التنافسية على الطبخ بين الرجال
الجمعة / 06 / شوال / 1441 هـ الجمعة 29 مايو 2020 00:23
أسامة يماني
الثقافة الذكورية جعلت أغلب الرجال يرون أن الطبخ للنساء، ولهذا اشتهرت مقولة إن «الرجل الحقيقي لا يطبخ». ومن الأقوال التي تُكرس أن الطبخ والمطبخ للمرأة فقط القول المعروف «إنّ أسهل طريقةٍ للدخولِ إلى قلبِ الرّجل من معدَتهِ».
كما أن الصورة النمطية في مجتمعاتنا العربية أن المرأة تطبخ والرجل يعود من عمله ليجد الطعام قد أُعد له حتى أصبح ذلك مشهداً تقليدياً بحتاً. وقد امتد وانتشر هذا التصور العنصري لمهنة الطبخ والطباخين ومساعديهم، وساهمت الصحافة والإعلام في فترة الطفرة على تكريس النظرة الدونية للمهن بشكلٍ عام.
الحضارة الإسلامية لم تنظر للطبخ بشكل سلبي بل على العكس نظرت للطبخ على أنه فن وإبداع وابتكار، والشاهد على ذلك أنه في عصور الحضارة الإسلامية اشتهرت كتب الطبيخ وراجت، مثل كتاب «الطبيخ» للبغدادي، و«كتاب الطبيخ» لابن سيار الوراق وابن ماسويه وإبراهيم بن المهدي عم الخليفة المأمون الذي كتبه شعراً أيضاً. وكتاب ابن داية الذي كان واسع الثقافة كاتباً وشاعراً ورياضياً، وقد عمل في الدولة الطولونية، وابن مندويه، والحارث بن بسخنر، وكتاب الأشربة لمسكويه الفيلسوف كما كتب الرازي في«أطعمة المرضى».
وقد جاءت أسماء الأطعمة في بعض الأحاديث التي يرويها الرواة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما جاء في القرآن أسماء أدوات للأكل والشرب والمشروبات مثل الآنية والصحاف والسكين والابريق والكأس والمائدة. كما زخر الشعر العربي بأسماء الأطعمة في كل العصور ابتداءً من العصر الجاهلي، وأول من جاء في الجاهلية بطباخ لإعداد الطعام من فارس عبدالله بن جدعان.
تقول الأستاذة عنود الزهراني إنه «قبل عدة قرون كان الحديث في الشؤون المطبخية حكراً على النخب الثقافية في المجتمع، لذلك لم يتردد فلاسفة اليونان القديم مثل سقراط وأفلاطون في مناقشة ما كان يعرف بـ«الأدب المطبخي». والحال في الأدب العربي القديم لا يختلف، فتجد أن الأدب المطبخي يشغل حيزاً من كتابات فلاسفة ومفكرين مثل ابن ماسويه، ابن خلدون، أحمد السرخسي، تلميذ الفيلسوف الكندي، ومسكويه وغيرهم ممن اعتبروا الطبيخ علماً له أصول وفروع».
الحظرمنع والجلوس في البيت جعل بعض الرجال يكتشفون المطبخ سواءً رضاء أم قضاء؛ فعج وضج تويتر بالتنافسية على الطبخ بين الرجال، وهذا شيء جميل في مجمله، لأن للطبخ أثراً على أخلاق الرجل؛ فالطبخ ملازم للتحضر والحضارة والثقافة، وهو يُحسن المزاج، ويُعد تجربة ممتعة وودية للغاية إذا مارسه الزوجان أو الأصدقاء.
الطبخ يعتبر واحداً من تلك الأنشطة التي تستخدم فيها جميع الحواس طوال عملية الطبخ حتى نهايته، مثل البصر والسمع واللمس وبالطبع الرائحة والتذوق.
المهم أن لا يشعر الرجل المرأة أن دخوله للمطبخ اختراق لمملكتها لأن بعض السيدات يرين المطبخ من ضمن سلطاتهن، ومن المهم أن لايتحول الطبخ من مساعدة ومساهمة إلى فوضى.
الطبخ وفنون الطبخ وفن الأكل «Gastronomy» والتذوق وديكورات المطابخ وأدوات الطبخ وأنواع الطبخ، كل هذه الفنون ترتبط بالذوق والحس والثقافة والآداب، وهو عالم يستحق أن يُعيد الرجال اكتشافه.
كاتب سعودي
yamani.osama@gmail.com
كما أن الصورة النمطية في مجتمعاتنا العربية أن المرأة تطبخ والرجل يعود من عمله ليجد الطعام قد أُعد له حتى أصبح ذلك مشهداً تقليدياً بحتاً. وقد امتد وانتشر هذا التصور العنصري لمهنة الطبخ والطباخين ومساعديهم، وساهمت الصحافة والإعلام في فترة الطفرة على تكريس النظرة الدونية للمهن بشكلٍ عام.
الحضارة الإسلامية لم تنظر للطبخ بشكل سلبي بل على العكس نظرت للطبخ على أنه فن وإبداع وابتكار، والشاهد على ذلك أنه في عصور الحضارة الإسلامية اشتهرت كتب الطبيخ وراجت، مثل كتاب «الطبيخ» للبغدادي، و«كتاب الطبيخ» لابن سيار الوراق وابن ماسويه وإبراهيم بن المهدي عم الخليفة المأمون الذي كتبه شعراً أيضاً. وكتاب ابن داية الذي كان واسع الثقافة كاتباً وشاعراً ورياضياً، وقد عمل في الدولة الطولونية، وابن مندويه، والحارث بن بسخنر، وكتاب الأشربة لمسكويه الفيلسوف كما كتب الرازي في«أطعمة المرضى».
وقد جاءت أسماء الأطعمة في بعض الأحاديث التي يرويها الرواة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما جاء في القرآن أسماء أدوات للأكل والشرب والمشروبات مثل الآنية والصحاف والسكين والابريق والكأس والمائدة. كما زخر الشعر العربي بأسماء الأطعمة في كل العصور ابتداءً من العصر الجاهلي، وأول من جاء في الجاهلية بطباخ لإعداد الطعام من فارس عبدالله بن جدعان.
تقول الأستاذة عنود الزهراني إنه «قبل عدة قرون كان الحديث في الشؤون المطبخية حكراً على النخب الثقافية في المجتمع، لذلك لم يتردد فلاسفة اليونان القديم مثل سقراط وأفلاطون في مناقشة ما كان يعرف بـ«الأدب المطبخي». والحال في الأدب العربي القديم لا يختلف، فتجد أن الأدب المطبخي يشغل حيزاً من كتابات فلاسفة ومفكرين مثل ابن ماسويه، ابن خلدون، أحمد السرخسي، تلميذ الفيلسوف الكندي، ومسكويه وغيرهم ممن اعتبروا الطبيخ علماً له أصول وفروع».
الحظرمنع والجلوس في البيت جعل بعض الرجال يكتشفون المطبخ سواءً رضاء أم قضاء؛ فعج وضج تويتر بالتنافسية على الطبخ بين الرجال، وهذا شيء جميل في مجمله، لأن للطبخ أثراً على أخلاق الرجل؛ فالطبخ ملازم للتحضر والحضارة والثقافة، وهو يُحسن المزاج، ويُعد تجربة ممتعة وودية للغاية إذا مارسه الزوجان أو الأصدقاء.
الطبخ يعتبر واحداً من تلك الأنشطة التي تستخدم فيها جميع الحواس طوال عملية الطبخ حتى نهايته، مثل البصر والسمع واللمس وبالطبع الرائحة والتذوق.
المهم أن لا يشعر الرجل المرأة أن دخوله للمطبخ اختراق لمملكتها لأن بعض السيدات يرين المطبخ من ضمن سلطاتهن، ومن المهم أن لايتحول الطبخ من مساعدة ومساهمة إلى فوضى.
الطبخ وفنون الطبخ وفن الأكل «Gastronomy» والتذوق وديكورات المطابخ وأدوات الطبخ وأنواع الطبخ، كل هذه الفنون ترتبط بالذوق والحس والثقافة والآداب، وهو عالم يستحق أن يُعيد الرجال اكتشافه.
كاتب سعودي
yamani.osama@gmail.com