أخبار

دير الزور.. الرهان الأخير

عبدالله الغضوي (إسطنبول) GhadawiAbdullah@

حركت محاولة اغتيال الشيخ مطشر الهفل الأسبوع الماضي، المياه الراكدة في دير الزور، وبدا الأمر من انتشار للمسلحين العشائريين وقطع الطرقات وبعض الاشتباكات مع قوات سورية الديمقراطية وكأنه احتقان عميق داخل أبناء القبائل شرق الفرات، ضد «قسد» بشقها الكردي، والامتعاض من دور التحالف الذي يتجاهل الدور العشائري في المنطقة. وردت العشائر الأحد الماضي على سلوك التحالف برفض استقبال مجموعة من قادته المنتشرين في حقل العمر، حتى يتم الإعلان عن موقف موحد للعشائر في حوض الفرات باجتماع موسع أمس بمنزل الهفل.

ثمة أطراف لاعبة في حوض الفرات على الضفتين الشرقية والغربية، وكل منها له مصالحه، ومن هنا ينشأ الصراع على العشائر، وبينما نفى «داعش» مسؤوليته عن محاولة الاغتيال، أدانت «قسد» العمل ووجهت أصابع الاتهام لخلايا النظام السوري في غرب الفرات، ما نبه العشائر إلى خطورة ما يجري وما يدور بعيداً عنهم على ضفتي الفرات، إذ يفترض أن يكون لهذه القوى دور بارز في ضبط الأمن والاستقرار، إلا أن ما يجري على أرض الواقع هو تنسيق بين التحالف وقسد، وتنفيذ مداهمات متباعدة على أوكار يقال إنها تابعة للتنظيم، ولا يخفي أهالي المنطقة التذمر من هذه العمليات، مشككين أنها ضد خلايا داعش، إذ طالما اعتقل أشخاص من المنطقة بدون أن تثبت عليهم تهم الانتماء لداعش، ما أثار غضب الأهالي ضد الحملات الأمنية، فيما يمارس التنظيم هوايته بزعزعة الأمن والاستقرار وتصفيات لعناصر من قسد أو تهديد وجهاء المنطقة.

بين كل هذه التفاصيل، تعيش مناطق شرق الفرات الغنية بالنفط والموارد الطبيعية حالة من الفوضى وعدم الحوكمة، وسط حديث الفساد المالي وعدم تلبية احتياجات المجتمع المحلي الأكثر حضوراً بين الأهالي، في حين آبار النفط لا تبعد سوى كيلومترات عن المناطق المأهولة، وسط تساؤل: أين تذهب عائدات النفط؟.

اليوم العشائر العربية في شرق الفرات تشعر أنها الطرف الأضعف في حكم وإدارة مناطقها، بينما تشكو قسد من تنامي داعش، دون القدرة على الحد من هذه التهديدات، أما الولايات المتحدة والتحالف الدولي فلم يقدما أية خطة تنموية أو عسكرية للمنطقة، ويتعاملان مع ما يجري من الناحية الأمنية متناسيين الظروف الاجتماعية وعدم وجود قواعد حكم محلية تحمي السكان من الفوضى.

وعلى ما يبدو حزمت العشائر العربية في دير الزور موقفها، وهي بصدد أن تتقدم المشهد على المستوى الأمني والاقتصادي لتكون مقبولة من محيطها الاجتماعي، إلا أن هذا لا يتم من دون التنسيق مع التحالف الذي لا يزال لا يولي أهمية لهذه القوى مستنداً فقط إلى قوة «قسد»، لكن ما لم يتم إشراك شيوخ العشائر والدوائر المحيطة بها فلن يكون هناك استقرار في المنطقة، بل سيجد «داعش» بيئة خصبة لإعادة تموضعه.