إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد !
الأحد / 01 / شوال / 1441 هـ الاحد 24 مايو 2020 00:23
نجيب يماني
مع ظهور فايروس كورونا المستبد ظهرت عدة تفسيرات بشرية بأنه عذاب لأهل الأرض وأن نهاية العالم قربت وأن الشمس المشرقة سوف تختفي ويتجمد الطقس وتقع الزلازل وينزل المسيح ليقتل الدجال.
يتناقلونها على وسائل التواصل وكلّ يدلي بجهلة محدداً تاريخ النهاية، وأن الدنيا الجميلة خلاص إلى زوال.
وكل هذا مسخ من القول ظاهره السقط والبطلان، يثيره ضعاف النفوس والباحثون عن الشهرة يتناقلونه على أنه حقيقة مسلم بها. ونحن كمسلمين يجب أن لا نلتفت لهذه الخرافات، لأن الآيات البيانات تعارض هذا وتدحضه.
خصوصية هذه النهاية وموعدها إنما هو من علم الغيب الذي اختص به الله فلم يطلع على غيبه أحدا، قال تعالى: (إن الله عنده علم الساعة)، وقال تعالى: (يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله).
بل إن القول بتحديد قيام الساعة باليوم والليلة وتدبيج الأدلة والقذف بها في إسماع الناس هو من أبواب الجدل والمماراة، وصفهم الله بقوله: (إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد).
هناك العديد من الآيات في قرب قيام الساعة أو وقوع دلائلها وعلاماتها كما قال تعالى: (وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا).. وقوله تعالى: (وما يدريك لعل الساعة قريب)، وقوله تعالى: (اقتربت الساعة وانشق القمر).
وفي وقوع دلائلها وعلاماتها قوله تعالى: (فهل ينظرون إلى الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها..).
ومن دلائلها أيضا قوله تعالى: (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس).
ومع ذلك فإن وقت وقوعها لا يزال مبهما وغير معروف ولا حتى بالتقريب فإن في قوله تعالى: (وما يدريك لعل الساعة قريب)، لا يشتمل النص على ما هو المراد بالقرب، هل هو ألف سنة أو ألفين أو عشرة آلاف، من وقت نزول هذه الآية وهل هذا القرب بحساب البشر أم بحساب الله سبحانه وتعالى؟. والذي يختلف عن حساباتنا (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون).
فلو أمهل الله سبحانه وتعالى عباده بعد ختام الرسالات برسوله محمد عليه الصلاة والسلام مائة يوم، فإن هذا بحساب رب العالمين يساوي مائة ألف عام.
وإن كان هذا القرب بحساب البشر فليس هناك ثمة معيار فإن الفترة ما بين نزول آدم وبعثة نبي الله نوح نحو سبعة آلاف عام وبين نوح وإبراهيم نحو ستة آلاف عام وبين إبراهيم وموسى نحو أربعة آلاف عام وبين موسى وعيسى نحو ثلاثة آلاف عام، وبين عيسى ومحمد عليه الصلاة والسلام نحو 600 عام. فليس ثمة معيار ولا علاقة بين جائحة كورونا وقيام الساعة. إضافة إلى أن هناك أمما من البشر كانت تعيش على وجه الأرض قبل نزول آدم عليه السلام، كما قالت الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء وكان هذا قبل خلق آدم وقبل نزوله إلى الأرض. وهذه الأمم تدخل في حساب الآخرة وقيام الساعة أن أرسل الله إليهم الرسل كما قال تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)، وما ذكر في القرآن أو السنة من علامات وقوع الساعة إنما هي نصوص لا تفيد القطع واليقين ولا يعلم ما المراد بها ففي قوله تعالى: (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت)، فيها معاني قرب الساعة إذا ما أخذ في الاعتبار ما توصلت إليه الحضارات البشرية في أيامنا هذه وأصبح وجه الأرض لا سيما في الليل مضيئا مشرقا تنبعث منه علامات الزخرف والزينة ولكن الجزء المتبقي من الآية هو غاية في الأهمية ويشمل اعتقاد البشر في مقدرتهم على التحكم في سرعة دوران الأرض حول نفسها أو حول الشمس، وهو ما جاء في قوله تعالى: (وظن أهلها أنهم قادرون عليها)، فهذا الجزء من العلامات لم يقترب بعد،
ولكن للعلماء الفيزيائيين والفلكيين دلائل على سير الأرض بل والمجموعة الشمسية بأكملها نحو الانحلال والدمار.
من ذلك أن القمر لم يزل في تباعد مستمر بمعدل 3.75 سنتيمتر سنويا عن سطح الأرض، كما تم رصده على سطح القمر عند أول نزول للإنسان عليه واستمرار هذا الابتعاد يجعل القوة الجاذبية للشمس على القمر كل يوم أكبر فأكبر حتى يضمحل ارتباطه بالأرض فيخرج من مداره وتبتلعه الشمس، كما قال تعالى في وصفه لأول أحداث يوم القيامة: (فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر)، وإذا ابتلعت الشمس القمر انفرط على الفور كل نظام المجموعة الشمسية وتبدأ الأرض في زيادة سرعة دورانها وهذا يعمل على تكسير القشرة الأرضية وخروج الحمم من باطنها ويتبعها الزلازل المتواصلة ومن ثم دمار الكرة الأرضية بأكملها كما قال تعالى: (إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها)، ولكن مع كل هذا التطور والبحوث البشرية في حركات الأجرام السماوية إلا أن الجهل لا يزال يخفي وراءه الوقت الذي تبدأ فيه هذه الأحداث وأولها خروج القمر عن مداره وابتلاع الشمس له. فإن القمر الآن تحت قوى جاذبية الأرض له وجاذبية الشمس وكل يوم يقل ارتباطًا بالأرض ويزداد ارتباطاً بالشمس والله سبحانه لديه العلم بوقت هذا الحدث وهو إذا وقع فإنما يقع في لمح البصر كما قال تعالى: (وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب).
فلا يفسر كل عابر سبيل ظواهر الكون وما يحدث لنا على الأرض مرة بأنه غضب من الرب وأخرى على قرب قيام الساعة، فقد يكون هذا سبب لتخلفنا عن ركب الأمم.
كاتب سعودي
يتناقلونها على وسائل التواصل وكلّ يدلي بجهلة محدداً تاريخ النهاية، وأن الدنيا الجميلة خلاص إلى زوال.
وكل هذا مسخ من القول ظاهره السقط والبطلان، يثيره ضعاف النفوس والباحثون عن الشهرة يتناقلونه على أنه حقيقة مسلم بها. ونحن كمسلمين يجب أن لا نلتفت لهذه الخرافات، لأن الآيات البيانات تعارض هذا وتدحضه.
خصوصية هذه النهاية وموعدها إنما هو من علم الغيب الذي اختص به الله فلم يطلع على غيبه أحدا، قال تعالى: (إن الله عنده علم الساعة)، وقال تعالى: (يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله).
بل إن القول بتحديد قيام الساعة باليوم والليلة وتدبيج الأدلة والقذف بها في إسماع الناس هو من أبواب الجدل والمماراة، وصفهم الله بقوله: (إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد).
هناك العديد من الآيات في قرب قيام الساعة أو وقوع دلائلها وعلاماتها كما قال تعالى: (وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا).. وقوله تعالى: (وما يدريك لعل الساعة قريب)، وقوله تعالى: (اقتربت الساعة وانشق القمر).
وفي وقوع دلائلها وعلاماتها قوله تعالى: (فهل ينظرون إلى الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها..).
ومن دلائلها أيضا قوله تعالى: (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس).
ومع ذلك فإن وقت وقوعها لا يزال مبهما وغير معروف ولا حتى بالتقريب فإن في قوله تعالى: (وما يدريك لعل الساعة قريب)، لا يشتمل النص على ما هو المراد بالقرب، هل هو ألف سنة أو ألفين أو عشرة آلاف، من وقت نزول هذه الآية وهل هذا القرب بحساب البشر أم بحساب الله سبحانه وتعالى؟. والذي يختلف عن حساباتنا (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون).
فلو أمهل الله سبحانه وتعالى عباده بعد ختام الرسالات برسوله محمد عليه الصلاة والسلام مائة يوم، فإن هذا بحساب رب العالمين يساوي مائة ألف عام.
وإن كان هذا القرب بحساب البشر فليس هناك ثمة معيار فإن الفترة ما بين نزول آدم وبعثة نبي الله نوح نحو سبعة آلاف عام وبين نوح وإبراهيم نحو ستة آلاف عام وبين إبراهيم وموسى نحو أربعة آلاف عام وبين موسى وعيسى نحو ثلاثة آلاف عام، وبين عيسى ومحمد عليه الصلاة والسلام نحو 600 عام. فليس ثمة معيار ولا علاقة بين جائحة كورونا وقيام الساعة. إضافة إلى أن هناك أمما من البشر كانت تعيش على وجه الأرض قبل نزول آدم عليه السلام، كما قالت الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء وكان هذا قبل خلق آدم وقبل نزوله إلى الأرض. وهذه الأمم تدخل في حساب الآخرة وقيام الساعة أن أرسل الله إليهم الرسل كما قال تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)، وما ذكر في القرآن أو السنة من علامات وقوع الساعة إنما هي نصوص لا تفيد القطع واليقين ولا يعلم ما المراد بها ففي قوله تعالى: (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت)، فيها معاني قرب الساعة إذا ما أخذ في الاعتبار ما توصلت إليه الحضارات البشرية في أيامنا هذه وأصبح وجه الأرض لا سيما في الليل مضيئا مشرقا تنبعث منه علامات الزخرف والزينة ولكن الجزء المتبقي من الآية هو غاية في الأهمية ويشمل اعتقاد البشر في مقدرتهم على التحكم في سرعة دوران الأرض حول نفسها أو حول الشمس، وهو ما جاء في قوله تعالى: (وظن أهلها أنهم قادرون عليها)، فهذا الجزء من العلامات لم يقترب بعد،
ولكن للعلماء الفيزيائيين والفلكيين دلائل على سير الأرض بل والمجموعة الشمسية بأكملها نحو الانحلال والدمار.
من ذلك أن القمر لم يزل في تباعد مستمر بمعدل 3.75 سنتيمتر سنويا عن سطح الأرض، كما تم رصده على سطح القمر عند أول نزول للإنسان عليه واستمرار هذا الابتعاد يجعل القوة الجاذبية للشمس على القمر كل يوم أكبر فأكبر حتى يضمحل ارتباطه بالأرض فيخرج من مداره وتبتلعه الشمس، كما قال تعالى في وصفه لأول أحداث يوم القيامة: (فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر)، وإذا ابتلعت الشمس القمر انفرط على الفور كل نظام المجموعة الشمسية وتبدأ الأرض في زيادة سرعة دورانها وهذا يعمل على تكسير القشرة الأرضية وخروج الحمم من باطنها ويتبعها الزلازل المتواصلة ومن ثم دمار الكرة الأرضية بأكملها كما قال تعالى: (إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها)، ولكن مع كل هذا التطور والبحوث البشرية في حركات الأجرام السماوية إلا أن الجهل لا يزال يخفي وراءه الوقت الذي تبدأ فيه هذه الأحداث وأولها خروج القمر عن مداره وابتلاع الشمس له. فإن القمر الآن تحت قوى جاذبية الأرض له وجاذبية الشمس وكل يوم يقل ارتباطًا بالأرض ويزداد ارتباطاً بالشمس والله سبحانه لديه العلم بوقت هذا الحدث وهو إذا وقع فإنما يقع في لمح البصر كما قال تعالى: (وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب).
فلا يفسر كل عابر سبيل ظواهر الكون وما يحدث لنا على الأرض مرة بأنه غضب من الرب وأخرى على قرب قيام الساعة، فقد يكون هذا سبب لتخلفنا عن ركب الأمم.
كاتب سعودي