أخبار

دعاوى التعويض.. حكم «ولو جبر خاطر»

كيف يرد «المحكوم عليه تعسفاً» اعتباره؟

عدنان الشبراوي (جدة) Adnanshabrawi@

ثمة أسئلة تدور حول مفهوم التعويض عن الضرر ورد الاعتبار لمن تعرض إلى أذى وضرر مادي أو معنوي، كيف يجبر الضرر أمام المحاكم عبر دعاوى التعويض التي تنتهي عادة بأحكام مالية تقدرها المحكمة؟ ويرى القاضي السابق بالمحكمة الجزائية في مكة الشيخ تركي ظافر القرني أن نظام الإجراءات الجزائية منح الحق لمن أصابه ضرر برفع دعوى بطلب التعويض، وأي تهاون أو إغفال أو عدم اهتمام بقضاء التعويض قد يزيد الدعاوى الكيدية. ويشترط الحصول على التعويض، توفر أركان المسؤولية التقصيرية، من فعل ضار وضرر وعلاقة سببية، وعندها تحكم المحكمة بالتعويض الذي تراه مناسباً للمتضرر عبر دعوى تسمى دعوى التعويض.

وشدد القرني على أن التعويض المادي حق وليس واجباً، والتعويض المحكوم به في حال ثبوت الضرر متروك لسلطة القاضي، ويتم على الأغلب مراعاة ظروف المتضرر من النواحي المادية والاجتماعية والاقتصادية وحجم ونوع وماهية الضرر؛ هل هو شخصي أم أسري أم جنائي، وهل تزامن مع اتهام تضمن توقيفه، أم مجرد تهم باطلة نالت منه ومن أسرته وعمله ونشاطه التجاري والاجتماعي.. كل هذه الأمور تؤخذ بعين الاعتبار في تحديد مبلغ الضرر.

متى يرجع من استعاد اعتباره إلى الوظيفة ؟

عن التعويض برد الاعتبار يقول المحامي إيهاب أبو ظريفة، إن رد الاعتبار يكون للمحكوم عليه بعقوبة جزائية بعد استيفاء الشروط النظامية، إذ يتم محو حكم الإدانة الصادر ضده ورفع الآثار الجزائية المستقبلية التي تترتب عليه، مثل تقييد بعض حقوقه النظامية الطبيعية، كحرمانه من العمل في الوظائف الحكومية نتيجة الحكم الصادر ضده، أو حرمانه من ممارسة بعض الحقوق العامة على حسب الأحوال، ويجيز قرار رد الاعتبار لصاحب المصلحة -مع بعض الاستثناءات والقيود- العمل لدى الجهات الحكومية والمؤسسات العامة، وممارسة ما تم تجريده منه من حقوق نظامية نتيجة الحكم الصادر عليه سابقاً، لإتاحة فرصة جديدة له ليعود كفرد فاعل في المجتمع، وتعود له حقوق المواطن الطبيعية التي جرد من بعضها، نتيجة لحكم الإدانة بالجريمة المنسوبة إليه. ويضيف المحامي أبو ظريفة، أن رد الاعتبار له حالتان، لكل منهما شروط نظامية؛ الأولى بقوة النظام بمرور فترة زمنية محددة تختلف بحسب نوع الجريمة والحكم الصادر فيها وملابسات تنفيذ الحكم أو العفو دون الحاجة للتقدم بطلب، والثانية بموجب طلب يتم تقديمه من المحكوم عليه للحاكم الإداري على أن يتضمن الطلب بيانات القضية والحكم والجهة التي أصدرته، وإجراءات التنفيذ وتاريخ الانتهاء منه، وما تم بشأن الالتزامات تجاه الغير، وما يدل على استقامة وتوبة المحكوم عليه مقدم الطلب، وفي حال توافرت المستندات الداعمة والشروط النظامية المطلوبة يصدر قرار برد اعتباره، وفي حال رفض الطلب يتم بيان أسباب الرفض، مع أحقية طالب رد الاعتبار بإعادة تقديم الطلب متى ما زالت أسباب الرفض السابق.

700 ألف لمضيفة و1.8 مليون لـ«مستبدلة»

وقفت «عكاظ» على حكم صدر قبل 20 عاماً يلزم وزارة الصحة بتعويض فتاة نحو 1.8 مليون لاستبدالها بمولودة أخرى لمدة 35 عاماً مع معالجتها عما لحقها من ضرر جراء استبدالها بمولودة أخرى وقت ولادتها قبل أكثر من 35 عاماً وتسليمها لغير أهلها نتيجة إهمال في مسؤولية الوزارة أدت إلى ذلك الخطأ الفادح. وصادقت محكمة الاستئناف الإدارية في الرياض على الحكم الذي أصدرته محكمة إدارية قبل عام القاضي بإلزام إحدى شركات الطيران ‏بتعويض راكب وأفراد عائلته بمبلغ 61 ألف ريال عقب ثبوت تأخير رحلته إلى نيويورك مدة 21 ساعة، إضافة إلى تغيير مقاعدهم في الطائرة خلال رحلة العودة، واعتبرت المحكمة ما لحق بالراكب وأفراد أسرته من ضرر نفسي ومالي وأتعاب مرافعته أمام المحكمة يستوجب التعويض المالي، وألزمت محكمة عمالية أحد البنوك بتعويض مديرة فرع بمبلغ 100 ألف ريال إثر إنهاء البنك خدماتها دون سبب مشروع، كما قضت بإلزام البنك بدفع مبلغ 200 ألف ريال لموظفة في البنك ذاته؛ بسبب فصلها غير المشروع؛ فضلاً عن تصفية مستحقاتها الوظيفية وبات القرار نهائياً واجب التنفيذ، كما ألزمت محكمة عمالية شركة تشغيل طيران بتسليم مضيفة 700 ألف ريال مستحقات وظيفية ورواتب متأخرة.

تعليمات للنيابات: لا تتوسعوا في الحبس الاحتياطي

أكدت مصادر قانونية لـ «عكاظ» صدور تعليمات سابقة إلى فروع النيابة تؤكد عدم التوسع في إيقاف المتهمين إلاّ وفق الأحوال المقررة نظاماً مع توافر أدلة اتهام واضحة وقوية، وشددت التعليمات على أن لمحققي النيابة استخدام صلاحيتهم المقررة نظاماً بالإفراج المؤقت عن المتهمين وفق نظام الإجراءات الجزائية ولائحته التنفيذية.

وجاءت التعليمات للحد من إيقاف المتهمين على «ذمة القضية» وهو ما يسمى بالحبس الاحتياطي، والتوسع في إطلاقهم بالكفالة. وصدرت عدد من الأحكام القضائية على عدد من الجهات بالتعويض المالي لمن لم تثبت إدانته من المواطنين أو المقيمين في التهم المنسوبة إليهم والإجراءات المتخذة بحقهم من التوقيف وغيره. وأكدت التعليمات على جهات الضبط والتحقيق مراعاة حق البراءة الأصيلة للمتهم.

عكاظ ترصد: تعويضات بالملايين عن حبس وأخطاء حسابية

رصدت «عكاظ» نماذج لعدد من دعاوى التعويض أمام القضاء العام والإداري، إذ صدرت أحكام على مدى سنوات عديدة بالتعويض المالي على جهات وأفراد، وسجلت أروقة القضاء حكماً إداريا صدر عن محكمة إدارية يلزم وزارة البلدية بتعويض شركة مقاولات 386 ألفاً قيمة مستحقات متبقية للشركة كانت الوزارة قد خصمتها من الشركة عقب كشف أخطاء حسابية نتيجة عدم الدقة في احتساب ما للمدعي وما عليه، وقامت الوزارة بإسناد بعض الأعمال المتعثرة إلى مقاولين آخرين وخصمت المبلغ من شركة المقاولات دون وجود مستندات تبرر ذلك. كما قضت المحكمة الجزائية في جدة قبل عام بتعويض مواطن بمبلغ 750 ألف ريال بعد أن ثبتت براءته في قضية جنائية كان قد سجن بسببها أكثر من 12 شهراً، وثبت لاحقاً براءته، وصدر حكم نهائي بذلك اكتسب القطعية.

واستندت المحكمة في حيثيات الحكم إلى الأمر الذي يؤكد على ما نصت عليه التعليمات من كفالة حقوق الأفراد وعدم اتخاذ أي إجراء يمس تلك الحقوق والحريات إلا في الحدود المقررة شرعاً ونظاماً. وقدرت المحكمة حساب مبلغ التعويض على أساس راتب صاحب الدعوى اليومي، ثم ضرب المبلغ في 3، كون اليوم 24 ساعة، وفترة العمل الطبيعية 8 ساعات، فيكون راتب اليوم الواحد مضروباً في 3 فترات، وهي محاسبة تقديرية تعود للمحكمة في آلية تحديد التعويض.

وصدر أخيراً حكم أولي يجري تدقيقه بتعويض مواطن عن فترة حبسه عقب إيقافه في قضية ثبتت براءته منها.

الجرائم التي يجوز فيها رد الاعتبار.. ما هي ؟

المحامي بندر العمودي، يوضح أن رد الاعتبار يقصد به رفع العقوبة عن المحكوم عليه، وإزالة الآثار السلبية التي لحقت به نتيجة الحكم، متى توافرت الشروط التي تؤهله لاستعادة مكانته في الحياة الاجتماعية. ومن هذه العقوبات تلك التي تترتب نتيجة ما يعرف بالجرائم الكبرى، مثل جرائم أمن الدولة، والاعتداء العمد على النفس والعرض والمال، والجرائم المخلة بالشرف والأمانة، والرشوة، والتزوير.

ويضيف العمودي، أن رفع الآثار السالبة لأي محكوم عليه، لاستعادة مكانته في الحياة الاجتماعية، يرتبط بعدة اشتراطات، أبرزها أصل الحكم، كونه حكما جزائيا في جريمة تشين الكرامة وتجرح الاعتبار، ومضي مدة زمنية تالية على تنفيذ طالب رد الاعتبار للعقوبة المقضي بها، وثبوت استقامته، وتقديم طلب إلى اللجنة المختصة لرد الاعتبار، أو الشطب، أو اعتبار التسجيل باطلا. وإذا رأت اللجنة عدم إجازة الطلب، يحفظ الطلب مع بيان الأسباب الموجبة لذلك، على ألا يمنع ذلك المتقدم بإعادة تقديم طلب جديد بعد زوال السبب الذي دعا اللجنة إلى رفض الطلب الأول. ويشير العمودي إلى أن المنظم السعودي حدد طبيعة الأحكام الجزائية التي تسجل في صحيفة السوابق بأنها التي تصدر في جرائم تشين الكرامة وتجرح الاعتبار، وهي كل جريمة تمس العقيدة أو النفس أو العرض أو العقل أو المال، أو أمن الدولة. وهناك شروط لرد الاعتبار سواء بقوة النظام أو بحكم قضائي، منها انقضاء 7 سنوات على تنفيذ الأحكام الجزائية الموجبة للتسجيل بصحيفة السوابق، وتنفيذ العقوبة تنفيذا كاملا، أو صدور عفو عنها أو عن بعضها. وأبرز الجرائم التي يجوز فيها رد الاعتبار؛ جرائم التزوير، تهريب أو ترويج المخدرات، القتل شبه العمد، تهريب الأسلحة، وجرائم أمن الدولة.