زوايا متخصصة

يتيمة دوقلة

عيون شعرية

إعداد: محمد المشرعي mmashraee2@

الشعر عند العرب لم يكن قولاً عابراً، بل كان فضاءً واسعاً يعبر فيه العربيّ عن أحاسيسه، فيرسمها في لوحة رسامٍ، كأن من يقرأها أو يسمع بها، يعيش تفاصيلها، تملؤها الحكمة الأخّاذة، والأخلاق السامية الرفيعة، يعتز به أهله ويفتخرون بكل ما فيه، وإن شابته بعض الشوائب لا تعكر صفوه الجميل، من الشعراء: الحسين بن محمد المنبجي، نسبة لبلدة منبج السورية، المعروف بـ«دوقلة»، بزغ في عصر المأمون، وربما مات في عصره.

شاعر مغمور، تنسب إليه القصيدة المشهورة بـ«اليتيمة»، وأول من ذهب أنها لدوقلة ثعلب شيخ الكوفيين في النحو العربي.

هل بالطُّلول لِسائِلٍ رَدُّ؟

أَمْ هل لها بِتَكَلُّمٍ عَهْـــــــدُ؟

لَهْفي على دَعْدٍ وما خُلِقَتْ

إلاّ لِطولِ تلَهُّفي دَعْــدُ

بَيْضاءُ قد لبِسَ الأديــمُ أديْـ

ـمَ الحُسْنِ فَهْــوَ لِجِلْدِها جِلْدُ

وَيَزيِنُ فَوْدَيْها إذا حَسـرَتْ

ضافي الغَدائرِ فاحمٌ جَعْدُ

فالوَجْهُ مِثْلُ الصُّبْحِ مُبْيَضٌّ

والشَّــــعْرُ مِثْلُ الليلِ مُسْوَدُّ

ضِدَّانِ لمّا استَجْمَعا حَسُنــــا

والضِّدُّ يُظْــهِرُ حُسْــــنَهُ الضِّـدُّ

وكَأنَّها وَسْنى إذا نَظَــــــرَتْ

أوْ مُدْنَــفٌ لَمَّــا يُفِـــــقْ بَعْـــــدُ

بِفتورِ عَينٍ ما بِها رَمَــــدٌ

وَبِها تُداوى الأَعيُنُ الرُمــدُ

وَتُريكَ عِرنيناً بـــه شَمَـــمٌ

وتُـريك خَــــدّاً لَونُـــهُ الوَردُ

وَتُجيلُ مِسواكَ الأَراكِ عَلــــى

رَتـــلٍ كَـأَنَّ رُضابَهُ الشَهدُ

والجِيدُ منها جيدُ جازئــــةٍ

تعطو إذا ما طالهـــا المَــردُ

وَكَأَنَّما سُقِيَت تَرائِبُهـــــا

وَالنَحرُ مـــــاءَ الحُسنِ إِذ تَبدو

وَلَها بَنــــــانٌ لَو أَرَدتَ لَــــه

عَقــــداً بِكَفِّـكَ أَمكَنُ العَقــــدُ

وَبِخَصرِها هَيَــفٌ يُزَيِّنُــــهُ

فَــــإِذا تَنـــوءُ يَكـــــادُ يَنقَـــدُّ

فَنهوضُها مَـــثنىً إِذا نَهَـــضتْ

مِــن ثِقلَـــهِ وَقُعودهـــا فَــردُ

إنْ لم يَــــكُنْ وَصْــلٌ لَدَيْكِ لنـــا

يَشْفي الصَّبـــابَةَ فَلْيَكُنْ وعْــــدُ

قد كـــــان أوْرَقَ وصْلُكُم زَمَناً

فَذَوى الوِصالُ وأوْرَقَ الصَّدُّ

للَّهِ أشْـــواقٌ إذا نَزَحَــتْ

دارٌ بِنـــا، ونَبــا بِكُـــــمْ بُعْـــــدُ

إِن تُتهِمي فَتَهـــامَةٌ وَطني

أَو تُنجِدي يكنِ الهَـــوى نَجدُ