كتاب ومقالات

التعليم عن بعد.. الفرص في رحم التحديات

عبداللطيف الضويحي

فرق كبير بين الأخذ بالتعليم عن بعد مكرهين مضطرين بسبب تداعيات فايروس كورونا وبين أن نأخذ بالتعليم عن بعد استباقياً مقتنعين وفي ظروف عادية بأهمية وضرورة هذه المنهجية.

صحيح أن الإنسان مجبول على التقليد والامتثال لما لا يصدم محيطه الاجتماعي، وهو ما يدفعه إلى مقاومة كل ما هو جديد في كثير من الأحيان، لكننا نتحدث عن قرارات مؤسسات في التعليم عن بعد ولا نتحدث عن قرارات أفراد، فالمؤسسات تعمل بالخطط والأهداف ولا أن تعمل بدوافع وسلوك الفرد الاجتماعية.

وافقت وزارة التعليم يوم أمس على اعتماد التعليم عن بعد بدءاً من العام الدراسي القادم بشروط وقواعد وبعد طول انتظار نتفهمها ونفهمها لأهمية دراسة هذه المنهجية ولضرورة التنسيق مع أطراف معنية بخوض هذه التجربة، وذلك لضمان عدم عودة وباء كورونا واستشرائه بين جموع الطلاب والطاقم التعليمي والإداري في المدارس وفي نفس الوقت بغية تحقيق ونجاح التجربة التعليمية بحدودها العليا من النجاح.

لكن التحدي الذي يلقي بظلاله على هذه التجربة لا يقتصر على أقطاب العملية التعليمية المتعارف عليها، إنما التحدي الحقيقي في خوض تجربة التعليم عن بعد يكمن في كثرة وتأثير العوامل الخارجية المتداخلة في العملية التعليمية. وهي عوامل يمكن أن نجعل منها عوامل قوة وفرصة بقدر ما هي عوامل ضعف أو مخاطرة.

إنني على يقين بأن خوض تجربة التعليم عن بعد سيشكل منعطفاً نوعياً يضاهي تجارب الوزارة عبر تجاربها وسيفتح آفاقاً واسعة، شريطة أن تتحرر وزارة التعليم وهيئة تقويم التعليم من المخاوف وتبحث عن النقاط المضيئة والفرص الملهمة أثناء خوض هذه التجربة، وهذا يتطلب النأي عن المركزية في التقييم والاستفادة من كل الممارسات التعليمية الجزئية وعدم تجاهل التجارب المختلفة والخاصة بمعلم عن معلم أو التجارب المختلفة والخاصة بمادة دراسية عن مادة دراسية أخرى أو التجارب المختلفة الخاصة بمجتمع محلي وثقافة محلية عن تجارب مجتمعات وثقافات محلية أخرى أو تلك المختلفة والخاصة بمرحلة تعليمية عن مرحلة تعليمية أخرى. وسنكتشف أن هذه التجربة غيرت نمط الحياة الأسرية وغيرت سلوكيات الطلاب وستكتشف أنها غيرت أساليب معلمين ومعلمات، ناهيك عن تغيير الكثير من الأنماط الإدارية والإشرافية التي كانت فيما مضى عبئاً وعائقا للعملية التعليمية.

يعد دور الأسرة محورياً في التعليم عن بعد، ولا يكفي أن يترك للأسرة خوض غمار التجربة بمفردها، فلم يأت البيان على البديل للأسرة التي يتعذر مشاركتها الأبناء والبنات هذه العملية التعليمية.

إن دور الأسرة وبيئة التعليم المنزلي وغير المنزلي يتطلب حملة إعلامية واسعة ومكثفة تبين أدق التفاصل لدور الأسرة شريكاً أساسياً لأول مرة في العملية التعليمية، على أن تتزامن هذه الحملة الإعلامية مع نقاشات موسعة مع كافة فعاليات المجتمع والأسر والطلاب عبر منصات وقنوات واسعة الانتشار.

كاتب سعودي

Dwaihi@agfund.org