وزارة التعليم ونفض ثقافة الاستهلاك وعقلية التسليع
الثلاثاء / 24 / شوال / 1441 هـ الثلاثاء 16 يونيو 2020 01:04
عبداللطيف الضويحي
لا يمكن الحديث عن المستقبل وعن اقتصاد المعرفة وعن جيل الثورة الصناعية والذكاء الصناعي وتحقيق أهداف الرؤية، من دون تهشيم جدران العقلية الاستهلاكية وتحرير عقول النشء من ثقافة تسليع وتشييئ القيم الحقيقية للإنتاج والعمل.
لفت انتباهي قرار وزارة التعليم بتحويل الثانويات إلى أكاديميات تشتمل على مسارات أربعة هي المسار التقني والمسار الفني والمسار المهني ومسار العلوم والرياضيات بالإضافة إلى المسار العلمي والمسار الأدبي المعمول بهما حاليا، وهي بلا شك خطوة مبنية على احتياج سوق العمل والتوظيف، لكنها في الوقت عينه تطرح أسئلة جوهرية حول ماهية هذا التغيير وما إذا كان استنساخا وتكرارا لعقلية وثقافة استهلاكية عانى ويعاني منها المجتمع السعودي والمجتمعات العربية ككل. فهناك فرق بين استهلاك التقنية وإنتاج التقنية، هناك فرق بين شراء التقنية وصناعة وإنتاج التقنية.
من قراءتي وتحليلي لأهداف التعليم في المملكة، هناك فجوة كبيرة بين تلك الأهداف والمسارات الجديدة التي أعلنت عنها وزارة التعليم. وسأترك الحديث عن مستوى صياغة ومحتوى أهداف التعليم في مقال آخر.
لا أقلل من قيمة المسارات الجديدة، لكن التغيير الحقيقي المطلوب يجب أن يطال ثقافة العمل ويستنطق قيم وقناعات الصناعة والتصنيع والإنتاج في عقول وثقافة الطلبة والطالبات.
أخشى أن التغيير الحقيقي المطلوب من وزارة التعليم هو صناعة أجيال قادرة على ترجمة وتحويل براءات الاختراعات التي حققتها وتحققها الجامعات السعودية كل عام وآخرها ما حققته جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وحصولها على المركز الرابع عالميا في مجال براءة الاختراعات، فلا تنتهي تلك الاختراعات والابتكارات حبيسة أدراج الجامعات وزفات الإعلام. فلا بد لهذه الابتكارات والاكتشافات أن تمشي على الأرض وأن تحلق في فضاء المستقبل الملموس.
لست ضد المسارات الجديدة، لكن قراءتي للفجوة الكبيرة بين أهداف الوزارة والمسارات الجديدة وقراءتي للتجارب السابقة، تؤكد أن خريجي هذه المسارات سينتهي بهم المطاف إلى مجرد موظفي مكاتب في المؤسسات الحكومية مثلما انتهى قبل ذلك بخريجي التعليم الفني والتدريب المهني خلال سنوات الهدر والفاقد والضياع.
إن التغيير المطلوب من وزارة التعليم هو أن تكون ابتكارات واختراعات الجامعات هي الشغل الشاغل لهذا الجيل والأجيال القادمة، ليس من خلال التمويل وتوفير رأس المال النقدي فحسب، إنما من خلال إعادة صياغة العقول وإعادة برمجة ثقافة المجتمع الاستهلاكية والقناعات إلى عقول وثقافة وقناعات إنتاجية تقوم على تجذير الصناعة والتصنيع والذكاء الصناعي.
إن التغيير الحقيقي المطلوب من وزارة التعليم هو أن يكون أول درس يتلقاه ويحلله وينقده طلبة وطالبات المسارات الجديدة هو الأرقام والإحصاءات التالية:
ينفق السعوديون سنويا 5.6 مليار ريال على العطور ومستحضرات التجميل، كما ينفق السعوديون 500 مليون ريال سنوياً على البخور، كما ينفق السعوديون 500 مليون دولار سنوياً على لعب الأطفال.
أتعشم وأتمنى أن تخرج وزارة التعليم من العملية التعليمية لترى أبعد وأعمق من سوق العمل الاستهلاكي القائم على منتجات الصين والشرق والغرب وأن تصوغ أهدافها وإستراتيجيتها ومساراتها في ضوء ثقافة جديدة عنوانها صناعة سعودية بعقول وأيد وتقنية سعودية.
كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
لفت انتباهي قرار وزارة التعليم بتحويل الثانويات إلى أكاديميات تشتمل على مسارات أربعة هي المسار التقني والمسار الفني والمسار المهني ومسار العلوم والرياضيات بالإضافة إلى المسار العلمي والمسار الأدبي المعمول بهما حاليا، وهي بلا شك خطوة مبنية على احتياج سوق العمل والتوظيف، لكنها في الوقت عينه تطرح أسئلة جوهرية حول ماهية هذا التغيير وما إذا كان استنساخا وتكرارا لعقلية وثقافة استهلاكية عانى ويعاني منها المجتمع السعودي والمجتمعات العربية ككل. فهناك فرق بين استهلاك التقنية وإنتاج التقنية، هناك فرق بين شراء التقنية وصناعة وإنتاج التقنية.
من قراءتي وتحليلي لأهداف التعليم في المملكة، هناك فجوة كبيرة بين تلك الأهداف والمسارات الجديدة التي أعلنت عنها وزارة التعليم. وسأترك الحديث عن مستوى صياغة ومحتوى أهداف التعليم في مقال آخر.
لا أقلل من قيمة المسارات الجديدة، لكن التغيير الحقيقي المطلوب يجب أن يطال ثقافة العمل ويستنطق قيم وقناعات الصناعة والتصنيع والإنتاج في عقول وثقافة الطلبة والطالبات.
أخشى أن التغيير الحقيقي المطلوب من وزارة التعليم هو صناعة أجيال قادرة على ترجمة وتحويل براءات الاختراعات التي حققتها وتحققها الجامعات السعودية كل عام وآخرها ما حققته جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وحصولها على المركز الرابع عالميا في مجال براءة الاختراعات، فلا تنتهي تلك الاختراعات والابتكارات حبيسة أدراج الجامعات وزفات الإعلام. فلا بد لهذه الابتكارات والاكتشافات أن تمشي على الأرض وأن تحلق في فضاء المستقبل الملموس.
لست ضد المسارات الجديدة، لكن قراءتي للفجوة الكبيرة بين أهداف الوزارة والمسارات الجديدة وقراءتي للتجارب السابقة، تؤكد أن خريجي هذه المسارات سينتهي بهم المطاف إلى مجرد موظفي مكاتب في المؤسسات الحكومية مثلما انتهى قبل ذلك بخريجي التعليم الفني والتدريب المهني خلال سنوات الهدر والفاقد والضياع.
إن التغيير المطلوب من وزارة التعليم هو أن تكون ابتكارات واختراعات الجامعات هي الشغل الشاغل لهذا الجيل والأجيال القادمة، ليس من خلال التمويل وتوفير رأس المال النقدي فحسب، إنما من خلال إعادة صياغة العقول وإعادة برمجة ثقافة المجتمع الاستهلاكية والقناعات إلى عقول وثقافة وقناعات إنتاجية تقوم على تجذير الصناعة والتصنيع والذكاء الصناعي.
إن التغيير الحقيقي المطلوب من وزارة التعليم هو أن يكون أول درس يتلقاه ويحلله وينقده طلبة وطالبات المسارات الجديدة هو الأرقام والإحصاءات التالية:
ينفق السعوديون سنويا 5.6 مليار ريال على العطور ومستحضرات التجميل، كما ينفق السعوديون 500 مليون ريال سنوياً على البخور، كما ينفق السعوديون 500 مليون دولار سنوياً على لعب الأطفال.
أتعشم وأتمنى أن تخرج وزارة التعليم من العملية التعليمية لترى أبعد وأعمق من سوق العمل الاستهلاكي القائم على منتجات الصين والشرق والغرب وأن تصوغ أهدافها وإستراتيجيتها ومساراتها في ضوء ثقافة جديدة عنوانها صناعة سعودية بعقول وأيد وتقنية سعودية.
كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org