقفون لقياس حرارة كل فرد يدخل مع توزيع القفازات وتوفير معقمات في كل ممر وداخل كل محل، البائعات والبائعون كانوا على قدر كبير من المسؤولية والتعاون وتفهم طبيعة هذه التجربة وهذا شيء يستحق الإشادة والشكر، وقد تفضل الأستاذ عبدالرحمن الحسين المتحدث الرسمي لوزارة التجارة بالإشارة إليه في الأسبوع الماضي، حيث أشاد بوعي المستهلك والمنشآت من خلال ملاحظات الفرق الرقابية وما رصدوه من خلال جولاتهم الميدانية في كافة الأسواق، حيث قال إن الفرق لاحظت التزاماً كبيراً من المستهلك السعودي والمقيم وكانوا على أعلى درجة في المحافظة على مسافات التباعد والالتزام بالتعليمات، وأشاد بهذا السلوك للمستهلك ودعا للاستمرار عليه مستقبلاً.
وهذا هو محور المقال «المحافظة على المسافة والتباعد» نعم هل كنا بالفعل نحتاج للإجبار على هذه المسافة؟، أتذكر حال التسوق في الأيام الماضية وكيف لا يخجل البعض من تعدي المسافة الاجتماعية المتعارف عليها (متر كحد أدنى)، والبعض الآخر لا يخجل من التدافع أو التعدي على من يسبقه في الصف، ترويض بعض النفوس لا يتسق للأسف إلا بالقوة، وهذا يعود لضعف الوعي وتقدير الذات، فالإنسان حينما يقدر ذاته يهتم بأن يترك مسافة وهذا بالمناسبة سلوك بشري يحدث حول العالم وفي كل مكان، لهذا توضع التعليمات وأعود لنقطة الوعي وأيضاً تنمية المهارات الاجتماعية.
فالتسوق مهارة!، لا تختلف عن مهارة القيادة والسفر والتفاعل مع العالم، الإنسان يصدر رسائل خلال تحركه اليومي أضعاف ما يصدره خلال سكونه وانفراده، لجم الغضب مثلاً في الأماكن العامة، الابتسامة العفوية في وجوه الناس والتلطف بالآخرين، وتجنب أكبر قدر ممكن من الضرر في حال نشوب سوء فهم، هل نظامنا المعرفي والإعلامي يهتم بما سبق؟، أترك الإجابة لكم، نعم مهم أن نستمر في التباعد حتى بعد رفع منع التجول كلياً ليس فقط للجانب الصحي بل للجانب الاجتماعي، فالأمراض الاجتماعية لا تقل ضراوة عن الأمراض الصحية بل قد تكون أشد ضراوة وفتكاً.
* كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com