المعجب لـ عكاظ: مشروع العقوبات البـديلة للسجن.. قريباً
أكد أن الإفراج عن المتهم في مرحلة التحقيق محاط بضمانات طبقاً للأنظمة
الاثنين / 05 / محرم / 1442 هـ الاثنين 24 أغسطس 2020 23:08
حوار: أريج الجهنيareejaljahani@
أكد النائب العام الشيخ سعود المعجب لـ«عكاظ» أن المحدد للجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف راعت فيه النيابة العامة أعلى المعايير النظامية في إقراره، مشيراً إلى أن النيابة العامة راجعت بشكل شامل تصنيف الجرائم ودراستها، مراعية في ذلك التوازن بين حقوق المجتمع وأمنه واستقراره وبين حقوق المتهمين، بحيث لا يكون هناك إفراط ولا تفريط، معلناً عن قرب صدور مشروع خاص بالعقوبات البديلة للسجن.
ولفت المعجب إلى أن تعديل نظام النيابة العامة بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/١٢٥) وتاريخ ١٤/٩/١٤٤١ وشمل هذا التعديل قرابة 10 مواد، يعد إيذاناً باكتمال المثلث القضائي لمؤسسات الدولة القضائية، ورافداً تنظيمياً لأجهزة السلطة القضائية، بما يمكّن النيابة العامة من مزاولة مهامها باستقلال وحياد تام.
وأكد المعجب أن المدعي العام خصم شريف يتقصى تحقيق العدالة الجنائية بما هو ثابت لديه بالأدلة والقرائن، مشيراً إلى أن الإفراج عن المتهم في مرحلة التحقيق إجراء رصين ومحاط بعدة ضمانات.
وشدد المعجب على عدم وجود أي تسرب في كوادر النيابة العامة، لافتاً إلى أن الصلاحيات المنوطة بأصحاب الفضيلة أعضاء النيابة العامة تستمد سندها ومشروعيتها من الأنظمة، مشيراً إلى أن تمثيل المرأة في النيابة العامة يحظى باهتمام كبير. فإلى نص الحوار:
• نبدأ مع القرار التاريخي المتضمن صدور الموافقة على تعديل نظام النيابة العامة، ومنه أن تتولى النيابة تحديد الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف، هل ستتم مراجعة هذه الجرائم لتتوافق مع توجهات الدولة والقيادة في رؤية 2030 في التوسع في إطلاق المتهمين وعدم تقييد الحريات؟
•• عدّل نظام النيابة العامة بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/١٢٥) وتاريخ ١٤/٩/١٤٤١ وشمل هذا التعديل قرابة 10 مواد وهي المواد؛ (1، 2، 3، 4، 10، 13، 16، 17، 26، 27) مع إلغاء المادتين (11، 28) وتعديل المادة (112) من نظام الإجراءات الجزائية المتعلقة بتحديد ما يُعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، ويعد هذا التعديل إيذاناً باكتمال المثلث القضائي لمؤسسات الدولة القضائية، ورافداً تنظيمياً لأجهزة السلطة القضائية، بما يمكّن النيابة العامة من مزاولة مهامها باستقلال وحياد تام، وما يتعلق بالمادة (112) من نظام الإجراءات الجزائية فهي بلا شك تمس أهم الحريات الفردية وهي الحرية الشخصية، والنيابة العامة بصفتها أمينة على المجتمع تراعي جميع الضمانات المكفولة في هذا الجانب وتوازن بين حرية الأشخاص وحق المجتمع، وبما لا يخل بأي منهما، بما يحقق أعلى المعايير الحقوقية المكفولة شرعاً ونظاماً وتماشياً مع رؤية الدولة الطموحة 2030،
وبناء على ذلك، قامت النيابة العامة بمراجعة شاملة لتصنيف الجرائم ودراستها، مراعية في ذلك التوازن بين حقوق المجتمع وأمنه واستقراره، وبين حقوق المتهمين بحيث لا يكون هناك إفراط ولا تفريط، وصدر على إثر ذلك القرار رقم (١) بتاريخ ١/١/١٤٤٢ المحدد للجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، الذي راعت فيه النيابة العامة أعلى المعايير النظامية في إقراره.
• حضور جلسات المراجعة ألا يحتاج تشكيل لجنة تتكون من عناصر مدنية (طبيب نفسي، عالم اجتماع، عالم جريمة، أكاديميين، إعلاميين، قادة رأي، خبراء في حقوق الإنسان)، بدلاً من اقتصارها على النيابة العامة والقطاع الأمني؟
•• تعديل أي نظام أو إقراره يمر عبر عدة قنوات نظامية، ويناقش من خلال عدة لجان تستوفى فيها كافة متطلبات التغيير أو الإقرار، سواء على مستوى الطاقات البشرية أو المهنية أو العلمية أو المواد الأخرى، فتتم مناقشته في هيئة الخبراء بمشاركة متخصصين في أغلب العلوم ذات العلاقة، سواء أفراداً مستقلين أو ممثلين للجهات الحكومية، ثم يدرس في مجالس اختصاصية أخرى يراعى فيها الاختصاص النوعي والإمكانات اللازمة في هذا الشأن، وكذلك في مجلس الشورى، ومجلس الوزراء لحين صدوره. وهذا القرار المحدد للجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، عملت عليه النيابة العامة من خلال عدة لجان متخصصة علمياً وجنائياً وفنياً، بعد رصد وتحليل للجرائم ومدى خطورتها، وتبعات الإيقاف أو الإفراج عن المتهمين؛ سواء عليهم وأسرهم، أو على المجتمع، أو دور التوقيف والسجون، ونحو ذلك من الاعتبارات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي للقطاع الأمني دور مهم فيها.
• في ظل جائحة كورونا كان للنيابة العامة دور بارز في التعامل مع هذه الأزمة.. حدثنا عن استراتيجية النيابة في هذا الشأن، وهل يمكن أن تطالب النيابة في لوائح الاتهام بإصدار العقوبات البديلة (كالخدمات الاجتماعية) تخفيفاً عن دور التوقيف؟
•• مع بداية إرهاصات هذه الأزمة الصحية عالمياً، وجهنا بتشكيل فريق عمل إدارة أزمات ومخاطر برئاسة وكيل النيابة العامة، وشرع الفريق في إعداد خطط واستراتيجيات دقيقة جداً، وقادرة على استيعاب جميع ما قد يطرأ من قضايا جنائية، أو ما قد يفرزه الواقع العملي في ما يتعلق بأزمة كورونا. ومن تلك الإجراءات على سبيل المثال لا الحصر؛ تعزيز التوعية المجتمعية لدى الأفراد، من خلال حث الجميع على استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، وعدم الانسياق وراء الشائعات التي من شأنها المساس بالنظام العام، والتحذير والتنبيه من نشر أو ترويج الشائعات والمعلومات المضللة. ووجهنا مركز «الرصد النيابي» بمتابعة كل ما ينشر ويبث عبر المنصات الإعلامية كافة، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، على مدار 24 ساعة، ورصد أي نشاط أو سلوك خارج عن الأنظمة والتعليمات، وخصوصاً المتعلق منها بأزمة كورونا، وتحريك الدعوى الجزائية العامة بحق الجناة.
كما قدمت النيابة العامة خدماتها عن بُعد لجميع المستفيدين والمراجعين من خلال قنوات متنوعة عبر الموقع الإلكتروني للنيابة العامة على الشبكة المعلوماتية، كما تم تطبيق منظومة التحقيق المرئي عن بُعد مع بعض المتهمين من مكان توقيفهم، عبر بيئة تقنية آمنة ومشفرة، حرصاً منها على صحة وسلامة الجميع.
وقد واصلت النيابة العامة ممارسة اختصاصها الأصيل في مباشرة إجراءات الحماية الجنائية على مستوى الأمن الغذائي ومنتجاته، من خلال التحذير من الممارسات المجرمة نظاماً وشرعاً؛ كالغش التجاري، والإخلال بنظام البيانات العامة، أو التستر، أو انتهاك حقوق العلامات التجارية، أو نشر الشائعات المغلوطة عن عدم وفرة السلع والمنتجات الغذائية، وبيان العقوبات المترتبة على ذلك، بالإضافة إلى تعاون النيابة العامة مع الجهات ذات العلاقة في توفير الحماية الجنائية على مستوى الأمن الصحي، من خلال توعية القادمين من السفر إلى المملكة بضرورة الإفصاح عن خط سير سفرهم، وكذلك ضرورة الإفصاح حال الاختلاط بمريض أو مشتبه بمرضه، ومباشرة إجراءات الدعوى الجزائية تجاه كل من ينتهك إجراءات التدابير الاحترازية والوقائية، أو تصوير ونشر مخالفة أمر منع التجول تحت طائلة المساءلة الجزائية المشددة.
وفي ما يتعلق بالعقوبات البديلة، فالنيابة العامة حين مطالبتها بأي عقوبة تنظر إلى المصلحة العائدة إلى المتهم فيها، إذ إن العقوبات تستهدف الإصلاح والتهذيب، والعقوبات المحددة للجرائم في الأنظمة المقننة محددة على سبيل الحصر، ويوجد مشروع خاص بالعقوبات البديلة للسجن نأمل أن يصدر قريباً.
• دائماً ما نطّلع على تأكيداتكم بشأن التوسع في الإفراج عن المتهمين، وعدم الإيقاف إلا بأدلة كافية، فما مدى أثر ذلك من حيث الموقوفين والمسجونين بلا سند نظامي، أو ممن انتهت محكومياتهم، أو لم يحالوا للمحاكم؟ وما دور دائرة الرقابة على السجون في ذلك؟
•• الإفراج عن المتهم في مرحلة التحقيق إجراء رصين ومحاط بعدة ضمانات طبقاً لنظام الإجراءات الجزائية، متى ما تحقق موجبه النظامي وجب إعمال أحكامه في هذا الشأن من قبل فضيلة عضو النيابة العامة المختص، كما أن دائرة الرقابة على السجون ودور التوقيف منوط بها الرقابة والتفتيش على السجون ودور التوقيف، وأي مكان تنفذ فيه أحكام جزائية، وتتلقى شكاوى المسجونين والموقوفين عبر القنوات المخصصة لذلك، فضلاً عن جولاتها المستمرة لهذه الأماكن وقت العمل الرسمي وخارجه، للتحقق من مشروعية السجن والتوقيف، أو مشروعية بقائهم بعد انتهاء المدة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق سراح من سجن أو أوقف منهم دون سبب مشروع إن وجد، وتطبيق ما تقضي به الأنظمة في حق المتسبب في ذلك، كما أنه يوجد نظام إلكتروني دقيق يتابع حركة الموقوف والمسجون منذ بداية القبض عليه وتوقيفه، وقبل انتهاء مدة توقيفه بوقت كافٍ، يظهر رسالة لدى المختص بوجوب متابعة حالة ذلك السجين أو الموقوف لقرب انتهاء مدة توقيفه، ووجوب اتخاذ الإجراء النظامي مبكراً بشأنه.
• ما دور دائرة الادعاء العام في المحاكم؟ وهل في هذا الدور ما قد يحدث التباساً أو مواجهات بين محامي المتهم (أو المتهم) والمحكمة؟
•• دائرة الادعاء العام تقوم بمهام إقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها أمام المحاكم المختصة، ويشمل ذلك واجبات ومسؤوليات المدعي العام، كتقديم البيانات، وإحضار أدلة الإثبات والمرافعة أمام المحاكم المختصة؛ درجة أولى، أو استئناف، وتقديم اللوائح الاعتراضية لحين اكتساب الأحكام الجزائية للقطعية في ذلك، وطلب نقض الأحكام.
وفي هذا الشأن، يخضع المدعي العام لدورات وورش عمل متقدمة في مهارات المرافعات الشفهية أمام جهات التقاضي، وفنون المرافعة، وصياغة المذكرات اللازمة في ذلك.
ولا يوجد في هذه الأدوار أي مما قد يحدث التباساً أو مواجهات بين محامي المتهم أو المتهم والمحكمة، فالمدعي العام خصم شريف يتقصى تحقيق العدالة الجنائية بما هو ثابت لديه بالأدلة والقرائن.
• هل حضور المدعي العام جلسات المحكمة وجوبي
لجميع الجرائم؟ وهل الادعاء العام دوره يقتصر على توجيه الاتهام دون حضور الجلسات؟
•• حدد نظام الإجراءات الجزائية في مادته رقم (156) الجرائم التي يجب أن يحضر المدعي العام جلسات المحكمة في الحق العام فيها، وهي الجرائم التي يطالب فيها بعقوبة القتل أو الرجم أو القطع، إلا أن دوائر الادعاء العام في جميع فروع مناطق المملكة ودوائرها لديها مكاتب داخل المحاكم ذات العلاقة لحضور الجلسات أو المرافعة، وتقديم المذكرات الشفهية والكتابية، والاعتراض على الأحكام، وطلب نقضها، فالدور لا يقتصر على مجرد توجيه الاتهام فقط.
• هل يوجد تسرّب لبعض أعضاء النيابة أو كوادر جهاز النيابة، رغم وجود ميزات وحصانة قضائية؟ وهل ستكون هناك ميزات إضافية لأعضاء النيابة العامة؟
•• لا يوجد أي تسرب في كوادر النيابة العامة سواء على مستوى الأعضاء أو المستوى الإداري، والأعضاء في مرحلة الانخراط بالعمل الجنائي تتراكم لديهم الخبرات ويتطور أداؤهم وكفاءتهم بشكل كبير، إضافة إلى الدورات التخصصية والدقيقة وورش العمل التي يُلحق بها عضو النيابة بشكل دائم ومستمر، والتأهيل الأساسي الذي يخضع له، ما يمكنه من امتلاك رصيد كبير من المقدرة والمعرفة القانونية والشرعية في وقت وجيز، ما يجعل بعض الجهات تقدم لهم عروضاً استثنائية، أو قد يفسح له المجال في اختيار مستقبله المهني بعيداً عن العمل الحكومي.
والحقيقة أن النيابة العامة تزخر بالكوادر المميزة نتيجة تحقيق معايير عالية الجودة، بداية من دقة اختيار منسوبيها وحسن تأهيلهم وتزويدهم بالمحتوى العلمي والمهني التدريبي والتأهيلي بشكل مستمر ومتطور.
• يتردد عند البعض أن للمحقق صلاحيات واسعة، من حيث إمكانية اتخاذ القرار «بحفظ الدعوى» أو الإحالة إلى المحكمة، فما أثر ذلك على القضايا الجزائية المعالجة من قبلهم؟ وكيف تتابعون أعمال المحققين حال التقصير؟ وهل هناك لائحة واضحة للمساءلة والمحاسبة على تلك التجاوزات؟
•• الصلاحيات المنوطة بأصحاب الفضيلة أعضاء النيابة العامة تستمد سندها ومشروعيتها من الأنظمة ذات العلاقة، وهي صلاحيات تقتضيها طبيعة العمل، وهذه الصلاحيات مقننة ومسببة وليست خاضعة للاجتهاد الشخصي، وإنما تستوجب توافر المقتضى النظامي بشأنها، وبه ضمانات تحفظ الحقوق، وما أشرتم إليه من أمر حفظ الدعوى؛ فالمحقق يوصي بالحفظ، ويعد أمر رئيس الدائرة بتأييد ذلك نافذاً عدا الجرائم الكبيرة، فلا يكون الأمر نافذاً إلا بتصديق النائب العام أو من ينيبه، كما أن أمر الإحالة يتطلب توافر أدلة كافية ضد المتهم لرفع الدعوى إلى المحكمة المختصة، وهناك لجان متخصصة في هذا الشأن تراجع وتقيم كافة الإجراءات المتخذة من عضو النيابة وتدققها، مع مراعاة استقلالية الأعضاء في هذا الجانب.
ونص نظام النيابة العامة في مادته رقم (16) المعدلة على آلية تنبيه المحققين لما يقع منهم مخالفاً لواجباتهم أو مقتضيات وظائفهم، والأثر المترتب على ذلك، بالتنبيه الشفهي أو الكتابي في ذلك، من خلال رفع الدعوى التأديبية من قبل دائرة التفتيش أمام مجلس التأديب المنبثق من مجلس النيابة العامة لإصدار العقوبات المقررة نظاماً في ذلك، كما أن هناك لائحة خاصة بأعضاء النيابة العامة والعاملين فيها تحدد الحقوق والالتزامات المتبادلة في هذا الصدد.
• المحققون بشر، لذلك يتساءل الناس عن مدى تأثر نفسياتهم بالقضايا جراء طبيعة العمل وضغطه، وكيف يتم تحييد التعاطف الشخصي أو العكس للمحققين مع المتهمين وطبيعة قضاياهم، خصوصاً قد يكون لبعضها جانب شخصي سابق لدى المحققين، هل توجد قاعدة بيانات ومقاييس نفسية دورية لدعمهم ووقايتهم؟
•• يخضع أعضاء النيابة العامة لدورات وورش عمل تخصصية دقيقة في هذا الجانب، من حيث الاتصال الفعّال، ومهارات التعامل مع ضغوط العمل، وإدارة اللقاءات الجنائية والتغيير، ويعاد تقييم مؤشرات ذلك لديهم بشكل دوري بما يتناسب مع هذه المخرجات، وفقاً لأعلى المعايير في ذلك.
• تفوقت النيابة العامة في زمن قياسي بصناعة استقرار اجتماعي ملموس، فما استراتيجيتها في التعامل مع القضايا الاجتماعية التي كان أبرزها قضية خاطفة الدمام، وكذلك ما نشاهده اليوم من رصد ومباشرة كثير من القضايا العامة؟
•• تنتهج النيابة العامة استراتيجيات خاصة في التعامل مع القضايا الاجتماعية والعامة، وفق خطط شاملة على المستوى الوقائي والعلاجي، من خلال تحليل هذه القضايا ونمطها الإجرامي، ومعرفة مسبباتها ومدى انتشارها أو تأثيرها على المجتمع، والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في وضع الحلول التي من شأنها الحيلولة دون وقوعها، أو بمحاولة التقليل من آثارها بقدر المستطاع، وكذلك من خلال التوعية القانونية بأضرار هذه الجرائم على الفرد والمجتمع.
• ما مرئياتكم في تنامي وتزايد الجرائم المعلوماتية؟ وهل تأخر ربط أقسام الشرطة والمحاكم مع النيابة بنظام القضايا الآلي تسهيلاً للإجراءات واختصاراً للوقت؟
•• جرائم المعلوماتية من الجرائم التي يقع بها الفرد دون أن يشعر، لذا تسمى بالجرائم الناعمة. والحقيقة توسع الاستخدامات الكبير لبرامج التقنية المتطورة ووسائل التواصل الاجتماعي، بما توفره من مجتمعات افتراضية متغيرة تتكون بصورة سهلة وميسرة، ويتم استسهال التعاطي فيها لكثير من الأمور المحظورة، فضلاً عن كثرة التجاوزات المتولدة عنها، إلا أن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية أحاط بأغلب هذه الصورة تجريماً ومعاقبة، والربط بين جهات الضبط الجنائي والمحاكم مع النيابة العامة بشأن نظام القضايا قائم وجارٍ العمل على إتمامه بإذن الله تعالى، وسيكون له الأثر الكبير في اختصار الوقت والجهد.
• ما واقع تمثيل المرأة في النيابة العامة؟ وهل توجد برامج لتمكين المرأة واستقطاب الكفاءات الوطنية المتخصصة في القضايا الأسرية والنسائية في ظل وجود متهمات، خصوصاً أن المرأة أثبتت كفاءتها في كثير من المواقع؟
•• يحظى تمثيل المرأة في النيابة العامة باهتمام كبير، تعزيزاً لدورها الوظيفي، فقد استطاعت إثبات وجودها وتحقيق ذاتها وخدمة وطنها على الوجه الأمثل، فالمرأة شريكة للرجل في الحياة وبناء المستقبل، وأثبتت التجربة لدينا أن المرأة قادرة على أن تكون عضواً منتجاً في مختلف الأعمال المتعلقة بالنيابة.
كما يتواصل سعي النيابة العامة لتحقيق المزيد من الطموح ضمن رؤية المملكة 2030 في رفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في العمل، وتمكينها من دعم قدراتها بالتأهيل، وإتاحة الفرصة لجعلها شريكاً حصيفاً فاعلاً في بناء الوطن والتنمية.
ونحن من أوائل النيابات التي مكّنت المرأة من العمل في أعمالها القضائية، من خلال تعيينها عضو نيابة عامة تمارس كافة الاختصاصات من هذا الشأن.
فالمرأة محل اهتمام ورعاية كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، تعزيزاً لدورها في صناعة المستقبل، وتأكيداً لإمكانياتها اللامحدودة في المشاركة والعطاء والبذل، وتحقيق الإنجازات لوطنها.
• أتساءل متى سيتم حسم ملف العنف الأسري؟ وهل سيكون هناك تحديث للعقوبات؟ وهل إجراءات حماية المرأة والطفل من الإيذاء كافية؟
•• حسم ملف العنف الأسري يتحقق من خلال الوعي التام لدى أفراد المجتمع بأهمية الفرد وحق تمتعه بكافة الحقوق المكفولة له شرعاً ونظاماً، كما أن الأنظمة القائمة المعنية بالحماية من الإيذاء أنظمة تحقق القدر الكبير من الضمانات الحقوقية لهم، كما أنها تجرّم شتى صور التجاوزات في هذا الشأن، وترتب عليها عقوبات رادعة وزاجرة، وحالياً تتم مراجعتها وتحديث ما يلزم بشأنها من قبل الجهات المختصة، كما أن المجتمع السعودي -ولله الحمد- على قدر كبير من الفهم والوعي بهذه الحقوق، بمعرفة الحقوق التي له، والواجبات التي عليه، واستشعار تقدير هذه الحقوق.
• ملف التحقيق أحياناً يتهم بالتقَّول على المتهمين، فهل النيابة العامة تسجل التحقيقات «فيديو» بالصوت والصورة للخروج من هذا الإشكالية؟ وهل للمحامي دور فعال في إجراءات التحقيق؟
•• جميع مكاتب التحقيق في النيابة العامة مزودة بكاميرات توثق إجراءات التحقيق والاستجواب بالصوت والصورة، إعمالاً لأحكام المادة (72) من اللائحة التنفيذية لنظام لإجراءات الجزائية، فضلاً عن وجود شاشات تلفزيونية تنقل للمتهم بشكل فوري كل ما يدون في محاضر الاستجواب تحت نظره وعلمه، مع تلاوة أقوال المتهم عليه قبل التوقيع عليها، كضمانة إضافية للجميع، وخصوصاً إذا كان المتهم أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ما ينتفي معه أي زعم ممكن أن ينال موثوقية التحقيق، وحضور المحامي في مرحلة التحقيق يمثل أحد الضمانات التي قررها نظام الإجراءات الجزائية، ونعتبر المحامي شريكاً للنيابة العامة في السعي لإظهار الحقيقة وإقامة العدالة.
• هناك عدد من الاستفسارت حول موضوع «التسبيب»، فإذا صدرت من النيابة لائحة اتهام تجاه شخص وصدر فيها حكم، فهل يحق للنيابة أن تصدر لائحة اتهام أخرى لأن تسبيبها الأول لم يكن بالشكل المناسب من وجهة نظر النيابة؟ وكيف تتم مراجعة التسبيب والتأكد من الموضوعية والحياد؟
•• التسبيب أمر هام في إجراءات التحقيق؛ ومنها لائحة الدعوى العامة المحالة للمحكمة، بذكر ما بنى عليه المدعي العام لائحة الادعاء من المستند الشرعي والنظامي وما في حكمه، وذكر الوقائع المؤثرة وصفة ثبوتها بطرق الإثبات المعتمدة، بحيث يكون هذه التسبيب كافياً ومتسقاً ومتسلسلاً وواقعياً ومتزناً، بما يعزز كفاية الاستدلال، ووجه الدلالة من الأدلة والقرائن المؤيد للوصف الجرمي المسند للمتهم، كما أجازت المادة (159) من نظام الإجراءات الجزائية إدخال أي تعديل في لائحة الدعوى، وفي أي وقت، ما لم يقفل باب المرافعة في القضية، إلا أن القضايا المحالة عادة ما تتم مراجعة كافة إجراءاتها من ضمنها التسبيب ولا نحتاج إلى أي تعديل في هذا الشأن.
• يوجد عدد من الفروع والدوائر تحت إدارتكم، وقد لا يعرف الجميع أنها (13) فرعاً فهل تمت تغطية المناطق الإدارية بشكل كافٍ؟ وهل ستكون هناك حملات توعوية بحيث يكون دور النيابة وقائياً أكبر من كونها جهة تحقيق وادعاء عام؟
•• النيابة العامة منذ سنة تقريباً قامت بمباشرة النطاق المكاني لكافة مناطق المملكة ومحافظاتها وكذلك اختصاصاتها النوعية، فلا توجد أي قضية في حدود اختصاصات النيابة العامة تعالج خارج أروقتها، والحملات التوعوية الوقائية هي أحد البرامج الإعلامية لإدارة التواصل المؤسسي في النيابة العامة، ولله الحمد حققنا في هذا الشأن نتائج مثمرة، وكان التفاعل مع هذه الحملات الوقائية مميزاً للغاية.
• ختاماً كيف تجد علاقة النيابة العامة مع الإعلام؟ وهل ترى أنه حصر إنجازات النيابة العامة في تحقيقات «قضايا الفساد» أو الضبط، أم أنه خدمها عموماً؟ وهل يوجد فريق إعلامي تحت إشرافكم لمخاطبة والرد على الإعلام المعادي بلغتهم ويفند ويدحض مزاعمهم؟ وما رسالتكم التي توجهونها لصناع الإعلام؟
•• علاقة النيابة العامة بالإعلام علاقة تشاركية، فالإعلام شريك نجاح، ومن خلاله تستطيع أي جهة إيصال رسائلها إلى الجمهور بكل ثقة واطمئنان، وإنجازات النيابة العامة لا يمكن اختزالها في قضايا الفساد أو غيرها، بل إن تحقيق العدالة الناجزة، وإنصاف المظلوم، ورد الحقوق لأصحابها، وحماية أمن المجتمع واستقراره؛ هو الإنجاز المتوّج بثقة قيادتنا الرشيدة في هذا الشأن.
والنيابة العامة تملك فريقاً إعلامياً متخصصاً اختصاصاً دقيقاً في مجال الإعلام، يملكون المؤهلات والفكر بشكل مهاري ومحترف، ويتفاعلون مع أي حدث في المجتمع، سواء كان ذلك على مستوى الرد، أو المخاطبة، أو تفنيد المزاعم، وإيصال المعلومات الصحيحة بطريقة مرنة وشفافة وواضحة للجميع.
رسالتي لصناع الإعلام بتسليط الضوء على منجزات الوطن، فالوطن -ولله الحمد- يزخر بالكثير من النجاحات، والإعلام هو القناة الرئيسية لنقل هذه الصورة إلى الجمهور، خصوصاً ان الإعلام الخارجي يعتمد على ما يبرزه الإعلام الداخلي ويبثه، كما أوصيهم بتقصي الحقائق من خلال مصادرها الرسمية، ونقل هذه المعلومات بشكل شفاف وواضح للمتلقي، وأسأل الله لهم التوفيق والإعانة، فمهنة الإعلام أمانة ومصداقية.
ولفت المعجب إلى أن تعديل نظام النيابة العامة بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/١٢٥) وتاريخ ١٤/٩/١٤٤١ وشمل هذا التعديل قرابة 10 مواد، يعد إيذاناً باكتمال المثلث القضائي لمؤسسات الدولة القضائية، ورافداً تنظيمياً لأجهزة السلطة القضائية، بما يمكّن النيابة العامة من مزاولة مهامها باستقلال وحياد تام.
وأكد المعجب أن المدعي العام خصم شريف يتقصى تحقيق العدالة الجنائية بما هو ثابت لديه بالأدلة والقرائن، مشيراً إلى أن الإفراج عن المتهم في مرحلة التحقيق إجراء رصين ومحاط بعدة ضمانات.
وشدد المعجب على عدم وجود أي تسرب في كوادر النيابة العامة، لافتاً إلى أن الصلاحيات المنوطة بأصحاب الفضيلة أعضاء النيابة العامة تستمد سندها ومشروعيتها من الأنظمة، مشيراً إلى أن تمثيل المرأة في النيابة العامة يحظى باهتمام كبير. فإلى نص الحوار:
• نبدأ مع القرار التاريخي المتضمن صدور الموافقة على تعديل نظام النيابة العامة، ومنه أن تتولى النيابة تحديد الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف، هل ستتم مراجعة هذه الجرائم لتتوافق مع توجهات الدولة والقيادة في رؤية 2030 في التوسع في إطلاق المتهمين وعدم تقييد الحريات؟
•• عدّل نظام النيابة العامة بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/١٢٥) وتاريخ ١٤/٩/١٤٤١ وشمل هذا التعديل قرابة 10 مواد وهي المواد؛ (1، 2، 3، 4، 10، 13، 16، 17، 26، 27) مع إلغاء المادتين (11، 28) وتعديل المادة (112) من نظام الإجراءات الجزائية المتعلقة بتحديد ما يُعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، ويعد هذا التعديل إيذاناً باكتمال المثلث القضائي لمؤسسات الدولة القضائية، ورافداً تنظيمياً لأجهزة السلطة القضائية، بما يمكّن النيابة العامة من مزاولة مهامها باستقلال وحياد تام، وما يتعلق بالمادة (112) من نظام الإجراءات الجزائية فهي بلا شك تمس أهم الحريات الفردية وهي الحرية الشخصية، والنيابة العامة بصفتها أمينة على المجتمع تراعي جميع الضمانات المكفولة في هذا الجانب وتوازن بين حرية الأشخاص وحق المجتمع، وبما لا يخل بأي منهما، بما يحقق أعلى المعايير الحقوقية المكفولة شرعاً ونظاماً وتماشياً مع رؤية الدولة الطموحة 2030،
وبناء على ذلك، قامت النيابة العامة بمراجعة شاملة لتصنيف الجرائم ودراستها، مراعية في ذلك التوازن بين حقوق المجتمع وأمنه واستقراره، وبين حقوق المتهمين بحيث لا يكون هناك إفراط ولا تفريط، وصدر على إثر ذلك القرار رقم (١) بتاريخ ١/١/١٤٤٢ المحدد للجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، الذي راعت فيه النيابة العامة أعلى المعايير النظامية في إقراره.
• حضور جلسات المراجعة ألا يحتاج تشكيل لجنة تتكون من عناصر مدنية (طبيب نفسي، عالم اجتماع، عالم جريمة، أكاديميين، إعلاميين، قادة رأي، خبراء في حقوق الإنسان)، بدلاً من اقتصارها على النيابة العامة والقطاع الأمني؟
•• تعديل أي نظام أو إقراره يمر عبر عدة قنوات نظامية، ويناقش من خلال عدة لجان تستوفى فيها كافة متطلبات التغيير أو الإقرار، سواء على مستوى الطاقات البشرية أو المهنية أو العلمية أو المواد الأخرى، فتتم مناقشته في هيئة الخبراء بمشاركة متخصصين في أغلب العلوم ذات العلاقة، سواء أفراداً مستقلين أو ممثلين للجهات الحكومية، ثم يدرس في مجالس اختصاصية أخرى يراعى فيها الاختصاص النوعي والإمكانات اللازمة في هذا الشأن، وكذلك في مجلس الشورى، ومجلس الوزراء لحين صدوره. وهذا القرار المحدد للجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، عملت عليه النيابة العامة من خلال عدة لجان متخصصة علمياً وجنائياً وفنياً، بعد رصد وتحليل للجرائم ومدى خطورتها، وتبعات الإيقاف أو الإفراج عن المتهمين؛ سواء عليهم وأسرهم، أو على المجتمع، أو دور التوقيف والسجون، ونحو ذلك من الاعتبارات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي للقطاع الأمني دور مهم فيها.
• في ظل جائحة كورونا كان للنيابة العامة دور بارز في التعامل مع هذه الأزمة.. حدثنا عن استراتيجية النيابة في هذا الشأن، وهل يمكن أن تطالب النيابة في لوائح الاتهام بإصدار العقوبات البديلة (كالخدمات الاجتماعية) تخفيفاً عن دور التوقيف؟
•• مع بداية إرهاصات هذه الأزمة الصحية عالمياً، وجهنا بتشكيل فريق عمل إدارة أزمات ومخاطر برئاسة وكيل النيابة العامة، وشرع الفريق في إعداد خطط واستراتيجيات دقيقة جداً، وقادرة على استيعاب جميع ما قد يطرأ من قضايا جنائية، أو ما قد يفرزه الواقع العملي في ما يتعلق بأزمة كورونا. ومن تلك الإجراءات على سبيل المثال لا الحصر؛ تعزيز التوعية المجتمعية لدى الأفراد، من خلال حث الجميع على استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، وعدم الانسياق وراء الشائعات التي من شأنها المساس بالنظام العام، والتحذير والتنبيه من نشر أو ترويج الشائعات والمعلومات المضللة. ووجهنا مركز «الرصد النيابي» بمتابعة كل ما ينشر ويبث عبر المنصات الإعلامية كافة، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، على مدار 24 ساعة، ورصد أي نشاط أو سلوك خارج عن الأنظمة والتعليمات، وخصوصاً المتعلق منها بأزمة كورونا، وتحريك الدعوى الجزائية العامة بحق الجناة.
كما قدمت النيابة العامة خدماتها عن بُعد لجميع المستفيدين والمراجعين من خلال قنوات متنوعة عبر الموقع الإلكتروني للنيابة العامة على الشبكة المعلوماتية، كما تم تطبيق منظومة التحقيق المرئي عن بُعد مع بعض المتهمين من مكان توقيفهم، عبر بيئة تقنية آمنة ومشفرة، حرصاً منها على صحة وسلامة الجميع.
وقد واصلت النيابة العامة ممارسة اختصاصها الأصيل في مباشرة إجراءات الحماية الجنائية على مستوى الأمن الغذائي ومنتجاته، من خلال التحذير من الممارسات المجرمة نظاماً وشرعاً؛ كالغش التجاري، والإخلال بنظام البيانات العامة، أو التستر، أو انتهاك حقوق العلامات التجارية، أو نشر الشائعات المغلوطة عن عدم وفرة السلع والمنتجات الغذائية، وبيان العقوبات المترتبة على ذلك، بالإضافة إلى تعاون النيابة العامة مع الجهات ذات العلاقة في توفير الحماية الجنائية على مستوى الأمن الصحي، من خلال توعية القادمين من السفر إلى المملكة بضرورة الإفصاح عن خط سير سفرهم، وكذلك ضرورة الإفصاح حال الاختلاط بمريض أو مشتبه بمرضه، ومباشرة إجراءات الدعوى الجزائية تجاه كل من ينتهك إجراءات التدابير الاحترازية والوقائية، أو تصوير ونشر مخالفة أمر منع التجول تحت طائلة المساءلة الجزائية المشددة.
وفي ما يتعلق بالعقوبات البديلة، فالنيابة العامة حين مطالبتها بأي عقوبة تنظر إلى المصلحة العائدة إلى المتهم فيها، إذ إن العقوبات تستهدف الإصلاح والتهذيب، والعقوبات المحددة للجرائم في الأنظمة المقننة محددة على سبيل الحصر، ويوجد مشروع خاص بالعقوبات البديلة للسجن نأمل أن يصدر قريباً.
• دائماً ما نطّلع على تأكيداتكم بشأن التوسع في الإفراج عن المتهمين، وعدم الإيقاف إلا بأدلة كافية، فما مدى أثر ذلك من حيث الموقوفين والمسجونين بلا سند نظامي، أو ممن انتهت محكومياتهم، أو لم يحالوا للمحاكم؟ وما دور دائرة الرقابة على السجون في ذلك؟
•• الإفراج عن المتهم في مرحلة التحقيق إجراء رصين ومحاط بعدة ضمانات طبقاً لنظام الإجراءات الجزائية، متى ما تحقق موجبه النظامي وجب إعمال أحكامه في هذا الشأن من قبل فضيلة عضو النيابة العامة المختص، كما أن دائرة الرقابة على السجون ودور التوقيف منوط بها الرقابة والتفتيش على السجون ودور التوقيف، وأي مكان تنفذ فيه أحكام جزائية، وتتلقى شكاوى المسجونين والموقوفين عبر القنوات المخصصة لذلك، فضلاً عن جولاتها المستمرة لهذه الأماكن وقت العمل الرسمي وخارجه، للتحقق من مشروعية السجن والتوقيف، أو مشروعية بقائهم بعد انتهاء المدة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق سراح من سجن أو أوقف منهم دون سبب مشروع إن وجد، وتطبيق ما تقضي به الأنظمة في حق المتسبب في ذلك، كما أنه يوجد نظام إلكتروني دقيق يتابع حركة الموقوف والمسجون منذ بداية القبض عليه وتوقيفه، وقبل انتهاء مدة توقيفه بوقت كافٍ، يظهر رسالة لدى المختص بوجوب متابعة حالة ذلك السجين أو الموقوف لقرب انتهاء مدة توقيفه، ووجوب اتخاذ الإجراء النظامي مبكراً بشأنه.
• ما دور دائرة الادعاء العام في المحاكم؟ وهل في هذا الدور ما قد يحدث التباساً أو مواجهات بين محامي المتهم (أو المتهم) والمحكمة؟
•• دائرة الادعاء العام تقوم بمهام إقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها أمام المحاكم المختصة، ويشمل ذلك واجبات ومسؤوليات المدعي العام، كتقديم البيانات، وإحضار أدلة الإثبات والمرافعة أمام المحاكم المختصة؛ درجة أولى، أو استئناف، وتقديم اللوائح الاعتراضية لحين اكتساب الأحكام الجزائية للقطعية في ذلك، وطلب نقض الأحكام.
وفي هذا الشأن، يخضع المدعي العام لدورات وورش عمل متقدمة في مهارات المرافعات الشفهية أمام جهات التقاضي، وفنون المرافعة، وصياغة المذكرات اللازمة في ذلك.
ولا يوجد في هذه الأدوار أي مما قد يحدث التباساً أو مواجهات بين محامي المتهم أو المتهم والمحكمة، فالمدعي العام خصم شريف يتقصى تحقيق العدالة الجنائية بما هو ثابت لديه بالأدلة والقرائن.
• هل حضور المدعي العام جلسات المحكمة وجوبي
لجميع الجرائم؟ وهل الادعاء العام دوره يقتصر على توجيه الاتهام دون حضور الجلسات؟
•• حدد نظام الإجراءات الجزائية في مادته رقم (156) الجرائم التي يجب أن يحضر المدعي العام جلسات المحكمة في الحق العام فيها، وهي الجرائم التي يطالب فيها بعقوبة القتل أو الرجم أو القطع، إلا أن دوائر الادعاء العام في جميع فروع مناطق المملكة ودوائرها لديها مكاتب داخل المحاكم ذات العلاقة لحضور الجلسات أو المرافعة، وتقديم المذكرات الشفهية والكتابية، والاعتراض على الأحكام، وطلب نقضها، فالدور لا يقتصر على مجرد توجيه الاتهام فقط.
• هل يوجد تسرّب لبعض أعضاء النيابة أو كوادر جهاز النيابة، رغم وجود ميزات وحصانة قضائية؟ وهل ستكون هناك ميزات إضافية لأعضاء النيابة العامة؟
•• لا يوجد أي تسرب في كوادر النيابة العامة سواء على مستوى الأعضاء أو المستوى الإداري، والأعضاء في مرحلة الانخراط بالعمل الجنائي تتراكم لديهم الخبرات ويتطور أداؤهم وكفاءتهم بشكل كبير، إضافة إلى الدورات التخصصية والدقيقة وورش العمل التي يُلحق بها عضو النيابة بشكل دائم ومستمر، والتأهيل الأساسي الذي يخضع له، ما يمكنه من امتلاك رصيد كبير من المقدرة والمعرفة القانونية والشرعية في وقت وجيز، ما يجعل بعض الجهات تقدم لهم عروضاً استثنائية، أو قد يفسح له المجال في اختيار مستقبله المهني بعيداً عن العمل الحكومي.
والحقيقة أن النيابة العامة تزخر بالكوادر المميزة نتيجة تحقيق معايير عالية الجودة، بداية من دقة اختيار منسوبيها وحسن تأهيلهم وتزويدهم بالمحتوى العلمي والمهني التدريبي والتأهيلي بشكل مستمر ومتطور.
• يتردد عند البعض أن للمحقق صلاحيات واسعة، من حيث إمكانية اتخاذ القرار «بحفظ الدعوى» أو الإحالة إلى المحكمة، فما أثر ذلك على القضايا الجزائية المعالجة من قبلهم؟ وكيف تتابعون أعمال المحققين حال التقصير؟ وهل هناك لائحة واضحة للمساءلة والمحاسبة على تلك التجاوزات؟
•• الصلاحيات المنوطة بأصحاب الفضيلة أعضاء النيابة العامة تستمد سندها ومشروعيتها من الأنظمة ذات العلاقة، وهي صلاحيات تقتضيها طبيعة العمل، وهذه الصلاحيات مقننة ومسببة وليست خاضعة للاجتهاد الشخصي، وإنما تستوجب توافر المقتضى النظامي بشأنها، وبه ضمانات تحفظ الحقوق، وما أشرتم إليه من أمر حفظ الدعوى؛ فالمحقق يوصي بالحفظ، ويعد أمر رئيس الدائرة بتأييد ذلك نافذاً عدا الجرائم الكبيرة، فلا يكون الأمر نافذاً إلا بتصديق النائب العام أو من ينيبه، كما أن أمر الإحالة يتطلب توافر أدلة كافية ضد المتهم لرفع الدعوى إلى المحكمة المختصة، وهناك لجان متخصصة في هذا الشأن تراجع وتقيم كافة الإجراءات المتخذة من عضو النيابة وتدققها، مع مراعاة استقلالية الأعضاء في هذا الجانب.
ونص نظام النيابة العامة في مادته رقم (16) المعدلة على آلية تنبيه المحققين لما يقع منهم مخالفاً لواجباتهم أو مقتضيات وظائفهم، والأثر المترتب على ذلك، بالتنبيه الشفهي أو الكتابي في ذلك، من خلال رفع الدعوى التأديبية من قبل دائرة التفتيش أمام مجلس التأديب المنبثق من مجلس النيابة العامة لإصدار العقوبات المقررة نظاماً في ذلك، كما أن هناك لائحة خاصة بأعضاء النيابة العامة والعاملين فيها تحدد الحقوق والالتزامات المتبادلة في هذا الصدد.
• المحققون بشر، لذلك يتساءل الناس عن مدى تأثر نفسياتهم بالقضايا جراء طبيعة العمل وضغطه، وكيف يتم تحييد التعاطف الشخصي أو العكس للمحققين مع المتهمين وطبيعة قضاياهم، خصوصاً قد يكون لبعضها جانب شخصي سابق لدى المحققين، هل توجد قاعدة بيانات ومقاييس نفسية دورية لدعمهم ووقايتهم؟
•• يخضع أعضاء النيابة العامة لدورات وورش عمل تخصصية دقيقة في هذا الجانب، من حيث الاتصال الفعّال، ومهارات التعامل مع ضغوط العمل، وإدارة اللقاءات الجنائية والتغيير، ويعاد تقييم مؤشرات ذلك لديهم بشكل دوري بما يتناسب مع هذه المخرجات، وفقاً لأعلى المعايير في ذلك.
• تفوقت النيابة العامة في زمن قياسي بصناعة استقرار اجتماعي ملموس، فما استراتيجيتها في التعامل مع القضايا الاجتماعية التي كان أبرزها قضية خاطفة الدمام، وكذلك ما نشاهده اليوم من رصد ومباشرة كثير من القضايا العامة؟
•• تنتهج النيابة العامة استراتيجيات خاصة في التعامل مع القضايا الاجتماعية والعامة، وفق خطط شاملة على المستوى الوقائي والعلاجي، من خلال تحليل هذه القضايا ونمطها الإجرامي، ومعرفة مسبباتها ومدى انتشارها أو تأثيرها على المجتمع، والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في وضع الحلول التي من شأنها الحيلولة دون وقوعها، أو بمحاولة التقليل من آثارها بقدر المستطاع، وكذلك من خلال التوعية القانونية بأضرار هذه الجرائم على الفرد والمجتمع.
• ما مرئياتكم في تنامي وتزايد الجرائم المعلوماتية؟ وهل تأخر ربط أقسام الشرطة والمحاكم مع النيابة بنظام القضايا الآلي تسهيلاً للإجراءات واختصاراً للوقت؟
•• جرائم المعلوماتية من الجرائم التي يقع بها الفرد دون أن يشعر، لذا تسمى بالجرائم الناعمة. والحقيقة توسع الاستخدامات الكبير لبرامج التقنية المتطورة ووسائل التواصل الاجتماعي، بما توفره من مجتمعات افتراضية متغيرة تتكون بصورة سهلة وميسرة، ويتم استسهال التعاطي فيها لكثير من الأمور المحظورة، فضلاً عن كثرة التجاوزات المتولدة عنها، إلا أن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية أحاط بأغلب هذه الصورة تجريماً ومعاقبة، والربط بين جهات الضبط الجنائي والمحاكم مع النيابة العامة بشأن نظام القضايا قائم وجارٍ العمل على إتمامه بإذن الله تعالى، وسيكون له الأثر الكبير في اختصار الوقت والجهد.
• ما واقع تمثيل المرأة في النيابة العامة؟ وهل توجد برامج لتمكين المرأة واستقطاب الكفاءات الوطنية المتخصصة في القضايا الأسرية والنسائية في ظل وجود متهمات، خصوصاً أن المرأة أثبتت كفاءتها في كثير من المواقع؟
•• يحظى تمثيل المرأة في النيابة العامة باهتمام كبير، تعزيزاً لدورها الوظيفي، فقد استطاعت إثبات وجودها وتحقيق ذاتها وخدمة وطنها على الوجه الأمثل، فالمرأة شريكة للرجل في الحياة وبناء المستقبل، وأثبتت التجربة لدينا أن المرأة قادرة على أن تكون عضواً منتجاً في مختلف الأعمال المتعلقة بالنيابة.
كما يتواصل سعي النيابة العامة لتحقيق المزيد من الطموح ضمن رؤية المملكة 2030 في رفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في العمل، وتمكينها من دعم قدراتها بالتأهيل، وإتاحة الفرصة لجعلها شريكاً حصيفاً فاعلاً في بناء الوطن والتنمية.
ونحن من أوائل النيابات التي مكّنت المرأة من العمل في أعمالها القضائية، من خلال تعيينها عضو نيابة عامة تمارس كافة الاختصاصات من هذا الشأن.
فالمرأة محل اهتمام ورعاية كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، تعزيزاً لدورها في صناعة المستقبل، وتأكيداً لإمكانياتها اللامحدودة في المشاركة والعطاء والبذل، وتحقيق الإنجازات لوطنها.
• أتساءل متى سيتم حسم ملف العنف الأسري؟ وهل سيكون هناك تحديث للعقوبات؟ وهل إجراءات حماية المرأة والطفل من الإيذاء كافية؟
•• حسم ملف العنف الأسري يتحقق من خلال الوعي التام لدى أفراد المجتمع بأهمية الفرد وحق تمتعه بكافة الحقوق المكفولة له شرعاً ونظاماً، كما أن الأنظمة القائمة المعنية بالحماية من الإيذاء أنظمة تحقق القدر الكبير من الضمانات الحقوقية لهم، كما أنها تجرّم شتى صور التجاوزات في هذا الشأن، وترتب عليها عقوبات رادعة وزاجرة، وحالياً تتم مراجعتها وتحديث ما يلزم بشأنها من قبل الجهات المختصة، كما أن المجتمع السعودي -ولله الحمد- على قدر كبير من الفهم والوعي بهذه الحقوق، بمعرفة الحقوق التي له، والواجبات التي عليه، واستشعار تقدير هذه الحقوق.
• ملف التحقيق أحياناً يتهم بالتقَّول على المتهمين، فهل النيابة العامة تسجل التحقيقات «فيديو» بالصوت والصورة للخروج من هذا الإشكالية؟ وهل للمحامي دور فعال في إجراءات التحقيق؟
•• جميع مكاتب التحقيق في النيابة العامة مزودة بكاميرات توثق إجراءات التحقيق والاستجواب بالصوت والصورة، إعمالاً لأحكام المادة (72) من اللائحة التنفيذية لنظام لإجراءات الجزائية، فضلاً عن وجود شاشات تلفزيونية تنقل للمتهم بشكل فوري كل ما يدون في محاضر الاستجواب تحت نظره وعلمه، مع تلاوة أقوال المتهم عليه قبل التوقيع عليها، كضمانة إضافية للجميع، وخصوصاً إذا كان المتهم أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ما ينتفي معه أي زعم ممكن أن ينال موثوقية التحقيق، وحضور المحامي في مرحلة التحقيق يمثل أحد الضمانات التي قررها نظام الإجراءات الجزائية، ونعتبر المحامي شريكاً للنيابة العامة في السعي لإظهار الحقيقة وإقامة العدالة.
• هناك عدد من الاستفسارت حول موضوع «التسبيب»، فإذا صدرت من النيابة لائحة اتهام تجاه شخص وصدر فيها حكم، فهل يحق للنيابة أن تصدر لائحة اتهام أخرى لأن تسبيبها الأول لم يكن بالشكل المناسب من وجهة نظر النيابة؟ وكيف تتم مراجعة التسبيب والتأكد من الموضوعية والحياد؟
•• التسبيب أمر هام في إجراءات التحقيق؛ ومنها لائحة الدعوى العامة المحالة للمحكمة، بذكر ما بنى عليه المدعي العام لائحة الادعاء من المستند الشرعي والنظامي وما في حكمه، وذكر الوقائع المؤثرة وصفة ثبوتها بطرق الإثبات المعتمدة، بحيث يكون هذه التسبيب كافياً ومتسقاً ومتسلسلاً وواقعياً ومتزناً، بما يعزز كفاية الاستدلال، ووجه الدلالة من الأدلة والقرائن المؤيد للوصف الجرمي المسند للمتهم، كما أجازت المادة (159) من نظام الإجراءات الجزائية إدخال أي تعديل في لائحة الدعوى، وفي أي وقت، ما لم يقفل باب المرافعة في القضية، إلا أن القضايا المحالة عادة ما تتم مراجعة كافة إجراءاتها من ضمنها التسبيب ولا نحتاج إلى أي تعديل في هذا الشأن.
• يوجد عدد من الفروع والدوائر تحت إدارتكم، وقد لا يعرف الجميع أنها (13) فرعاً فهل تمت تغطية المناطق الإدارية بشكل كافٍ؟ وهل ستكون هناك حملات توعوية بحيث يكون دور النيابة وقائياً أكبر من كونها جهة تحقيق وادعاء عام؟
•• النيابة العامة منذ سنة تقريباً قامت بمباشرة النطاق المكاني لكافة مناطق المملكة ومحافظاتها وكذلك اختصاصاتها النوعية، فلا توجد أي قضية في حدود اختصاصات النيابة العامة تعالج خارج أروقتها، والحملات التوعوية الوقائية هي أحد البرامج الإعلامية لإدارة التواصل المؤسسي في النيابة العامة، ولله الحمد حققنا في هذا الشأن نتائج مثمرة، وكان التفاعل مع هذه الحملات الوقائية مميزاً للغاية.
• ختاماً كيف تجد علاقة النيابة العامة مع الإعلام؟ وهل ترى أنه حصر إنجازات النيابة العامة في تحقيقات «قضايا الفساد» أو الضبط، أم أنه خدمها عموماً؟ وهل يوجد فريق إعلامي تحت إشرافكم لمخاطبة والرد على الإعلام المعادي بلغتهم ويفند ويدحض مزاعمهم؟ وما رسالتكم التي توجهونها لصناع الإعلام؟
•• علاقة النيابة العامة بالإعلام علاقة تشاركية، فالإعلام شريك نجاح، ومن خلاله تستطيع أي جهة إيصال رسائلها إلى الجمهور بكل ثقة واطمئنان، وإنجازات النيابة العامة لا يمكن اختزالها في قضايا الفساد أو غيرها، بل إن تحقيق العدالة الناجزة، وإنصاف المظلوم، ورد الحقوق لأصحابها، وحماية أمن المجتمع واستقراره؛ هو الإنجاز المتوّج بثقة قيادتنا الرشيدة في هذا الشأن.
والنيابة العامة تملك فريقاً إعلامياً متخصصاً اختصاصاً دقيقاً في مجال الإعلام، يملكون المؤهلات والفكر بشكل مهاري ومحترف، ويتفاعلون مع أي حدث في المجتمع، سواء كان ذلك على مستوى الرد، أو المخاطبة، أو تفنيد المزاعم، وإيصال المعلومات الصحيحة بطريقة مرنة وشفافة وواضحة للجميع.
رسالتي لصناع الإعلام بتسليط الضوء على منجزات الوطن، فالوطن -ولله الحمد- يزخر بالكثير من النجاحات، والإعلام هو القناة الرئيسية لنقل هذه الصورة إلى الجمهور، خصوصاً ان الإعلام الخارجي يعتمد على ما يبرزه الإعلام الداخلي ويبثه، كما أوصيهم بتقصي الحقائق من خلال مصادرها الرسمية، ونقل هذه المعلومات بشكل شفاف وواضح للمتلقي، وأسأل الله لهم التوفيق والإعانة، فمهنة الإعلام أمانة ومصداقية.