كتاب ومقالات

صالح كامل.. الغائب الحاضر

رؤوف أبو زكي

صالح عبدالله كامل ظاهرة قد لا تتكرر في العالم العربي. عرفنا هذا الرجل المبادر والمبدع والمقدام في العام 1981 ورافقناه في كل مراحل حياته، لاسيما في مرحلة الشباب التي اتسمت بسرعة الحركة وبكثرة المبادرات الاستثمارية في البلدان العربية والإسلامية. رجل حركة ورجل بركة. يعرف كيف يأخذ، ويعطي في كثير من الأحيان بلا حساب. ما من بلد عربي وإسلامي إلا وكانت له فيه بصمات ومبادرات واستثمارات ومساعدات وعلاقات على أعلى المستويات. ربح الكثير وخسر الكثير وبقي هو هو رجل الثقة والمودة، رجل الحركة والطموح. رجل الأحلام والأعمال. رجل الأقوال والأفعال.

قبل أيام كنا معاً على الهاتف نتحدث عن المستقبل القريب، مستقبل ما بعد الكورونا. عرضنا عليه فكرة توثيق تجربته التي عشناها وواكبناها وسكبناها حبراً على صفحات مطبوعاتنا، وعرفنا الكثير من نجاحاتها وإخفاقاتها وكان جوابه: «رؤوف لا أريد أن أتحدث عن الشخص». قلنا له توثيق التجربة لا لشخصك بل للأجيال والمجتمع. وافق وقال نلتقي بعد الكورونا ونتحدث. وقبل ذلك وعندما أرسلت له لقطات من ذكريات موثقة في أعداد «الاقتصاد والأعمال» أجابني بصوته الجهوري وبالحرف الواحد عبر الواتساب: «صباح الخير والعافية يا أخ رؤوف، الله يرحم الأيام الحلوة التي كنا فيها نجوب الدنيا معاً دفاعاً عن الاستثمار، الحمدالله على كل حال، جزاك الله خيراً، ذكرتني بأيام الصبا».

برحيل صالح كامل تخسر المملكة العربية السعودية أحد فرسان الاستثمار والأعمال فيها. ويخسر العالم العربي والإسلامي رجل الأعمال المميز ورجل المبادرات الإعلامية لاسيما الفضائية منها.

باكراً غادرتنا يا أبا عبدالله لاسيما وأنه كان لديك الكثير الكثير مما ستقوله وتفعله، وعزاؤنا في عبدالله ومحيي الدين وفي جميع أفراد العائلة الصغيرة والكبيرة ممن سيكملون المسيرة.

كانت لنا تجربة طويلة وغنية مع صالح كامل منذ الثمانينات وحتى الرحيل. مليئة بكل التجارب، مليئة بكل المحبة، مليئة بكل التقدير. عرفناه في سلوكه العملي وفي علاقاته العائلية وفي إحساسه الإنساني المرهف.

صالح كامل رجل عمل وخير ومبادرات في كل الأوطان.

كان صالح كامل أحد أبرز مساهمي مجموعة «الاقتصاد والأعمال» وأحد أبرز المواكبين لها في مراحلها المختلفة، وقلما كان يمر مؤتمر من مؤتمرات المجموعة في أي بلد إلا ويكون في طليعة المشاركين والمتحدثين والمكرمين.

فأسرة المجموعة تتقدم من جميع أفراد العائلة ومن أسرة مجموعة دلة البركة ومن مجتمع الأعمال العربي والإسلامي بأحر التعازي. ونحن على ثقة بأن المسيرة مستمرة بأفراد العائلة وقيادات المجموعة المنتشرة في مختلف بلدان العالم ارتكازاً إلى نهج المؤسس الراحل والمستمر عبر مؤسساته ومبادراته الاقتصادية والانسانية.

رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه.

رئيس مجلس الأعمال اللبناني- السعودي