أخبار

لماذا لم يجتمع العرب على موقف السادات؟

استمرت ردود الفعل المؤيدة تتوالى، لم يبق في المملكة سفير واحد إلاّ وأعلن تأييد بلاده للمشروع. وكانت القمة العربية الثالثة عشرة على وشك الانعقاد، وفجأة وبدون تخطيط سابق، أصبح المشروع الموضوع الرئيسي في جدول الأعمال واختفت المواضيع الأخرى، بدأ الملك فهد «الأمير آنذاك» يبدي اهتماماً متزايداً بتطوّرات مشروعه. أيّدت دول الخليج بدرجات متفاوتة من الحرارة المشروع فتحوّل أو كاد إلى مشروع خليجي ومع تأييد عدد متزايد من الدول العربية بدأ الأمل يدبّ في النفوس في أن يتحوّل المشروع إلى مشروع عربي للسلام.

وكما يقول القصيبي، فقد كان الملك فهد «الأمير آنذاك» بطبيعته ومن واقع خبرته السياسية الطويلة رجلاً يميل إلى السلام، لأنه يدرك أنّ أيّ مواجهة مع إسرائيل في ظل ظروف الفرقة العربية القائمة ستنتهي بانتصار إسرائيلي ساحق. كما كان يدرك أن موقف السادات من السلام لم يكن بالموقف الذي يمكن أن تجمع عليه الأمة العربية. كان الملك فهد «الأمير آنذاك» يرى أن السادات قد ضيّع الفرصة التاريخية التي تهيأت له لإيجاد سلام مشرّف، كما ضيّع من قبله عبدالناصر الفرصة التاريخية التي تهيأت له لقيادة العرب، ضيعها السادات بالاستسلام التام في آخر لحظة وضيعها عبدالناصر برغبته في جعل الآخرين مجرّد أتباع له، لقد كان الملك فهد يطمع في الوصول إلى ما فشل السادات في تحقيقه: إيجاد صيغة معقولة مشرّفة يتبناها العرب أولاً، ويتبناها العالم ثانياً، ثم تقوم الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لقبولها، ولكي يتحقق ذلك فلابد من ثمن، وهذا الثمن هو الاعتراف بوجود إسرائيل.

كان المفروض، كما يقول القصيبي، في انعقاد جلسة مجلس التعاون الخليجي أن يتبنى المجلس المشروع بحذافيره ثم يتقدم به إلى القمة العربية باسم المجلس إلاّ أن الكويت في اللحظة الأخيرة اتخذت موقفاً متردداً نظراً لما تعانيه من حساسية مفرطة تجاه أي موضوع قد يثير المشاعر الفلسطينية وبالتالي يثير مشاعر الفلسطينيين المقيمين في الكويت، فقد رفضت الكويت في ضوء غموض الموقف الفلسطيني من المشروع وتحويله إلى مشروع خليجي يتبناه المجلس وأصرت على موقفها. وفي النهاية صدرت عن المجلس عبارات مطاطة مؤداها أن تتولى المملكة عرض المشروع أمام مؤتمر القمة، إضافة إلى الموقف العراقي الذي كان يعلن رفضه أي تسوية مع إسرائيل مهما كان اسمها أو شكلها أو محتواها أو مصدرها. ويضيف القصيبي أن هذه السياسة المعلنة أما الحقيقة فموضوع آخر!

وكذلك كان الموقف السوري الذي لم يعلق في البداية على المشروع ثم ظهرت مقالات في الصحافة السورية تنتقد المشروع ثم بدأت الاتصالات المباشرة وتبين أن الرفض السوري منصب على بند التعايش أما بقية البنود فلا اعتراض لهم عليها كان هذا في واقع الأمر بمثابة رفض كامل إذ إنّ بند التعايش هو الشيء الوحيد الجديد في الصيغة وهو الشيء الوحيد الذي أدى إلى الترحيب العالمي بها.