كتاب ومقالات

الذهب ترمومتر الاقتصاد

علي محمد الحازمي

شهدت السوق العالمية للذهب زخماً صعودياً كبيراً في الأشهر القليلة الماضية، محققاً أرقاماً قياسية ومستويات كبيرة غير مشهودة خلال الأعوام الخمسة الماضية، حيث بلغ سعر أوقية الذهب 1944 دولاراً يوم الإثنين الماضي، متجاوزاً الرقم القياسي السابق الذي بلغ 1921 دولاراً في عام 2011 لتكون المكاسب التي حققها الذهب منذ مطلع هذا العام تتجاوز 30%.

هناك عدد من الأسباب أدت إلى هذا التحول الكبير في أسعار الذهب ومنها انقلاب الاقتصاد العالمي رأساً على عقب بسبب جائحة COVID-19، إضافة إلى انخفاض العوائد على سندات الحكومة الأمريكية مما يعكس احتمال اضطرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء أسعار الفائدة منخفضة لفترة طويلة من الزمن لدعم الانتعاش الاقتصادي، الذي بدوره أدى إلى إضعاف الدولار الأمريكي الذي يتداول عند 0.85 يورو، وهو أدنى مستوى له في 24 شهراً، وأدنى مستوى في 5 أشهر مقابل الين الياباني، ولا نستطيع إغفال جانب التوترات الجيوسياسية المتزايدة بين الصين والولايات المتحدة، التي أضافت مزيداً من الوقود على النيران المشتعلة اقتصادياً وصحياً مما حدا بالمستثمرين إلى مواجهة التقلبات وعدم اليقين إلى التوجه للأصول الآمنة مثل الذهب والفضة.

مع احتمال بقاء العوائد الحقيقية منخفضة لبعض الوقت لكثير من الاستثمارات في الأسواق العالمية والانتشار المتزايد لفايروس كورونا خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى خوف المستثمرين من أن القيود جراء هذه الجائحة قد تنتشر مما يؤخر الانتعاش الاقتصادي، فإنه من المتوقع أن يظل سعر الذهب مرتفعاً على الأقل في المستقبل المنظور وربما يلامس مستويات 2000 دولار قريباً، متخطياً ذلك الرقم إلى 2500 دولار في حال طال أمد هذا الخوف.

تكشف أسعار الذهب الحالة الحقيقية للاقتصاد العالمي، لذلك عندما تكون أسعار الذهب مرتفعة فهذا يشير إلى أن الاقتصاد ليس بصحة جيدة حيث يشتري المستثمرون الذهب كحماية من أزمة اقتصادية أو تضخم (ما). في المقابل تعني أسعار الذهب المنخفضة أن الاقتصاد في حالة صحية جيدة؛ مما يجعل الأسهم والسندات والعقارات استثمارات أكثر ربحية.