حياة الاستهلاك
أشواك
الثلاثاء / 13 / محرم / 1442 هـ الثلاثاء 01 سبتمبر 2020 01:07
عبده خال
عندما يقال إننا نعيش في حرب الجيل الرابع، أو مقدمون على حرب أجيال متقدمة على الحروب التقليدية، أستطيع القول: إن الحروب هي الحروب، قائمة على فكفكة العدو، وإلحاق الهزيمة به.
ولو استحضرنا زمن الحروب السابقة، سنجد أن الاختلاف بين الراهن والماضي، أن أسلحة العدو يكون تأثيرها في ميادين الحرب، أو من خلال حملات جوية على المدن، أي أن وسيلة الحرب هي السلاح، في المقام الأول، ويكون الاعتماد على معلومات الجواسيس دربا إضافيا للتركيز على خلخلة المجتمع.
وقبل ذلك ثمة فلسفة تقود المجتمعات، فيحدث التجاذب بين أطياف الدول المؤمنة بفلسفة ما، فتكون النصرة قائمة على تلك المبادئ، وكان الاقتصاد يقف في الخلف -وليس المتسيد- إذ كانت المشاعر هي المتسيدة حتى لو أنفقت أو صفرت الدولة خزينتها.. الآن غابت الفلسفة، فمنذ السبعينات يتحرك العالم وفق معطيات معلوماتية متنافرة، يتم جمعها لدى صانع القرارات، وقد يكون تنافرها محيرا لمواقف الدول، فهي تتبنى الشيء وضده، وتكون الأهمية ملاءمة الممكن للبقاء على وحدة الدولة من غير الركض خلف المشاعر -التي ظلت هي المسيّرة- ومن يلحظ المتغير بين المشاعر والاقتصاد، سوف يلحظ كيف انتصر الاقتصاد في بلورة فلسفته، وأخضع الجميع للاستهلاك.
ومن السبعينات كان السلوك الاستهلاكي هو القاعدة الفلسفية في تسيير المجاميع.
لا توجد دولة انتهجت فلسفة ما، كل الدول تستهلك أي شيء من أجل تحقيق احتياجاتها، وهو سلوك استهلاكي. لم تنبثق فلسفة عظمى تتبناها الشعوب، ولَم تعد الدول قائمة على نبض الشارع بتأمين مبادئ وقيم، والوصية السياسية لإبقاء نبض الشارع مساندا هي تحقيق الرفاه، والرخاء، ومن هنا ظهر مصطلح التنمية المستدامة (إبقاء البلد في حالة رخاء)، وعندما يتكلم ترامب أو أي رئيس يكون خطابه مرتكزا على أنه حقق طفرة اقتصادية، وهو الواقع الذي تتمناه الدول بعد أن أودت فلسفة الاستهلاك بتنمية وتنشيط الفردية (نفسي نفسي)، هذه القاعدة تسخر من الفلسفات السابقة، وتبرهن أن المحرك لهذا الزمن هو الاستهلاك، وما حروب الأجيال القادمة إلا استهلاك التقنية، ويكون المنتصر هو من يمتلك علم التقنية، وهذا العلم في أيدي دول محدودة، نهضتها قائمة على سباق التقنية، وتحويل ثلاثة أرباع العالم إلى مستهلك حتى إذا بقى الربع يكون بينها خطط لتجنب الحروب التقليدية، وتكون المفاوضات على تقسيم المنافع محددة.
والويل لمن تأخر في هذه التقنية إذ إنه سوف يواصل حياة الاستهلاك.
كاتب سعودي
abdookhal2@yahoo.com
ولو استحضرنا زمن الحروب السابقة، سنجد أن الاختلاف بين الراهن والماضي، أن أسلحة العدو يكون تأثيرها في ميادين الحرب، أو من خلال حملات جوية على المدن، أي أن وسيلة الحرب هي السلاح، في المقام الأول، ويكون الاعتماد على معلومات الجواسيس دربا إضافيا للتركيز على خلخلة المجتمع.
وقبل ذلك ثمة فلسفة تقود المجتمعات، فيحدث التجاذب بين أطياف الدول المؤمنة بفلسفة ما، فتكون النصرة قائمة على تلك المبادئ، وكان الاقتصاد يقف في الخلف -وليس المتسيد- إذ كانت المشاعر هي المتسيدة حتى لو أنفقت أو صفرت الدولة خزينتها.. الآن غابت الفلسفة، فمنذ السبعينات يتحرك العالم وفق معطيات معلوماتية متنافرة، يتم جمعها لدى صانع القرارات، وقد يكون تنافرها محيرا لمواقف الدول، فهي تتبنى الشيء وضده، وتكون الأهمية ملاءمة الممكن للبقاء على وحدة الدولة من غير الركض خلف المشاعر -التي ظلت هي المسيّرة- ومن يلحظ المتغير بين المشاعر والاقتصاد، سوف يلحظ كيف انتصر الاقتصاد في بلورة فلسفته، وأخضع الجميع للاستهلاك.
ومن السبعينات كان السلوك الاستهلاكي هو القاعدة الفلسفية في تسيير المجاميع.
لا توجد دولة انتهجت فلسفة ما، كل الدول تستهلك أي شيء من أجل تحقيق احتياجاتها، وهو سلوك استهلاكي. لم تنبثق فلسفة عظمى تتبناها الشعوب، ولَم تعد الدول قائمة على نبض الشارع بتأمين مبادئ وقيم، والوصية السياسية لإبقاء نبض الشارع مساندا هي تحقيق الرفاه، والرخاء، ومن هنا ظهر مصطلح التنمية المستدامة (إبقاء البلد في حالة رخاء)، وعندما يتكلم ترامب أو أي رئيس يكون خطابه مرتكزا على أنه حقق طفرة اقتصادية، وهو الواقع الذي تتمناه الدول بعد أن أودت فلسفة الاستهلاك بتنمية وتنشيط الفردية (نفسي نفسي)، هذه القاعدة تسخر من الفلسفات السابقة، وتبرهن أن المحرك لهذا الزمن هو الاستهلاك، وما حروب الأجيال القادمة إلا استهلاك التقنية، ويكون المنتصر هو من يمتلك علم التقنية، وهذا العلم في أيدي دول محدودة، نهضتها قائمة على سباق التقنية، وتحويل ثلاثة أرباع العالم إلى مستهلك حتى إذا بقى الربع يكون بينها خطط لتجنب الحروب التقليدية، وتكون المفاوضات على تقسيم المنافع محددة.
والويل لمن تأخر في هذه التقنية إذ إنه سوف يواصل حياة الاستهلاك.
كاتب سعودي
abdookhal2@yahoo.com