ثقافة وفن

«المسافة صفر» على نيتفلكس.. و«شمس المعارف» في دور السينما

5

علا الشيخ - ناقدة سينمائية ola_k_alshekh@

لا شك أن العيون اتجهت إلى السعودية العام الفائت تحديدًا مع موجة الانفتاح الثقافي وافتتاح دور سينما، إضافة إلى إعلان ولادة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الذي تم تأجيله للعام المقبل، واليوم الجمهور السعودي على موعد مع مشاهدة الفيلم الروائي الطويل شمس المعارف للأخوين قدس في دور السينما المحلية، وأيضا لدى المشاهد العربي فرصة لمشاهدة فيلم «مسافة صفر» للمخرج عبد العزيز الشلاحي على شاشة نيتفلكس الذي سيتم الحديث عنه بمقالة مفصلة لاحقا.

العام الفائت تم إنتاج ستة أفلام روائية طويلة (المرشحة المثالية للمخرجة هيفاء المنصور، سيدة البحر للمخرجة شهد الأمين، آخر زيارة للمخرج عبد المحسن الضبعان، مسافة صفر للمخرج عبدالعزيز الشلاحي، فيلم نجد للمخرج سمير عارف، إضافة إلى فيلم رولم الذي عرض تجاريا في دور السينما المحلية وهو للمخرج عبد الإله القرشي) تباينت هذه الأفلام في مستوياتها واتفقت جميعها على خوض غمار المنافسة واستطاعت أن تحصد الجوائز والإعجاب، ناهيك أن بعضها تم عرضه في مهرجانات عالمية وهذا ما سنشير إليه.

فبعد حصوله على جائزة «فيرونا» للفيلم الأكثر إبداعاً ضمن مسابقة أسبوع النقاد خلال فعاليات الدورة الـ76 من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الفائت، شارك الفيلم السعودي «سيدة البحر» في مسابقة آفاق السينما العربية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته 41، بحضور مخرجته شهد الأمين.

الممكن وضعه في خانة الأفلام التي تدافع عن المرأة، وتظهر قوتها الكامنة، فالقصة تدور أحداثها في جزيرة نائية يعتاش سكانها مقابل خرافة ضرورة تقديم كل عائلة أحد بناتها قربانا للبحر كي يظلوا يشعرون بالأمان، هذا التفصيل الذي نقلته الأمين عبر فيلمها الذي اختارت أن يكون بالأبيض والأسود، تريد من خلاله لفت الانتباه إلى ما كانت تعانيه المرأة العربية بشكل عام، إلى أن تظهر فتاة يقف والدها إلى جانبها يؤجل تقديمها كقربان للبحر كل عام حتى بلغت الـ١٢ عاما، لكنها نجت من الغرق واستطاعت العودة بقوة مع حراشف تغزو قدمها كإشارة على أنها هي سيدة البحر، ومن دونها الحياة لن تستمر، في أجواء جمعت بين طقس الخرافة مع أغانٍ شعبية بحرية قديمة، في تلك اللحظة التي تسيطر الفتاة الصغيرة على سكان الجزيرة. ولا بد من الإشارة إلى أن إدارة المخرجة للكاميرا في أخذ اللقطات تستحق الثناء، فطريقة نقل صورة البحر وحركته التي تتماشى مع حركة سكان الجزيرة، واعتبارالبحر وغضبه جزءًا محركا لأحداث الفيلم، جعلت الأمين كمخرجة قادرة على السيطرة على هذا النوع من التكنيك، وهنا الحديث عن فيلم طويل يحتاج إلى القدرة على هذا النوع من الربط كي لا تضيع التفاصيل مع غياب النص تحديدًا.

ولا شك أن فيلم الأمين طغى بالحضور والصناعة على فيلم (المرشحة المثالية) للمخرجة هيفاء المنصور، والذي نافس على جائزة الدب الذهبي في مهرجان فينيسيا، المنصور هي أولى النساء السعوديات اللواتي صنعن أفلاما طويلة، بداية من وجدة الذي عرف الجمهورالعربي من خلاله المنصور، مرورًا بماري شيلي ونابلي إلى الأبد (وهما ناطقان باللغة الإنجليزية)، وهذا من شأنه تسليط الضوء على أن ليس من الضرورة أن الخبرة في صناعة الأفلام هي التي تتصدر، والحال هذا مع صناع الأفلام السعودية، الذين لديهم تجربة مهمة في صناعة الأفلام القصيرة التي تبشر في خطوات قادمة لصناعة أفلامهم الروائية الطويلة.

أما بالنسبة لفيلم (آخر زيارة) للمخرج الشاب عبدالمحسن الضبعان، وكتابة فهد الأسطا، يعتبر هو الأكثر تماسكا من حيث الصناعة، وعرض في مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي بدولة التشيك، وهو أول فيلم سعودي يدرج في مسابقة (شرق الغرب) التابعة للمهرجان، إضافة إلى حصوله على جائزة لجنة تحكيم المهرجان الدولي للفيلم بمدينة مراكش المغربية.

مع فيلم متماسك بعناصره، أدارها الضبعان بتحكم ودراية تبشر بخطوات قادمة في صناعته لأفلامه التالية، يحكي قصة حوار بين جد وأب وابن، أي حوار بين الأجيال، منذ اللقطة الأولى ستستشعر التوتر بين الأب والابن من خلال علاقة صامتة ستكون هي البداية في الدخول إلى تفاصيل فيلم مبني على حوار ذكي سيكون في أوجه عند وصولهم إلى القرية التي يعيش بها الجد، ليتصاعد الحدث الدرامي ويتطور بشكل سلس وغير مربك، وهذه قوة تحسب للمخرج.

السعودية ما زالت نحو صناعة السينما، تمشي خطواتها الأولى لتكون حاضرة في خريطة صناعة السينما العربية، وبدعم موجود وحكايات مليئة بالتفاصيل، وأسماء لواعدين ومتحمسين في الكتابة والإخراج، ستكون المملكة حاضرة دائما وقادرة على المنافسة.