«دَيْ چاڤو».. حقيقة أم وهم ؟
هؤلاء الأكثر عرضة لخيالات «سبق الرؤية»
الجمعة / 17 / ذو الحجة / 1441 هـ الجمعة 07 أغسطس 2020 04:06
حسين هزازي (جدة) Hzazi@
«سبق الرؤية» أو ما يطلق عليه (دَيْ چاڤو) وهي كلمة فرنسية تعني «شوهد من قبل».. وهْم أم حقيقة، إذ اختلف المحللون النفسيون والأطباء والعلماء في تفسيره؛
منهم من يرى أنه تعبير عن رغبة قوية لتكرار تجربة ماضية، ومنهم من فسره على أنه حدوث عدم مطابقة في الدماغ يتسبب في جعل الدماغ يخلط بين الإحساس بالحاضر والماضي، والبعض يعتقد أنها تتعلق بخبرة حياتية ماضية عاشها الإنسان قبل قدومه إلى الدنيا ومنهم من يراها «تجربة ما قبل الولادة». وعلى الرغم من التقدم العلمي على جميع الأصعدة الطبية إلا أن الغموض ما زال يكتنف الظاهرة رغم الفرضيات والتخمينات التي حاولت تعليلها، إلا أنّ أياً منها لا يمكن البت به بشكل قاطع. ويقسم بعض علماء النفس (دَيْ چاڤو)
إلى ثلاثة أنواع «تمت رؤيته سابقاً»، «الشعور به سابقاً» و«تمت زيارته سابقاً».. وهو ما يشعر به الفرد بأنه رأى أو عاش الموقف الحاضر من قبل، ويلازم هذه الظاهرة
شعور بالمعرفة المسبقة وشعور بـ«الرهبة» و«الغرابة».
التفسير الأكثر دقة
يقول الاستشاري النفسي الدكتور جمال الطويرقي، إن (دَيْ چاڤو) ليس مرضاً بل هو أعراض، ربما ترجع إلى شذوذ الذاكرة حينما تعطي مشاعر خاطئة تقول للمخ إننا عشنا هذا الموقف من قبل لكننا لا نستطيع تذكر تفاصيله (أين، متى، كيف)، وحينما يمر الوقت، يستطيع الشخص استرجاع بعض التفاصيل المشوّشة في الحادثة الجديدة ومن المستحيل استرجاع تفاصيل الحالة الأولى (والتي كانت في بالهم عندما كانوا في الحادثة الجديدة!) وهذا عادة ما يكون بسبب تشابك في الأعصاب المسؤولة عن الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى، فالأحداث تخزن في الذاكرة قبل أن تذهب إلى قسم الوعي في المخ البشري وتعالج هناك، والدماغ يختزن الذكريات في منطقة عروية في وسطه تسمى الحصين غير أن دراسة جديدة تفترض أن جزءاً صغيراً منه يسمى التلفيف مسؤول عن الذكريات المتسلسلة، التي تسمح لنا بالتمييز بين الأحداث والمواقف المتشابهة، وهذا يحدث لمرة واحدة في العمر ويعتبر طبيعياً ولا يحتاج إلى علاج. وإذا تكررت الأعراض فيصنف بأنه صرع ويتعاطى المريض الأدوية الخاصة به وربما يكون ورماً خبيثاً في المخ وفي منطقة معينة.
وهناك ظاهرة معاكسة تسمى (جامي فو) وهي الإحساس بأن (المألوف) غريب وجديد وكأنه يُصادف لأول مرة، وأيضاً لا يدوم هذا الإحساس إلا لجزء من الثانية، كأن تجلس مع أحد أصدقائك أو أفراد عائلتك، ولوهلة تشعر وكأنك لم تره من قبل وكأنه شخص غريب.
وهناك أيضاً حالات نادرة لهذه الأعراض لمريض الاضطراب والانفصام الشخصي يشعر بأنه داخل في حلم أو فيلم وهذا نادر وهذا الشخص يعالج بمضادات الاكتئاب.
التباس في الدماغ يخلط الماضي والحاضر
الاستشاري النفسي الدكتور خالد العوفي أوضح أن كلمة (دي جافو) لغوياً كلمة فرنسية تعني أنك سبق أن رأيت الشيء، وعلمياً تعتبر ظاهرة نفسية عصبية تسمى (وهم سبق الرؤية) بمعنى كما لو أنك رأيت الشيء من قبل، ونحو 70% من الأشخاص مروا بخبرة الديجافو خلال إحدى فترات حياتهم، وهي غالباً ما تحدث في سن الشباب وتقل مع تقدم العمر.
وهنالك نوعان من وهم «سبق الرؤية»؛ الأول سبق الرؤية المرضي وعادة ما يكون متكرراً ومطولاً، أو عرض استباقي للنوبات الصرعية، أما الثاني فهو سبق الرؤية غير المرضي غالباً ما يحدث مع أغلب الأشخاص الأصحاء.
وينسب بعض المختصين في التحليل النفسي الظاهرة إلى وجود رغبة لتحقيق بعض الأشياء المكبوتة، وبعض الأطباء النفسانيين يعتقدون بأنها عبارة عن التباس يحدث للدماغ عندما يخلط بين الحاضر والماضي نتيجة الإرهاق، الضغوط النفسية، القلق، الصداع النصفي، صرع الفص الصدغي، تعاطي بعض الأدوية، أو الارتباط ببعض الأحلام.
ويرى العوفي أن السبب الرئيسي لهذه الظاهرة غير معروف، وبعض الدراسات الحديثة صنفت الأسباب المحتملة لهذه الظاهرة على النحو التالي: عوامل تتعلق بالتركيز ويعتقد بأن هناك إدراكاً أو رؤية أولية للشيء حدثت في وقت ما عندما كان مستوى الانتباه والتركيز منخفضاً أو مشوشاً، تبعها موقف آخر كان الانتباه فيه جيداً، وعوامل تتعلق بالذاكرة:
وتفترض أن بعض تفاصيل الموقف الجديد تكون معروفة، ولكن مصدر المعرفة تم نسيانه. فالأشخاص يواجهون العديد من الأشياء خلال اليوم ولكن لا يعيرون الانتباه لجميع المعلومات، فتقوم الذاكرة لاحقاً بإعادة معالجة المعلومات مما يحفز ظاهرة سبق الرؤية.
وتشير تفسيرات المعالجة المزدوجة إلى حدوث عدم تزامن بين عمليتين إدراكيتين للحظات قصيرة. أي أن إدراك الشيء ومعرفته لا يتزامن مع الذاكرة، وعوامل تتعلق بالجهاز العصبي وقد تحدث نتيجة صرع الفص الصدغي أو نتيجة تأخر انتقال الإشارات العصبية بين الحواس الإدراكية كالعينين والأذنين وغيرها ومراكز التحليل العليا في الدماغ.
وهنالك بعض الظواهر النفسية العصبية المشابهة التي قد تلتبس على البعض مثل: (جاميس فو) كما لو أنك لم تره من قبل، (ديجا انتدو) كأنك سمعته من قبل، (ديجا بينس) كأنك فكرت فيه من قبل، (ديجا فيكو) كأنك مررت به من قبل، (ديجا فيت) كأنك فعلته من قبل، (ديجا ريف) كأنك حلمت به من قبل.
خلل في تفريغ الشحنات الكهربائية في المخ
استشارية المخ والأعصاب الدكتورة مروة باعظيم أكدت أن بعض العلماء حاولوا إيجاد رابط بين ظاهرة (ديجا ڤو) وبين بعض الأمراض النفسية كانفصام الشخصية والقلق لكنهم فشلوا، وليس هناك أي علاقة بين الظاهرة وتلك الأمراض، والعلاقة الأقوى وُجِدَت بين هذه الظاهرة ومرض صرع الفص الصدغي في المخ، وهذه العلاقة قادت بعض العلماء للتأكيد أن الظاهرة نتاج لخلل في عملية تفريغ الشحنات الكهربائية في المخ، وكثير من الناس يشعر بـ«رعشة» سريعة في بعض الحالات (قُبيل النوم بلحظات)، يرجّح بأنها تحدث أثناء الظاهرة ما يتسبب في شعور خاطئ في الذاكرة، والذين يشعرون بهذه الرعشات على الدوام، يعانون من تكرار حالة الشعور وأغلبها يكون صوتياً، حيث يُخيّل له بأنه سمع هذا الصوت من قبل.
كما أن الشبه بين المقدمات التي تحفّز ظاهرة الـ(دَيْ چاڤو) وبين تلك التي تحفّز بعض الذكريات في المخ هي تفسير آخر، أي أن بعض المشاعر الحالية تجلب لنا تفاصيل حوادث سابقة في الماضي فهنا تحدث الظاهرة، والتفسير يتيح للعلماء تطوير العديد من الأبحاث التي من شأنها أن خلق حالات الظاهرة وبعض العلماء يعتقد بأن الظاهرة تتعلق بوظيفة الإدراك المألوف في الذاكرة، وهناك تفسير آخر يقول إن الظاهرة نتيجة معلومات قد تعلمناها من قبل ولكن نسيناها والآن استطعنا استرجاعها فيُخيّل لنا بأننا نعيش الموقف مرتين.
وهناك بعض الأدوية ترفع نسبة حدوث الـظاهرة وتمكن عالمان في عام 2002 من دراسة رجل ظهرت عليه علامات وهم الرؤية عندما تناول دواء الـ(أمانتادين) و(فَنيلبروبانولامين) لعلاج أعراض إنفلونزا، فوجدوا الرجل أحبّ هذا الشعور فأكمل الدراسة وبدأ يزور طبيبه النفسي لتسجيل ما يشعر به، هذان العالمان وصلا إلى نظرية بأن الظاهرة نتيجة تأثير المعدلات العالية من مادة الـ(دوبامين) أحد الموصلات العصبية للمخ على بعض الخلايا في الفص الصدغي.
الطيارون والمضيفات أكثر عرضة للوهم
تحدث ظاهرة (دَيْ چاڤو) للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم من 15 إلى 25 عاماً، ولكنها تقل تدريجياً مع التقدم في العمر، وحدد خبراء الصحة عدداً من الفئات على أنهم الأكثر عرضة للإصابة بوهم استباق الرؤية مقارنة بغيرهم وهم: الأشخاص الذين يكثرون من السفر، مثل المضيفات والطيارين، الطلاب، نتيجة التعرض للإجهاد والضغط العصبي، المرضى الذين يتناولون بعض الأدوية، حيث سجلت التقارير تكرار الظاهرة عند تناول عقار (امانتادين وبروبانول امين) في نفس الوقت، لعلاج الإنفلونزا، ويوصي الأطباء بمراجعة الطبيب عندما يتكرر أكثر من مرة في الشهر أو بضع مرات على مدار العام الواحد، وعندما ترافقه ذكريات، وكأنها حلم أو مشاهد سينمائية، وإذا لاحظ الشخص زيادة في ضربات القلب أو شعر بالخوف أو فقد وعيه فور الإصابة بهذه الظاهرة.
وهناك تفسير آخر يعتمد على ما يسمى «نظرية التعطيل»، حيث تتعطل وتتوقف عملية انطلاق السيالات العصبية في الدماغ، ويقال إن الأشخاص الذين يعانون من الصرع يشهدون في بعض الأحيان جزءاً من النوبات التي تصيبهم قبل حدوثها.
أما الأشخاص الذين لا يعانون من الصرع، فتحدث لديهم ظاهرة «سبق الرؤية» بسبب تأخير أو تكرار غير مقصود في نقل المعلومات الحسية للدماغ، مما يسبب نوعاً من التداخل في المعطيات ويؤدي إلى شعور الإنسان بأن الحدث وقع من قبل.
وفي بعض الأحيان يكون الشخص موجوداً في مجلس معين ومهتماً بما يحدث حوله، وفي لحظة ما يتشتت انتباهه لجزء من الثانية، وحين يستعيد التركيز على الحدث الأول، يبدو المشهد مألوفاً أو مكرراً.
وهناك أيضاً تفسير علمي آخر لظاهرة (دِيْ چاڤو) وهذا التفسير يتعلق بحاسة النظر، النظرية تقول إن إحدى العينين تسجل الحادثة أسرع قليلاً عن العين الأخرى، فبعد لحظات قصيرة عندما تقع الحادثة، يُخيل لنا بأننا رأينا هذا الموقف من قبل! لكن من عيوب هذه النظرية أنها لا تقدم تفسيراً لتداخل الحواس الأخرى في الحادثة، كالسمع واللمس (كأن نشعر بأن أحداً من قبل ضرب يدنا اليسرى).
منهم من يرى أنه تعبير عن رغبة قوية لتكرار تجربة ماضية، ومنهم من فسره على أنه حدوث عدم مطابقة في الدماغ يتسبب في جعل الدماغ يخلط بين الإحساس بالحاضر والماضي، والبعض يعتقد أنها تتعلق بخبرة حياتية ماضية عاشها الإنسان قبل قدومه إلى الدنيا ومنهم من يراها «تجربة ما قبل الولادة». وعلى الرغم من التقدم العلمي على جميع الأصعدة الطبية إلا أن الغموض ما زال يكتنف الظاهرة رغم الفرضيات والتخمينات التي حاولت تعليلها، إلا أنّ أياً منها لا يمكن البت به بشكل قاطع. ويقسم بعض علماء النفس (دَيْ چاڤو)
إلى ثلاثة أنواع «تمت رؤيته سابقاً»، «الشعور به سابقاً» و«تمت زيارته سابقاً».. وهو ما يشعر به الفرد بأنه رأى أو عاش الموقف الحاضر من قبل، ويلازم هذه الظاهرة
شعور بالمعرفة المسبقة وشعور بـ«الرهبة» و«الغرابة».
التفسير الأكثر دقة
يقول الاستشاري النفسي الدكتور جمال الطويرقي، إن (دَيْ چاڤو) ليس مرضاً بل هو أعراض، ربما ترجع إلى شذوذ الذاكرة حينما تعطي مشاعر خاطئة تقول للمخ إننا عشنا هذا الموقف من قبل لكننا لا نستطيع تذكر تفاصيله (أين، متى، كيف)، وحينما يمر الوقت، يستطيع الشخص استرجاع بعض التفاصيل المشوّشة في الحادثة الجديدة ومن المستحيل استرجاع تفاصيل الحالة الأولى (والتي كانت في بالهم عندما كانوا في الحادثة الجديدة!) وهذا عادة ما يكون بسبب تشابك في الأعصاب المسؤولة عن الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى، فالأحداث تخزن في الذاكرة قبل أن تذهب إلى قسم الوعي في المخ البشري وتعالج هناك، والدماغ يختزن الذكريات في منطقة عروية في وسطه تسمى الحصين غير أن دراسة جديدة تفترض أن جزءاً صغيراً منه يسمى التلفيف مسؤول عن الذكريات المتسلسلة، التي تسمح لنا بالتمييز بين الأحداث والمواقف المتشابهة، وهذا يحدث لمرة واحدة في العمر ويعتبر طبيعياً ولا يحتاج إلى علاج. وإذا تكررت الأعراض فيصنف بأنه صرع ويتعاطى المريض الأدوية الخاصة به وربما يكون ورماً خبيثاً في المخ وفي منطقة معينة.
وهناك ظاهرة معاكسة تسمى (جامي فو) وهي الإحساس بأن (المألوف) غريب وجديد وكأنه يُصادف لأول مرة، وأيضاً لا يدوم هذا الإحساس إلا لجزء من الثانية، كأن تجلس مع أحد أصدقائك أو أفراد عائلتك، ولوهلة تشعر وكأنك لم تره من قبل وكأنه شخص غريب.
وهناك أيضاً حالات نادرة لهذه الأعراض لمريض الاضطراب والانفصام الشخصي يشعر بأنه داخل في حلم أو فيلم وهذا نادر وهذا الشخص يعالج بمضادات الاكتئاب.
التباس في الدماغ يخلط الماضي والحاضر
الاستشاري النفسي الدكتور خالد العوفي أوضح أن كلمة (دي جافو) لغوياً كلمة فرنسية تعني أنك سبق أن رأيت الشيء، وعلمياً تعتبر ظاهرة نفسية عصبية تسمى (وهم سبق الرؤية) بمعنى كما لو أنك رأيت الشيء من قبل، ونحو 70% من الأشخاص مروا بخبرة الديجافو خلال إحدى فترات حياتهم، وهي غالباً ما تحدث في سن الشباب وتقل مع تقدم العمر.
وهنالك نوعان من وهم «سبق الرؤية»؛ الأول سبق الرؤية المرضي وعادة ما يكون متكرراً ومطولاً، أو عرض استباقي للنوبات الصرعية، أما الثاني فهو سبق الرؤية غير المرضي غالباً ما يحدث مع أغلب الأشخاص الأصحاء.
وينسب بعض المختصين في التحليل النفسي الظاهرة إلى وجود رغبة لتحقيق بعض الأشياء المكبوتة، وبعض الأطباء النفسانيين يعتقدون بأنها عبارة عن التباس يحدث للدماغ عندما يخلط بين الحاضر والماضي نتيجة الإرهاق، الضغوط النفسية، القلق، الصداع النصفي، صرع الفص الصدغي، تعاطي بعض الأدوية، أو الارتباط ببعض الأحلام.
ويرى العوفي أن السبب الرئيسي لهذه الظاهرة غير معروف، وبعض الدراسات الحديثة صنفت الأسباب المحتملة لهذه الظاهرة على النحو التالي: عوامل تتعلق بالتركيز ويعتقد بأن هناك إدراكاً أو رؤية أولية للشيء حدثت في وقت ما عندما كان مستوى الانتباه والتركيز منخفضاً أو مشوشاً، تبعها موقف آخر كان الانتباه فيه جيداً، وعوامل تتعلق بالذاكرة:
وتفترض أن بعض تفاصيل الموقف الجديد تكون معروفة، ولكن مصدر المعرفة تم نسيانه. فالأشخاص يواجهون العديد من الأشياء خلال اليوم ولكن لا يعيرون الانتباه لجميع المعلومات، فتقوم الذاكرة لاحقاً بإعادة معالجة المعلومات مما يحفز ظاهرة سبق الرؤية.
وتشير تفسيرات المعالجة المزدوجة إلى حدوث عدم تزامن بين عمليتين إدراكيتين للحظات قصيرة. أي أن إدراك الشيء ومعرفته لا يتزامن مع الذاكرة، وعوامل تتعلق بالجهاز العصبي وقد تحدث نتيجة صرع الفص الصدغي أو نتيجة تأخر انتقال الإشارات العصبية بين الحواس الإدراكية كالعينين والأذنين وغيرها ومراكز التحليل العليا في الدماغ.
وهنالك بعض الظواهر النفسية العصبية المشابهة التي قد تلتبس على البعض مثل: (جاميس فو) كما لو أنك لم تره من قبل، (ديجا انتدو) كأنك سمعته من قبل، (ديجا بينس) كأنك فكرت فيه من قبل، (ديجا فيكو) كأنك مررت به من قبل، (ديجا فيت) كأنك فعلته من قبل، (ديجا ريف) كأنك حلمت به من قبل.
خلل في تفريغ الشحنات الكهربائية في المخ
استشارية المخ والأعصاب الدكتورة مروة باعظيم أكدت أن بعض العلماء حاولوا إيجاد رابط بين ظاهرة (ديجا ڤو) وبين بعض الأمراض النفسية كانفصام الشخصية والقلق لكنهم فشلوا، وليس هناك أي علاقة بين الظاهرة وتلك الأمراض، والعلاقة الأقوى وُجِدَت بين هذه الظاهرة ومرض صرع الفص الصدغي في المخ، وهذه العلاقة قادت بعض العلماء للتأكيد أن الظاهرة نتاج لخلل في عملية تفريغ الشحنات الكهربائية في المخ، وكثير من الناس يشعر بـ«رعشة» سريعة في بعض الحالات (قُبيل النوم بلحظات)، يرجّح بأنها تحدث أثناء الظاهرة ما يتسبب في شعور خاطئ في الذاكرة، والذين يشعرون بهذه الرعشات على الدوام، يعانون من تكرار حالة الشعور وأغلبها يكون صوتياً، حيث يُخيّل له بأنه سمع هذا الصوت من قبل.
كما أن الشبه بين المقدمات التي تحفّز ظاهرة الـ(دَيْ چاڤو) وبين تلك التي تحفّز بعض الذكريات في المخ هي تفسير آخر، أي أن بعض المشاعر الحالية تجلب لنا تفاصيل حوادث سابقة في الماضي فهنا تحدث الظاهرة، والتفسير يتيح للعلماء تطوير العديد من الأبحاث التي من شأنها أن خلق حالات الظاهرة وبعض العلماء يعتقد بأن الظاهرة تتعلق بوظيفة الإدراك المألوف في الذاكرة، وهناك تفسير آخر يقول إن الظاهرة نتيجة معلومات قد تعلمناها من قبل ولكن نسيناها والآن استطعنا استرجاعها فيُخيّل لنا بأننا نعيش الموقف مرتين.
وهناك بعض الأدوية ترفع نسبة حدوث الـظاهرة وتمكن عالمان في عام 2002 من دراسة رجل ظهرت عليه علامات وهم الرؤية عندما تناول دواء الـ(أمانتادين) و(فَنيلبروبانولامين) لعلاج أعراض إنفلونزا، فوجدوا الرجل أحبّ هذا الشعور فأكمل الدراسة وبدأ يزور طبيبه النفسي لتسجيل ما يشعر به، هذان العالمان وصلا إلى نظرية بأن الظاهرة نتيجة تأثير المعدلات العالية من مادة الـ(دوبامين) أحد الموصلات العصبية للمخ على بعض الخلايا في الفص الصدغي.
الطيارون والمضيفات أكثر عرضة للوهم
تحدث ظاهرة (دَيْ چاڤو) للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم من 15 إلى 25 عاماً، ولكنها تقل تدريجياً مع التقدم في العمر، وحدد خبراء الصحة عدداً من الفئات على أنهم الأكثر عرضة للإصابة بوهم استباق الرؤية مقارنة بغيرهم وهم: الأشخاص الذين يكثرون من السفر، مثل المضيفات والطيارين، الطلاب، نتيجة التعرض للإجهاد والضغط العصبي، المرضى الذين يتناولون بعض الأدوية، حيث سجلت التقارير تكرار الظاهرة عند تناول عقار (امانتادين وبروبانول امين) في نفس الوقت، لعلاج الإنفلونزا، ويوصي الأطباء بمراجعة الطبيب عندما يتكرر أكثر من مرة في الشهر أو بضع مرات على مدار العام الواحد، وعندما ترافقه ذكريات، وكأنها حلم أو مشاهد سينمائية، وإذا لاحظ الشخص زيادة في ضربات القلب أو شعر بالخوف أو فقد وعيه فور الإصابة بهذه الظاهرة.
وهناك تفسير آخر يعتمد على ما يسمى «نظرية التعطيل»، حيث تتعطل وتتوقف عملية انطلاق السيالات العصبية في الدماغ، ويقال إن الأشخاص الذين يعانون من الصرع يشهدون في بعض الأحيان جزءاً من النوبات التي تصيبهم قبل حدوثها.
أما الأشخاص الذين لا يعانون من الصرع، فتحدث لديهم ظاهرة «سبق الرؤية» بسبب تأخير أو تكرار غير مقصود في نقل المعلومات الحسية للدماغ، مما يسبب نوعاً من التداخل في المعطيات ويؤدي إلى شعور الإنسان بأن الحدث وقع من قبل.
وفي بعض الأحيان يكون الشخص موجوداً في مجلس معين ومهتماً بما يحدث حوله، وفي لحظة ما يتشتت انتباهه لجزء من الثانية، وحين يستعيد التركيز على الحدث الأول، يبدو المشهد مألوفاً أو مكرراً.
وهناك أيضاً تفسير علمي آخر لظاهرة (دِيْ چاڤو) وهذا التفسير يتعلق بحاسة النظر، النظرية تقول إن إحدى العينين تسجل الحادثة أسرع قليلاً عن العين الأخرى، فبعد لحظات قصيرة عندما تقع الحادثة، يُخيل لنا بأننا رأينا هذا الموقف من قبل! لكن من عيوب هذه النظرية أنها لا تقدم تفسيراً لتداخل الحواس الأخرى في الحادثة، كالسمع واللمس (كأن نشعر بأن أحداً من قبل ضرب يدنا اليسرى).