زوايا متخصصة

الصحة.. تأهبت قبل التحرز

حققت مبادرات «التحول الوطني» لها كفاءة في الخدمات وساهمت في السيطرة على كورونا

سلطان بن بندر (جدة) SultanBinBandar@

لن ينسى السعوديون كلمة وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة للمواطنين والمقيمين، بشأن الوضع الصحي في المملكة في ظل تفشي جائحة كورونا «اطمئنوا أنتم في المملكة العربية السعودية تحت ظل قيادة وضعت صحة الإنسان أولاً»، التي أظهرت مدى ثقته واعتزازه بالمنظومة الصحية السعودية، بعد أن سجلت السعودية معدلاً منخفضاً بالوفيات بسبب الإصابة بفايروس كورونا وصل إلى 0.7%. في وقت بلغ المعدل العالمي 10 أضعاف ما تسجله السعودية. وإضافة إلى البروتوكول العلاجي الدقيق والفحص الموسع والمسح النشط من خلال تتبع الحالات والبحث عنها والوصول لها قبل انتشارها، ساهمت المبادرات التي دفع بها برنامج التحول الوطني مستشرفاً المستقبل، في المساهمة بشكل فعّال في تخفيف آثار جائحة كورونا والتصدي لها من خلال الرصد والتقييم المستمر لتعزيز كافة الإجراءات الاحترازية والاستباقية للحد من انتشار الفايروس، ومواجهة التحديات ودعم متخذي القرار، إلى جانب تقديم الرعاية الصحية الشاملة المتكاملة في ظل هذه الأزمة لجميع سكان المملكة، بدءاً من استخدام خدمة التقييم الذاتي في تطبيق موعد ورقم مركز اتصال الصحة 937 على مدار الساعة المقدمة، بالتعاون مع برنامج التحول الوطني في الوصول لعدة حالات مصابة بالفايروس. وفي ظل جائحة كورونا المستجد قدمت منظومة الصحة عبر مبادرات برامج التحول الوطني عملا مميزا من خلال الرصد والتقييم المستمر لتعزيز كافة الإجراءات الاحترازية والاستباقية للحد من انتشار الفايروس، ومواجهة التحديات ودعم متخذي القرار، إلى جانب الرعاية الصحية الشاملة المتكاملة في ظل هذه الأزمة لجميع سكان المملكة.

وتصب كافة المبادرات الصحية التحولية في 4 أهداف إستراتيجية للتحول الوطني في القطاع الصحي، هي: تسهيل الحصول على الخدمات الصحية، رفع جودة وكفاءة الخدمات المقدمة، تعزيز الوقاية ضد المخاطر الصحية، وأخيرا تعزيز السلامة المرورية. وتندرج مختلف المبادرات التحولية تحت هذه الأهداف المدعومة بإستراتيجيات التحول. ومن أهمها هو التحول من مفهوم العلاج إلى مفهوم تعزيز الوقاية، فيضع الفرد في قلب اهتمامه ويقدم له خدمات الرعاية الصحية من خلال التجمعات الصحية.

وفي إطار سعي وزارة الصحة لاستثمار التقنيات الحديثة في تعزيز التواصل مع المستفيدين، أطلقت وزارة الصحة تطبيق «صحة»، الذي يوفر الاستشارات الطبية عبر الهواتف الذكية مع الطبيب المختص، بهدف تسهيل الحصول على الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وتخفيف العبء المالي على المواطن والمنشآت الصحية. إضافةً إلى تقليل الوقت المستغرق للحصول على الاستشارات الطبية. يذكر أن عدد الاستشارات الطبية المقدَّمة عبر تطبيق «صحة» حتى شهر مايو 2020، تجاوز 500 ألف استشارة، وأكثر من 420 ألف مستخدم جديد بنسبة رضى 92%.

واستمرارا لجهود التحول الوطني في الارتقاء بالخدمات المقدَّمة للمواطنين، أطلقت وزارة الصحة خدمة «موعد»، وهي خدمة إلكترونية تقدِّمها الوزارة بالتعاون مع المستشفيات، ومراكز الرعاية الصحية الأولية، والمراكز التخصصية لتمكين المستفيد من حجز وإدارة المواعيد في مراكز الرعاية الصحية أو المستشفيات، بهدف تسهيل الحصول على الخدمات الطبية ورفع مستويات الرضى لدى المستفيدين. وتجدر الإشارة إلى أن عدد المواعيد المقدَّمة عبر المنصة جاوز الـ35 مليون موعد لأكثر من 10 ملايين مستفيد وإتاحته فحص كوفيد 19 للمستفيدين من خلال أسئلة تشخيصية.

الرعاية الصحية الرقمية

أطلقت وزارة الصحة خدمة «وصفتي»، التي تعمل على صرف وصفات الأدوية للمستفيدين في مختلف مناطق المملكة، بالتعاون مع القطاع الخاص بهدف إتاحة صرف الدواء من الصيدلية لأقرب مستفيد وفي الوقت الملائم له، إضافة إلى تعزيز كفاءة الإنفاق من خلال تفادي ازدواجية صرف الأدوية، وتوفير خيار إعادة الصرف لمرضى الأمراض المزمنة، وأسهمت الخدمة من خلال 5 مستشفيات، و900 مركز صحي، و1870 صيدلية خاصة صرف أكثر من 3 ملايين وصفة دوائية إلكترونية حتى شهر مايو 2020. وشملت مبادرات برنامج التحول الوطني ووزارة الصحة إطلاق «مركز صحة 937» الذي يقدم العديد من الخدمات الصحية مثل تقديم الاستشارات الطبية والاستفسارات عن خدمات الوزارة وتقديم البلاغات والشكاوى على جميع المنشآت الصحية والحكومية والخاصة. حيث بلغ عدد المكالمات الواردة للمركز 9 ملايين مكالمة في عام 2019، شملت 4.3 مليون موعد و2.6 مليون استشارة طبية و550 ألف بلاغ. وفي السياق ذاته، أتاحت تطبيقات وزارة الصحة المشاركة المجتمعية ونظمتها، حيث وفر تطبيق «وتين» للأفراد، سهولة الوصول إلى مواقع بنوك الدم للتبرع، كما حسن قنوات التواصل بين المتبرعين وبنوك الدم واستحدث قاعدة بيانات للمتبرعين. وأطلقت منظومة الصحة عبر هيئة الهلال الأحمر السعودي تطبيق «أسعفني»، الهادف إلى استقبال بلاغات طلب الخدمة الإسعافية عبر الهواتف الذكية، ويتيح للمستخدمين إنشاء البلاغ واستدعاء الفريق الإسعافي وتتبع مساره، كما يمكن الفرق الإسعافية من الاستدلال على موقع المبلغ ومعرفة كافة المنشآت الصحية القريبة من المبلغ، إلى جانب دعم التطبيق لتقديم البلاغات من ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم والبكم. ولضمان توفر الأدوية وللتأكد من مدة توفرها وسلامتها، أطلقت منظومة وزارة الصحة عبر هيئة الغذاء والدواء نظام التتبع الدوائي الإلكتروني «رصد»، الذي يهدف إلى تتبع المستحضرات الصيدلانية إلكترونيًّا في جميع المراحل من الإنتاج وحتى الاستهلاك، بما يضمن توفُّر الأدوية في السوق السعودي، حيث خضعت كافة الأدوية في نقاط البيع لنظام التتبع الإلكتروني بنسبة 100% من خلال تسجيل أكثر من 3 آلاف منشأة وتنفيذ نحو 136 مليون عملية.

مبادرات نوعية

وشملت مبادرات برنامج التحول الوطني إطلاق المركز السعودي لسلامة المرضى، الذي يُعد الأول من نوعه في المنطقة، ويعمل كخبير رئيسي في إستراتيجية سلامة المرضى الوطنية مع التركيز على إشراك المجتمع ومقدِّمي الرعاية الصحية لتطوير سياسات وإجراءات الرعاية الصحية على أسس مثبتة علميًّا، وإعداد برامج لسلامة المرضى لرفع كفاءة الممارسين الصحيين لتقليل الأضرار الناتجة عن الأخطاء الطبية في النظام الصحي السعودي. حيث ارتفعت نسبة المستشفيات التي حققت المتوسط الأمريكي لقياس ثقافة سلامة المرضى 60% في عام 2019. واستكمالًا لجهود وزارة الصحة في رفع جودة وكفاءة الخدمات الصحية المقدَّمة، تم إطلاق المركز السعودي للمواعيد والإحالات الطبية، الذي يهدف إلى إدارة حركة الإحالات الطبية والخدمات المتعلقة بها لكافة المرضى المحالين بين المنشآت الصحية داخل وخارج المملكة، وساهم المركز في ارتفاع نسبة المرضى المعالجين داخل المملكة بنسبة وخفض الإحالة خارج مناطق إقامة المرضى داخل المملكة، إضافة إلى انخفاض متوسط الزمن المعياري لقبول الإحالات الطارئ، وارتفاع نسبة القبول للمستشفيات التخصصية خارج وزارة الصحة.

وتجدر الإشارة إلى أن تلك الجهود الحثيثة ساهمت في تحسين خدمات الرعاية الطبية الطارئة من خلال تفعيل الدوام الممتد في مراكز الرعاية الصحية الأولية في 300 مركز صحي، يعمل 66 منها على مدى 24 ساعة، و234 مركزا صحيا يعمل 16 ساعة. فقد تم خفض أوقات الانتظار لتلقي الرعاية العاجلة حيث ارتفعت نسبة من يتلقون الرعاية العاجلة في المستشفيات الرئيسية خلال 4 ساعات من 36% في عام 2016 إلى 87% في عام 2019، إضافةً إلى خفض معدل أوقات الانتظار للحصول على موعد طبي في العيادات التخصصية إلى أقل من 18 يوما في عام 2019. في الوقت الذي بلغ ارتفاع عدد المستفيدين من خدمة الرعاية الصحية المنزلية نسبة الـ89.5%، وارتفع عدد زيارات الرعاية الصحية المنزلية 163% حتى نهاية 2019. وفي السياق ذاته، قفزت المنظومة الصحية عبر مجلس الضمان الصحي التعاوني قفزة نوعية في مدى اتساع الخدمات الصحية المقدمة للمستفيدين من التأمين الصحي، بما يعزز جودة الخدمات الصحية وكفاءتها، إذ تمت إضافة 12 خدمة مثل: «حالات التوحد، الغسل الكلوي، الأمراض النفسية»، ضمن التغطية التأمينية التي وصل حدها الى 500 ألف ريال بدلا من 250 ألفا. كما حقق برنامج التحول الوطني تقدُّما ملحوظًا عبر منظومة الصحة في رفع نسبة التجمعات السكانية المغطاة بالخدمات الصحية الأساسية إلى 84% في عام 2019 عن طريق إيصال الخدمات الصحية للتجمعات السكانية الطرفية من خلال إطلاق 10 عيادات متنقلة، حيث تجاوز عدد التجمعات السكانية التي تمت تغطيتها 1400 تجمع. كما تم رفع نسبة توفير الاستشارات التخصصية خلال 4 أسابيع إلى 74% في عام 2018، مما أسهم في تحسين جودة وكفاءة الخدمات وتسهيل الحصول عليها.

فحوصات مخبرية لمواجهة الجائحة

وامتدادً لجهود التحول الوطني في الوقاية من الأمراض ومكافحتها بما يحقق رؤية المملكة ٢٠٣٠ ضمن الخدمات الصحية، أطلقت وزارة الصحة المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها الذي يهدف إلى إجراء البحوث والدراسات في مجال الوقاية من الأمراض المعدية وغير المعدية للمساهمة في الحد منها والعمل على رصدها ومتابعتها ودرء انتشارها وقد أسهم المركز في خفض الأمراض المعدية المحددة التي حققت مستويات الخفض المستهدفة بنسبة 55.5٪، إضافة إلى خفض عدد مرضى نقص المناعة المكتسب (HIV) الذين تحقق كبح الفيروس لديهم بنسبة 97٪ خلال عام ٢٠١٩م. وتجدر الإشارة إلى أن المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها قد نجح في كشف التسلسل الجيني الكامل لفايروس كورونا الجديد من حالات إيجابية لمرض كوفيد-19 مما يساهم في اكتشاف أنماط انتقال الفايروس ومقارنته بالفايروس المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية التي ظهرت في عام ٢٠١٢ وكذلك يساهم في تطوير اللقاحات والأدوية المضادّة لفايروس كورونا الجديد.