تحقيقات

«كورونا» يوقف عداد الزواج والطلاق !

عدنان الشبراوي Adnanshabrawi@

بلغ عدد عقود النكاح في جمادى الآخرة 1441هـ، 13 ألفاً، بزيادة 5% عن العقود الصادرة في الشهر نفسه العام الماضي، وشكلت عقود السعوديين الغالبية العظمى، وفي المقابل بلغ عدد صكوك الطلاق للشهر نفسه 7482 صكاً، ولاحظ مراقبون تزايداً واسعاً في طلبات الطلاق والخلع وفسخ النكاح بنسبة قدرها مختصون بنحو 30% خلال أزمة كورونا، ومن الحالات طبيبات وسيدات مجتمع وموظفات اضطررن لطلب الفسخ من أزواجهن بعدما اكتشفن زواجهم سرّاً، وأسهمت الجائحة والعزل المنزلي ومنع التجوال في كشف المستور، وتسعى المحاكم ومعها المصلحون إلى محاولة رأب الصدع بين الطرفين بعيداً عن جلسات المحاكم للحفاظ على الأسر ومنع تشتت الأطفال، وتحتاج المرأة طالبة الفسخ أو الخلع إلى إجراءات محددة لاستيفاء طلبها مع رد مهر الزوج ولها أن تطلب الفسخ بلا عوض إن أثبتت ضررها من الزوج.

العزل.. عزز الروابط الزوجية

الأخصائي الاجتماعي رئيس جمعية العلاج الآمن بجدة طلال محمد الناشري، يرى أن العلاقات الزوجية تختلف من شخص لآخر، وتزداد تماسكا وقوة عند حدوث تهديد خارجي نحو الفرد أو الأسرة أو المجتمع، فنلاحظ تماسك أفراد المجتمع وتضامنهم في مواجهة الأمراض والأوبئة والكوارث، وهذه طبيعة البشر بتوحدهم وتماسكهم ضد المؤثرات الخارجية، ونلاحظ نسبة كبيرة من أفراد المجتمع يطبقون العزل والحرص على سلامة أفراد الأسرة والمجتمع.

ومن هذا المنطلق، نجد أن العزل يقوي العلاقات الأسرية ويزيد من ترابط أفراد الأسرة بمشاركتهم لكافة أمور الحياة الأسرية ومساعدة بعضهم في حل المشاكل وتوفير الدعم النفسي والمعنوي وشغل وقت فراغهم بما يفيد، خصوصا إذا كانت هناك مودة ومحبة بين الزوجين وأبنائهم ولديهم الوعي والقدرة اللازمة للتغلب على ضغوط الحياة، وللأسف توجد بعض الاختلافات والضغوط بين بعض الأزواج، وتكثر بين الأزواج الذين ينقصهم الوازع الديني وضعف العلاقات واعتمادهم على المصالح الفردية وحب الذات وتظهر ردة فعلهم وصدق مشاعرهم عند أي ضغوط خارجية.

قبل «الجائحة» .. ما المناطق المتصدرة في عقود النكاح والانفصال ؟

كشفت البوابة الإلكترونية في وزارة العدل أن عدد عقود النكاح لشهر جمادى الآخرة 1441هـ بلغ نحو 13 ألف عقد، بزيادة 5% عن عقود النكاح الصادرة في الشهر نفسه العام الماضي 1440هـ، ومثلت عقود النكاح التي يكون طرفاها سعوديين نسبة 88% من إجمالي عقود النكاح في المملكة، وصدرت نسبة 45% من إجمالي عقود النكاح في منطقتي مكة المكرمة والرياض، وراوح عدد عقود النكاح الصادرة يومياً في المحاكم السعودية بين 285 و938 عقداً قبل أزمة كورونا. في المقابل بلغ عدد صكوك الطلاق لشهر جمادى الآخرة لعام 1441هـ 7.482 صكاً، صدرت نسبة 52% من إجمالي الطلاق في منطقتي مكة المكرمة والرياض، وراوح عدد صكوك الطلاق الصادرة يومياً في جميع المناطق المملكة بين 163 و489 صكاً قبل جائحة كورونا، وراوح عدد صكوك الطلاق الشهرية للأشهر الـ12 السابقة بين 3.397 حدّاً أدنى و7.293 حدّاً أعلى. وقالت مصادر مطلعة إن البوابة الإلكترونية لوزارة العدل أوقفت نشر أي إحصاءات منذ جمادى الآخرة لعام 1441هـ؛ بسبب تعليق أعمال المحاكم.

وكشفت البوابة أن إحصاءات عقود الزواج لشهر جمادى الآخرة العام الماضي 1440هـ بلغت 12.431، في حين بلغ عدد حالات الطلاق 6.121، وفي رجب 1440هـ بلع عدد عقود الزواج 118.800 وصكوك الطلاق 5.698، وبلغ عدد عقود الزواج في شهر شعبان 1440هـ 13.381 عقد نكاح، مقابل 6.319 صك طلاق في حين سجل رمضان 1440 عدد 6.615 عقد زواج، مقابل 3.397 صك طلاق، في حين لم تصدر إحصائية عن أشهر رجب وشعبان ورمضان للعام الحالي 1441؛ بسبب كورونا.

أين المودة والرحمة ؟

قالت المشرف التنفيذي لمبادرة تكامل للمعونة القضائية منال الحارثي، إن العلاقات الزوجية لم تكن في منأى عن التأثر بجائحة كورونا، إذ إن زوجات لجأن إلى مكاتب محاميات لطلب الطلاق خلال جائحة كورونا، ومنهن من رفعت دعوى إلكترونية مباشرة عقب حصولها على استشارة قانونية لمعرفة الخطوات المطلوبة، وأضافت أن الطلاق يقع في أي وقت وليس له سبب أو مناسبة سوى تأجيج الغضب بين الزوجين، وقد لا يوثق في المحكمة حالاً، وقد يراجع الزوج زوجته، وأكدت الحارثي ضرورة أن يستشعرالزوجان التوجيه الرباني في مقومات الزواج عملاً بقوله تعالى: «وجعل بينكم مودةً ورحمة».

لا تفتحوا الدفاتر القديمة

نقلت مصادر قانونية لـ«عكاظ» أن مكاتب للمحاماة سجلت تزايداً ملحوظاً في طلبات الطلاق والخلع وفسخ النكاح بنسبة قدرها مختصون بنحو 30% خلال أزمة كورونا، ورصدرت «عكاظ» 22 دعوى تلقتها محاميات ومحامون لطلب الخلع والطلاق، بينهن معلمات وطبيبات وسيدات أعمال، وروى المحامي والموثق العدلي صالح مسفر الغامدي أنه تلقى 5 طلبات طلاق خلال أسبوعين من زوجات بينهن طبيبات وسيدات أعمال يطلبن فسخ نكاحهن، ومن بينهن طبيبة اكتشفت أن زوجها متزوج سرّاً ومسياراً من مقيمة عربية ورفضت تقبل الوضع ولجأت لطلبت الخلع. وقال المحامي الغامدي إن بعض البيوت تحولت إلى ساحات تصفية حسابات تبدأها في الأغلب الزوجة بفتح الدفاتر القديمة وقد يشاركها الزوج في الجدال أو التدخل في أمور البيت الاعتيادية بسبب مكوثه المتواصل بالمنزل ثم ينهي الزوج الخلاف بعبارة أبغض الحلال، وشدد على أن المحاكم ومكاتب المحاماة تسعى للإصلاح بين الزوجين وإبعادهما عن ساحات التقاضي حفاظاً على بيت الزوجية.

من جانبها، قالت المحامية سمية الهندي إن الطلاق قد يقع من طرف الرجل باللفظ ويوثق لاحقاً أمام المحكمة ويصدر صك به، وفي المقابل تحتاج الزوجة إلى تقديم طلب فسخ نكاح (الخلع) بمعنى أن ترد مهر الزوج، أو تطلب فسخ نكاحها بلا عوض (الطلاق) بشرط أن تثبت تضررها من زوجها.

عالقة عائدة تطلب الخلع.. بماذا نصحها «قاضي» سابق ؟

يتداول كثيرون قصص خلافات وطلبات طلاق أو خلع مؤجلة بحكم الوضع الحالي، آخرها سيدة كانت ضمن العالقين خارج المملكة بسبب كورونا، وعقب عودتها بأسبوع فاجأت زوجها بطلب الطلاق بحجة أنه أهملها وهي خارج المملكة ومنحته أسبوعا لتطليقها قبل أن تقيم دعوى خلع أمام القضاء. ومع أزمة كورونا وتعليق المحاكم لجلساتها قد يقع الطلاق بين زوجين دون الحاجة إلى مراجعة المحاكم. وينصح القاضي تركي القرني طرفي الزواج بالتروي والحكمة خصوصا في هذه الجائحة، إذ تتداول المجالس قصص وروايات عن زوجات تركن بيوتهن ورجعن لبيوت أهاليهن ويطالبن بالطلاق، ما يستدعي التوقف عند هذه الظواهر، فالمطلوب ألا ينسى الأزواج الفضل بينهم، فجائحة كورونا ليست محل خصومة أو تصفية حسابات، مع الاعتراف بوجود ضغوط حياتية ونفسية تستلزم من الجميع الحكمة والتفكر والتدبر للعواقب الوخيمة التي تنتج من الانفصال مثل تشتت الأسرة وضياع مستقبل الأطفال. وأضاف القرني أن محاكم الأحوال الشخصية تختص بإثبات الطلاق، لكن الطلاق يقع باللفظ شفويا دون الرجوع للمحكمة، «يجب أن تحفظ الزوجات بيوتهن ولا يسعين إلى خرابها»، وفي المقابل هناك أيضا أزواج يحاسبون ويدققون في أمور البيت بلا مبرر ويحاولون تصيد الأخطاء.

«تراضي» هل يصلح ما أفسدته النزاعات ؟

أطلقت وزارة العدل في وقت سابق منصة «تراضي» الإلكترونة لإصدار محاضر الصلح بين المتنازعين عن بُعد بما في ذلك الخلافات الزوجية واعتبرته سنداً تنفيذياً، في خطوة تهدف إلى اختصار الوقت والتيسير على المتنازعين، في إطار مشروع الصلح الإلكتروني. وقالت الوزارة إنه تماشياً مع الإجراءات الاحترازية الوقائية التي قامت بها الدولة للحد من انتشار فايروس كورونا الجديد؛ وحرصاً على سلامة المستفيدين، يتم تقديم طلب الصلح في منصة تراضي، وتعقد لقاءات الصلح عبر خدمة الصلح عن بُعد لحل النزاعات، والتي تُمكّن الخصوم من الحصول على وثيقة صلح تُعد سنداً تنفيذياً، وأكَّدت الوزارة أنَّ المحضر متفق مع القواعد العامة، دعماً لتوجه الوزارة للتحول الرقمي، وبدء منصة «تراضي»، في إصدار محاضر الصلح والتي وضعت من بين الخيارات الخلافات الزوجية من طلاق وحضانة ونفقة وأي طلب للزوجين. ووجَّه وزير العدل كافة الجهات المرتبطة بوزارة العدل لاعتماد محاضر الصلح الصادرة عبر منصة «تراضي» سندات تنفيذية، وأن يتم التحقق من المحاضر عن طريق بوابة المنصة حتى إتمام الربط مع نظام التنفيذ الإلكتروني.