عرضت قناة (بي.بي.سي) البريطانية العريقة فيلماً وثائقياً من جزءين بعنوان «The Doctor Who Gave Up Drugs- الطبيب الذي تخلى عن العقاقير» وهو عبارة عن سلسلة تجارب قام بها الأستاذ والباحث الجامعي والطبيب «Chris van Tulleken» المتخصص بعلم الأمراض المعدية لإثبات خطأ النهج الطبي السائد بإعطاء المرضى كميات كبيرة من العقاقير التي لا تخلو من أضرار جانبية خطيرة وحتى قاتلة دون أن تؤدي تلك العقاقير لأي تحسن حقيقي بحالة المرضى وإثبات أنه يمكن بالمقابل إحداث تحسن حقيقي بحالة المرضى عبر معالجات بديلة كتغيير نوعية الغذاء والرياضة والعلاج الطبيعي، وفتح عيادة شعارها العلاج بدون عقاقير، وتضمنت تجاربه علاج أيضاً الأمراض النفسية كالاكتئاب بدون عقاقير عبر المعالجات السلوكية والرياضة، والاستعاضة عن العقاقير التي توصف للوقاية من أمراض كالجلطات والأزمات القلبية لكبار السن بتغيير نمط الحياة والمشي، وتابع البرنامج حالات المرضى قبل وبعد التوقف عن تعاطي العقاقير غير الضرورية والقيام بالمعالجات البديلة التي حسنت حالتهم بشكل جذري، وقام بمقابلات مع أطباء هؤلاء المرضى وسألهم عن سبب وصف تلك الكميات المهولة من العقاقير لهم رغم أنهم يعرفون أنها فعلياً لا تساعد المريض إنما تعرضه للمزيد من الضرر عبر آثارها الجانبية، بالإضافة إلى خطر إدمان المسكنات، فكانت ردود الأطباء صادمة ما بين من قال إن المرضى أنفسهم يصرون على وصف عقاقير لهم ويشعرون أن الطبيب إن نصحهم بتغيير نمط الحياة كعلاج فهو لم يقم بوظيفته بشكل صحيح فيمتنعون عن مراجعته مجدداً ويذهبون لغيره، أو أن الطبيب يريد التخلص من إزعاج مناقشة المرضى لإقناعهم وليس لديه حتى الوقت الكافي لمناقشة وإقناع المرضى بسبب كثافة المراجعين، أو كنوع من العلاج بالوهم والإيحاء المسمى طبياً «بلاسيبو»، والأخطر حتى من الضرر الفردي الذي يلحق بالمرضى الذين توصف لهم عقاقير غير ضرورية هو الضرر الجماعي المتمثل بالسلالات المتحورة من البكتيريا الشرسة المقاومة للعلاج والناتجة عن كثافة تعاطي الناس للمضادات الحيوية بدون حاجة حقيقية لها فمثلاً ينتشر تعاطي المضادات الحيوية للإنفلونزا، الالتهابات الرئوية وأنواع من عدوى الحلق والجيوب الأنفية والأذن والسعال التي لا تعالجها المضادات الحيوية لأنها فايروسية، والمضادات الحيوية تعالج فقط العدوى البكتيرية وليس الفيروسية، وفوق أضرارها الجانبية وتسببها بتولد سلالات مقاومة للعلاج فهي تقتل البكتيريا المفيدة بالجسم اللازمة لانتظام عملياته الحيوية ومناعته والنتيجة؛ أنه سنوياً بأمريكا وحدها تحصل 2 مليون حالة عدوى بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية تتسبب في وفاة 23.000 مريض.

bushra.sbe@gmail.com

كاتبة سعودية