كتاب ومقالات

الصلح الجنائي وقاتل الروابي

أريج الجهني

في مقال قديم كتبت «الإجرام في حق المرأة هو إجرام مبطن ضد الدولة مغلف بصبغة مجتمعية» بل أيقنت أن هذا الإرث البغيض هو أحد أذرعة الفكر الإرهابي الذي لا ينهض بمجتمع وتفزعه عبارة (مجتمع حيوي)، فالمقاومة العنيفة الخفية لإصلاحات رؤية 2030 نهضت في نفوس أعداء هذا الوطن والخلايا النائمة عبر العزف على وتر المرأة، حتى وصل الحال للنزف! والقتل وتصاعدت القضايا بشكل مخيف ومفزع وكأنها رسائل غير مباشرة ترفض (تمكين المرأة) وملف الإصلاحات الحقوقي الذي تقوده الدولة ببسالة ورقي ممثلة بالتحديثات المستمرة والمبهرة في ملف المرأة على أعلى المستويات وأهمها وأكثرها تفرداً جهود النيابة العامة المبهرة التي جاءت كحلقة مفصلية بين الماضي والحاضر، ولتبرهن أن قوة تأثير المنظمة لا تستمد قوتها من السلطة أو الزمن فقط، بل من العقول والسواعد التي تعمل بها ليل نهار.

أنشأت النيابة العامة وحدة الصلح الجنائي التي سأتحدث عنها بشكل موجز، من منطلق حسها بالمسؤولية الاجتماعية في تعزيز الوعي ومنع الأذى قبل وقوعه، الوحدة يشرف عليها مختصون في الخدمة الاجتماعية ويحملون درجات علمية عليا، فالصلح يتخذ مكانة أمنية مهمة لحفظ الأمن الاجتماعي ويبلغ عدد وحدات الصلح حول المملكة 19، والأهم أن نسبة إنهاء النزاعات تجاوزت 60%، وهذا مؤشر متميز ويعكس مهنية وعمق هذه الوحدة التي تباشر العديد من القضايا، وهنا أقول لكل مواطنة أو مواطن لا تترددوا بالتواصل مع الجهات المختصة هذه الوحدة كمثال لا الحصر، ولا تسمحوا لأحد أن يهدد أمنكم وسلمكم، هناك جهات مسخرة تماماً لحمايتكم وإن قصرت جهة توجهوا لأخرى حتى تجدوا الحل المناسب وعيكم مهم.

في قضية الفتاة التي تصدرت ترند #قاتل الروابي، تألمت كثيراً لحالها وشعرت بالأسى وأول ما جاء في ذهني هل تواصلت القتيلة -رحمها الله- مع أي جهة أمنية؟ أو اكتفت مغلوبة على أمرها باعتبار تهديدات القاتل أنها (هوشة عادية)، صناعة وعي مجتمعي تتطلب أن نصل لهذه الفئات المستضعفة التي تتعرض للعنف والترهيب دون أن نسمع صوتها، للأسف يوجد تقصير من بعض الجهات المناط بها معالجة الجرائم التي تحدث خلف الأسوار، وأيضاً أعيد التأكيد بأن مفهوم (العنف الأسري) خاطئ تماماً المفهوم الصحيح (الجريمة في حق مواطن أو مواطنة مهما كان عمره أو جنسه أو صلة القرابة بينهم).

التحدي الآن، هو إيصال هذه الرسالة لكل من تسول له نفسه بقتل من حوله، إنك حينما تقتل أهل بيتك فأنت تقتل وطنك، تقتل رؤية قادتك، أنت أشد جرماً من عدونا الخارجي بل أنت تقدم بدم بارد جثثاً وضحايا بريئة ستنال عقابك في هدرها وأيضاً سننال نحن بسبب إجرامك المزيد من التهم والمشاكل الخارجية، فمع كل جريمة تحدث تزداد شهية الصحف والإعلام المعادي للنيل من وطننا وحفظ صورة المرأة السعودية كضحية!، بل قرأت العديد من التعليقات التي تجدها في صف التوجه السلبي ضد تمكين المرأة، وهذا الأمر مقلق لأننا نرى كيف أن الإصلاحات مستمرة والجهود في ذروتها، ثم تأتي هذه الجرائم التي تمس أمن الجميع وتبدأ تتوارد الأسئلة ونعود لنقطة الصفر!.