تركيا في رمال ليبيا
الاثنين / 23 / شوال / 1441 هـ الاثنين 15 يونيو 2020 01:00
عبدالرحمن الطريري
بلا شك أن الرئيس رجب طيب أردوغان راكم غباء سياسيا على مر سنوات ما بعد الربيع العربي، جعله يرغب في التمدد عربيا على طريقة إيران، وجعله يظن بأنه قادر على تحقيق العلاقة الصعبة مع واشنطن وموسكو معا.
علاقته مع موسكو تطورت بعد اعتذار كبير منه لإسقاط طائرة السوخوي الروسية، والتي تلتها مقاطعة اقتصادية روسية موجعة لتركيا، اضطرت أردوغان للذهاب والاعتذار من بوتين، ثم التنسيق على مسار سوتشي وأستانة مع إيران وروسيا، مما كفل تسليم حلب وحشر باقي المقاتلين والجماعات الإرهابية في إدلب.
أردوغان ذهب أبعد من ذلك حين قام بشراء نظام الدفاع الجوي S400 من روسيا، وهو ما يتعارض مع عقيدة جيش عضو في الناتو، ويتدرب عسكريوه على طائرات F-35، وهذا بطبيعة الحال يبعده عن واشنطن، بالإضافة إلى دعم واشنطن للأكراد في سوريا وهو ما يقلقه أكثر، إلا أن هناك شعورا أن جينات المؤسسات التركية متناغمة أمريكيا وتتعامل مع أردوغان على أنه مرحلة وتعبر.
ومن إدلب يبدو أن صفقة روسية - تركية تمت بحيث يتم تصدير المقاتلين إلى غرب ليبيا، وبالتالي تفريغ سوريا منهم، وتحقيق تغيير في الموازين لصالح السراج وعلى حساب حفتر، مستفيدا من التلكؤ المصري في الدفاع عن أمنه القومي، ومن التراجع الكبير للدور الفرنسي في أفريقيا.
عشية اتفاق القاهرة الذي أعلن عنه الرئيس عبدالفتاح السيسي بمعية قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح، استمر النظام التركي في إرسال الطائرات والسفن إلى ليبيا، غير عابئ بالإعلان المصري أو بخطابات التأييد له من مختلف الدول الغربية.
وهذا يعني تأييدا غربيا للتدخل التركي في ليبيا، تحت مظنة تحقيق توازن مع روسيا، التي أعلنت مصادر أمريكية تدخلها في ليبيا، عبر طائرات هبطت في سوريا وطليت بألوان أخرى وغادرت نحو ليبيا، وهذا التدخل التركي المؤيد غربيا والمتناقض مع التصريحات العربية، يذكرني بتصريح لسيرجي لافروف وزير خارجية روسيا في 2012، حين قال نتشارك مع الغرب نفس الرؤية حول سوريا في الغرف المغلقة.
ليبيا لم تكن يوما سهلة على مستعمر، هذا ما يعرفه الإيطاليون جيدا، وهذا ما سيدركه الأتراك لاحقا، صحيح أن تركيا محدودة الموارد، وتعتبر ليبيا كنزا لها على مستوى النفط والغاز، ولكن هذه الوجبة لن يسمح بها الغرب بهذه السهولة، كما أن المبالغة في التمدد خارجيا غالبا ما تمزق المركز.
كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com
علاقته مع موسكو تطورت بعد اعتذار كبير منه لإسقاط طائرة السوخوي الروسية، والتي تلتها مقاطعة اقتصادية روسية موجعة لتركيا، اضطرت أردوغان للذهاب والاعتذار من بوتين، ثم التنسيق على مسار سوتشي وأستانة مع إيران وروسيا، مما كفل تسليم حلب وحشر باقي المقاتلين والجماعات الإرهابية في إدلب.
أردوغان ذهب أبعد من ذلك حين قام بشراء نظام الدفاع الجوي S400 من روسيا، وهو ما يتعارض مع عقيدة جيش عضو في الناتو، ويتدرب عسكريوه على طائرات F-35، وهذا بطبيعة الحال يبعده عن واشنطن، بالإضافة إلى دعم واشنطن للأكراد في سوريا وهو ما يقلقه أكثر، إلا أن هناك شعورا أن جينات المؤسسات التركية متناغمة أمريكيا وتتعامل مع أردوغان على أنه مرحلة وتعبر.
ومن إدلب يبدو أن صفقة روسية - تركية تمت بحيث يتم تصدير المقاتلين إلى غرب ليبيا، وبالتالي تفريغ سوريا منهم، وتحقيق تغيير في الموازين لصالح السراج وعلى حساب حفتر، مستفيدا من التلكؤ المصري في الدفاع عن أمنه القومي، ومن التراجع الكبير للدور الفرنسي في أفريقيا.
عشية اتفاق القاهرة الذي أعلن عنه الرئيس عبدالفتاح السيسي بمعية قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح، استمر النظام التركي في إرسال الطائرات والسفن إلى ليبيا، غير عابئ بالإعلان المصري أو بخطابات التأييد له من مختلف الدول الغربية.
وهذا يعني تأييدا غربيا للتدخل التركي في ليبيا، تحت مظنة تحقيق توازن مع روسيا، التي أعلنت مصادر أمريكية تدخلها في ليبيا، عبر طائرات هبطت في سوريا وطليت بألوان أخرى وغادرت نحو ليبيا، وهذا التدخل التركي المؤيد غربيا والمتناقض مع التصريحات العربية، يذكرني بتصريح لسيرجي لافروف وزير خارجية روسيا في 2012، حين قال نتشارك مع الغرب نفس الرؤية حول سوريا في الغرف المغلقة.
ليبيا لم تكن يوما سهلة على مستعمر، هذا ما يعرفه الإيطاليون جيدا، وهذا ما سيدركه الأتراك لاحقا، صحيح أن تركيا محدودة الموارد، وتعتبر ليبيا كنزا لها على مستوى النفط والغاز، ولكن هذه الوجبة لن يسمح بها الغرب بهذه السهولة، كما أن المبالغة في التمدد خارجيا غالبا ما تمزق المركز.
كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com