كتاب ومقالات

ليبيا.. هل انطفأ سراج «الباشا» ؟

من زاوية مختلفة

طارق الحميد

كتبت بالأمس متسائلا: «هل بدأ صراع إخوان ليبيا»؟، ويبدو أن هذا ما يحدث، حيث أعربت الأمم المتحدة عن انزعاجها مما وصفته «بالتحول الدراماتيكي للأحداث»، وحثت السفارة الأمريكية رئيس وزراء الوفاق الإخوانية، ووزير داخليته على «التعاون» لما فيه صالح «الشعب الليبي».

والقصة لمن لم يتابعها هي اندلاع احتجاجات في العاصمة طرابلس، وأماكن أخرى بغرب ليبيا، التي تسيطر عليها القوات الموالية لحكومة الوفاق الإخوانية، احتجاجا على تدهور الأوضاع الاقتصادية، حيث فتحت الميليشيات المتحالفة مع الوفاق النار على المتظاهرين واختطفت بعضهم.

وعلى إثر ذلك اتهم رئيس وزراء الوفاق الإخوانية فايز السراج ووزير داخليته فتحي باشا أغا «المتسللين الخارجين على القانون» بالتحريض على العنف، إلا أن السراج قام بفعل دراماتيكي نتج عنه إيقاف وزير داخليته باشا أغا، وفتح تحقيق إداري معه.

ورغم استجابة وزير الداخلية باشا أغا، إلا أنه طالب باستجواب علني ومباشر «لفضح الحقائق» للشعب الليبي. وعقب تعليق منصب وزير الداخلية احتفلت الميليشيات بطرابلس بإطلاق النيران، بينما نزل آخرون في مصراتة، مسقط رأس وزير الداخلية، للتعبير عن دعمهم له.

وبالطبع فإن الخلاف بين السراج وزير داخليته يهدد بتعميق الخلافات داخل الحكومة الإخوانية المدعومة من تركيا، والمتذرعة بشرعية أممية، وعليه فإن السؤال الآن هو: هل انطفأ سراج «الباشا» بليبيا؟

صحيح أن في السؤال رمزية، وهذا أمر مقصود، لأن صراع القوى الدائر بليبيا بين رئيس حكومة الوفاق الإخوانية، ووزير داخليته ليس بالصراع الهين كونه صراعا له مدلولات مهمة، بغض النظر عن من يقف مع السراج، أو ضده، ومن يقف مع وزير داخليته، أو ضده.

الحقيقة أن مجرد انطلاق صراع قوى بين الجماعة الإخوانية بليبيا يعني ورطة في تبرير مفهوم «الشرعية»، وأيا كان المنتصر، كما أنه يعني ورطة سياسية للأتراك، خصوصا من ناحية شرعية تدخلهم بليبيا، أو دعمهم للشرعية في طرابلس، وكما يدعون.

وعليه فمن شأن الصراع بين السراج وباشا أن يقوي مواقف الأطراف المضادة للوفاق بليبيا، ويمنح الموقف المصري قوة، كما يمنح القاهرة، وآخرين، فرصة لتغيير قواعد اللعبة. وبحال صدقت الأنباء عن محاولة انقلابية بطرابلس فتلك ورطة، لأن المنتصر بالانقلاب لا يمكنه الحديث عن «الشرعية».

وفي حال كان الخلاف بين السراج وباشا مجرد صراع سياسي، فإن ذلك يعني أن أبواب الجحيم قد فتحت على الأتراك بليبيا، حيث إن بذاك الصراع فرصة للأطراف الأخرى للتدخل، وترجيح كفة على أخرى. ولذا يبدو أن ما يحدث بليبيا يعني أن سراج «الباشا» التركي بات قابلا للانطفاء.

كاتب سعودي

tariq@al-homayed.com