الربيع الأمريكي
مفتاح ضائع
الأحد / 15 / شوال / 1441 هـ الاحد 07 يونيو 2020 00:17
أنمار مطاوع
(الربيع) في عالم السياسة هو مصطلح أطلق في القرن العشرين بهدف الإشارة إلى (الاحتجاجات الطلابية، أو الحركات الثورية، أو الموجات الثورية). ويرجع أصل المصطلح إلى مفهوم الثورات الأوروبية منتصف القرن التاسع عشر التي سميت «ربيع الأمم»، ولم يقصد به الدمار والمآسي.
الربيع.. كمصطلح تم تشويهه كثيرا وخرج عن مفهومه الأساس. فهو يدل على مرحلة إعادة التجديد بروح أكثر نشاطا وأكثر حيوية. ولا يدل بشكل أو بآخر على العنف والغوغاء. لم يكن الهدف منه المظاهرات التي تتحول -بالضرورة- إلى فوضى؛ كما يقول علماء النفس المتخصصون في إدارة الحشود إن الفرد يغيب عن عقله الذاتي ويدخل في عقلية القطيع، وعندها يفقد كامل قيمِه ومفاهيمه ومبادئه ويتبع ما تفعله قيادة القطيع أو أحد رعاعه؛ لهذا كانت أحد أهم وصايا سقراط العشر: «لا تتبع القطيع».
الربيع كلمة إيجابية شوهتها الممارسات والجرائم التي ارتكبت باسمها. وأخرجتها من قوة اللاعنف التي لا تُقهر.. إلى خراب لا يتناسب مع الكلمة ذاتها.
مالكوم إكس كان متبنيا سياسة «الرد على العنف الأبيض بعنف أكبر» وهذه هي السياسة التي صفتّه وهو على المنبر يدلي بحديث عن عنف رجال الشرطة ضد أصحاب البشرة السمراء. رغم أنه كان يشير صراحة إلى إباحة أي وسيلة ضرورية يستطيع أن يتخذها أصحاب البشرة السمراء في المجتمع الأمريكي من أجل تأمين حقوقهم الكاملة كأفراد.. ورغم أن من أساؤوا فهمه صنفوه على أنه مناقض لتعاليم اللاعنف -خصوصا أن مارتن لوثر كنج كان يسير على خطى غاندي السلمية- إلا أن مالكوم لم يقصد الفوضى والسرقة والتخريب.
ربيع الهند على يد غاندي كان قائما على الاحتجاجات السلمية أو اللاعنف الكامل؛ بمعنى آخر، مقاومة الاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. وقد أدت تلك الحركة إلى استقلال الهند.. وأيضا ألهمت الحقوق المدنية حول العالم آلية جديدة أقوى وأكثر تأثيرا. -يوم ميلاده 2 أكتوبر أصبح تاريخا دوليا لـ(يوم اللاعنف)-.
الوعي هو صمام الأمان في كلمة الربيع وإلا تحولت إلى فوضى عارمة في أي دولة كانت.
مصطلح (الربيع الأمريكي) ليس الهدف منه الفوضى والتخريب وإتلاف الممتلكات والاعتداء على الأبرياء -تلك مرحلة ستنتهي بحلوها ومرّها وتصبح تاريخا- بل المقصود هو القوانين المدنية، والمواد النظامية، والتحول الثقافي الذي سيخرج به المجتمع بعد صرخة: «لا أستطيع التنفس».. ذاك هو الربيع الذي سينعكس على المجتمع الأمريكي وعلى السياسة الأمريكية العالمية.
كاتب سعودي
anmar20@yahoo.com
الربيع.. كمصطلح تم تشويهه كثيرا وخرج عن مفهومه الأساس. فهو يدل على مرحلة إعادة التجديد بروح أكثر نشاطا وأكثر حيوية. ولا يدل بشكل أو بآخر على العنف والغوغاء. لم يكن الهدف منه المظاهرات التي تتحول -بالضرورة- إلى فوضى؛ كما يقول علماء النفس المتخصصون في إدارة الحشود إن الفرد يغيب عن عقله الذاتي ويدخل في عقلية القطيع، وعندها يفقد كامل قيمِه ومفاهيمه ومبادئه ويتبع ما تفعله قيادة القطيع أو أحد رعاعه؛ لهذا كانت أحد أهم وصايا سقراط العشر: «لا تتبع القطيع».
الربيع كلمة إيجابية شوهتها الممارسات والجرائم التي ارتكبت باسمها. وأخرجتها من قوة اللاعنف التي لا تُقهر.. إلى خراب لا يتناسب مع الكلمة ذاتها.
مالكوم إكس كان متبنيا سياسة «الرد على العنف الأبيض بعنف أكبر» وهذه هي السياسة التي صفتّه وهو على المنبر يدلي بحديث عن عنف رجال الشرطة ضد أصحاب البشرة السمراء. رغم أنه كان يشير صراحة إلى إباحة أي وسيلة ضرورية يستطيع أن يتخذها أصحاب البشرة السمراء في المجتمع الأمريكي من أجل تأمين حقوقهم الكاملة كأفراد.. ورغم أن من أساؤوا فهمه صنفوه على أنه مناقض لتعاليم اللاعنف -خصوصا أن مارتن لوثر كنج كان يسير على خطى غاندي السلمية- إلا أن مالكوم لم يقصد الفوضى والسرقة والتخريب.
ربيع الهند على يد غاندي كان قائما على الاحتجاجات السلمية أو اللاعنف الكامل؛ بمعنى آخر، مقاومة الاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. وقد أدت تلك الحركة إلى استقلال الهند.. وأيضا ألهمت الحقوق المدنية حول العالم آلية جديدة أقوى وأكثر تأثيرا. -يوم ميلاده 2 أكتوبر أصبح تاريخا دوليا لـ(يوم اللاعنف)-.
الوعي هو صمام الأمان في كلمة الربيع وإلا تحولت إلى فوضى عارمة في أي دولة كانت.
مصطلح (الربيع الأمريكي) ليس الهدف منه الفوضى والتخريب وإتلاف الممتلكات والاعتداء على الأبرياء -تلك مرحلة ستنتهي بحلوها ومرّها وتصبح تاريخا- بل المقصود هو القوانين المدنية، والمواد النظامية، والتحول الثقافي الذي سيخرج به المجتمع بعد صرخة: «لا أستطيع التنفس».. ذاك هو الربيع الذي سينعكس على المجتمع الأمريكي وعلى السياسة الأمريكية العالمية.
كاتب سعودي
anmar20@yahoo.com