جزيرة اللاجئين
الثلاثاء / 13 / محرم / 1442 هـ الثلاثاء 01 سبتمبر 2020 01:07
عبداللطيف الضويحي
في وقت تعاظمت معه أعداد اللاجئين، حان الوقت لمنظمات الأمم المتحدة المعنية والمتخصصة بشؤون اللاجئين والمهاجرين والنازحين أن تراجع توجهاتها وأولوياتها وآليات عملها ومنهجياتها.
إن المهنية والإنسانية، تقتضي أن تواجه منظمات الأمم المتحدة العاملة للاجئين والمهاجرين والنازحين نفسها، وتسأل عما إذا كان ما تقوم به هذه المنظمات وتقدمه للاجئين منذ عشرات السنين لا يزال مناسبا وكافيا ولائقا للاجئين.
إن الآليات والأولويات التي تعمل بها منظمات الأمم المتحدة المعنية باللاجئين، رغم دورها الإيجابي في ما مضى، أصبحت عبئا لا يقل عن الأعباء الثقيلة التي ينوء بحملها اللاجئون. وإلا فكيف يتكرر استغلال ظروف اللاجئين وتحويل بعض منهم إلى مرتزقة؟ ولماذا يتكرر استغلال ظروف اللاجئين وتحويل أعداد كبيرة منهم إلى فصائل إرهابية؟
على منظمات الأمم المتحدة للاجئين هذه، أن تقدم للعالم دليل براءتها المهنية عمّن ابتلعهم البحر الأبيض المتوسط وعمّن أكلته أسماك هذا البحر من لاجئين ومهاجرين سوريين وليبيين وأفارقة ومن قبلهم عراقيون ولبنانيون.
لقد كتبت مقالة بتاريخ 10/3/2020 «عكاظ» 19950 بعنوان الأمم المتحدة ودولة اللاجئين، وتحدثت المقالة عن أن مشكلة اللاجئين في المقام الأول أزمة وطن، ولهذا كنت أرى أن على الأمم المتحدة ومنظماتها أن تتبنى فكرة إيجاد وطن دائم لكل لاجئ يتعذر عليه إيجاد وطن مؤقت بحيث تتملك الأمم المتحدة مجموعة من الجُزر غير المأهولة حسب القانون الدولي وبأن تضع لها دستورا ونظاما يسمح لها بأن تكون مقرا دائما لأي لاجئ منذ لحظة اللجوء الأولى. لا أرى مبررا لتلك المنظمات أن تنتظر الكارثة تقع كي تتحرك. وليس هناك سبب أو مبرر يجعل اللاجئين والمهاجرين يقطعون آلاف الكيلو مترات بين صعود الجبال وهبوط الأودية وركوب قوارب تجار البشر ليكونوا طعاما لأسماك البحر أو حوت البشر، لو أن منظمات الأمم المتحدة قامت بمسؤولياتها كما يجب ووفرت أماكن استباقية دائمة لأي لاجئ ولكل اللاجئين من خلال شراء جزر أو استئجارها وتجهيزها ببنية تحتية وتشغيلها من خلال متعهدين.
أكرمني الزميل الدكتور صدقة فاضل في تفاعله مع هذه الفكرة من خلال مقالة كتبها بعنوان دولة الأمم المتحدة بتاريخ 22 مارس 2020 بتأييده الفكرة، وإن كان لا يحبذ فكرة إقامة دولة لأن إقامة دولة على المدى البعيد ستغير ربما الهدف، وأنا لا أختلف مع رأي الدكتور فاضل والفكرة قابلة للتطويع حتى أنه يمكن إقامة أكثر من جزيرة أو منطقة في أكثر من قارة من قارات العالم أو المناطق المزدحمة باللاجئين.
إن احتفاظ منظمات الأمم المتحدة للاجئين بجزر غير مأهولة حسب القانون الدولي وتأهيل بنيتها التحتية يعد استثماراً في إنسانية اللاجئين أولا، وتوفيرا للمال مما قد يتم صرفه وهدره مع كل أزمة لجوء جديدة، وهو ثالثا سيفتح الباب على مصراعيه للمانحين بتقديم المساعدات المالية وتدفق المزيد من رأس المال، بسبب شفافية الفاتورة وانخفاض التكلفة التشغيلية، ناهيك عن أن هذا المقترح سيحفظ للاجئين كرامتهم، وفوق هذا وذاك، هذا المقترح سينقذ حياة مئات آلاف اللاجئين والمهاجرين، المهددة حياتهم بالاستغلال السياسي، الديني، المذهبي، أو التجاري.
إنني أتوجه بهذا المقترح لضمير الإنسانية، بصرف النظر عما إذا كان منظمة أممية أو دولية أو إقليمية، ولا أريده أن يقف عند منظمات الأمم المتحدة، التي فيها ما فيها من البيروقراطية والمصالح، ولهذا أدعو مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بصفته مؤسسة شابة وحريصة على تبني الأفكار التي تسهم في تغيير الكثير مما ورثته المنظمات، بأن يتبنى هذا المقترح وأن تعقد له ندوة ويجمع حولها الشركاء والمانحون بمن فيهم مفوضية حقوق اللاجئين لتنفيذها وفقا للقانون الدولي، فأعداد اللاجئين تتزايد عما مضى، والمؤشرات لا تشير إلى انحسار ظاهرة اللجوء والهجرة، على العكس، فالظروف السياسية والاقتصادية والصحية وحتى البيئية والتغير المناخي تؤكد أن طوابير اللاجئين والمهاجرين ستزداد وتتفاقم ما لم تُهيأ لهم مؤسسات متخصصة مسؤولة بأولويات وآليات عملية مختلفة، تقطع الطريق على تجار البشر وصناع المرتزقة وصناع الإرهاب وتجار البحار والمبتزين.
كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
إن المهنية والإنسانية، تقتضي أن تواجه منظمات الأمم المتحدة العاملة للاجئين والمهاجرين والنازحين نفسها، وتسأل عما إذا كان ما تقوم به هذه المنظمات وتقدمه للاجئين منذ عشرات السنين لا يزال مناسبا وكافيا ولائقا للاجئين.
إن الآليات والأولويات التي تعمل بها منظمات الأمم المتحدة المعنية باللاجئين، رغم دورها الإيجابي في ما مضى، أصبحت عبئا لا يقل عن الأعباء الثقيلة التي ينوء بحملها اللاجئون. وإلا فكيف يتكرر استغلال ظروف اللاجئين وتحويل بعض منهم إلى مرتزقة؟ ولماذا يتكرر استغلال ظروف اللاجئين وتحويل أعداد كبيرة منهم إلى فصائل إرهابية؟
على منظمات الأمم المتحدة للاجئين هذه، أن تقدم للعالم دليل براءتها المهنية عمّن ابتلعهم البحر الأبيض المتوسط وعمّن أكلته أسماك هذا البحر من لاجئين ومهاجرين سوريين وليبيين وأفارقة ومن قبلهم عراقيون ولبنانيون.
لقد كتبت مقالة بتاريخ 10/3/2020 «عكاظ» 19950 بعنوان الأمم المتحدة ودولة اللاجئين، وتحدثت المقالة عن أن مشكلة اللاجئين في المقام الأول أزمة وطن، ولهذا كنت أرى أن على الأمم المتحدة ومنظماتها أن تتبنى فكرة إيجاد وطن دائم لكل لاجئ يتعذر عليه إيجاد وطن مؤقت بحيث تتملك الأمم المتحدة مجموعة من الجُزر غير المأهولة حسب القانون الدولي وبأن تضع لها دستورا ونظاما يسمح لها بأن تكون مقرا دائما لأي لاجئ منذ لحظة اللجوء الأولى. لا أرى مبررا لتلك المنظمات أن تنتظر الكارثة تقع كي تتحرك. وليس هناك سبب أو مبرر يجعل اللاجئين والمهاجرين يقطعون آلاف الكيلو مترات بين صعود الجبال وهبوط الأودية وركوب قوارب تجار البشر ليكونوا طعاما لأسماك البحر أو حوت البشر، لو أن منظمات الأمم المتحدة قامت بمسؤولياتها كما يجب ووفرت أماكن استباقية دائمة لأي لاجئ ولكل اللاجئين من خلال شراء جزر أو استئجارها وتجهيزها ببنية تحتية وتشغيلها من خلال متعهدين.
أكرمني الزميل الدكتور صدقة فاضل في تفاعله مع هذه الفكرة من خلال مقالة كتبها بعنوان دولة الأمم المتحدة بتاريخ 22 مارس 2020 بتأييده الفكرة، وإن كان لا يحبذ فكرة إقامة دولة لأن إقامة دولة على المدى البعيد ستغير ربما الهدف، وأنا لا أختلف مع رأي الدكتور فاضل والفكرة قابلة للتطويع حتى أنه يمكن إقامة أكثر من جزيرة أو منطقة في أكثر من قارة من قارات العالم أو المناطق المزدحمة باللاجئين.
إن احتفاظ منظمات الأمم المتحدة للاجئين بجزر غير مأهولة حسب القانون الدولي وتأهيل بنيتها التحتية يعد استثماراً في إنسانية اللاجئين أولا، وتوفيرا للمال مما قد يتم صرفه وهدره مع كل أزمة لجوء جديدة، وهو ثالثا سيفتح الباب على مصراعيه للمانحين بتقديم المساعدات المالية وتدفق المزيد من رأس المال، بسبب شفافية الفاتورة وانخفاض التكلفة التشغيلية، ناهيك عن أن هذا المقترح سيحفظ للاجئين كرامتهم، وفوق هذا وذاك، هذا المقترح سينقذ حياة مئات آلاف اللاجئين والمهاجرين، المهددة حياتهم بالاستغلال السياسي، الديني، المذهبي، أو التجاري.
إنني أتوجه بهذا المقترح لضمير الإنسانية، بصرف النظر عما إذا كان منظمة أممية أو دولية أو إقليمية، ولا أريده أن يقف عند منظمات الأمم المتحدة، التي فيها ما فيها من البيروقراطية والمصالح، ولهذا أدعو مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بصفته مؤسسة شابة وحريصة على تبني الأفكار التي تسهم في تغيير الكثير مما ورثته المنظمات، بأن يتبنى هذا المقترح وأن تعقد له ندوة ويجمع حولها الشركاء والمانحون بمن فيهم مفوضية حقوق اللاجئين لتنفيذها وفقا للقانون الدولي، فأعداد اللاجئين تتزايد عما مضى، والمؤشرات لا تشير إلى انحسار ظاهرة اللجوء والهجرة، على العكس، فالظروف السياسية والاقتصادية والصحية وحتى البيئية والتغير المناخي تؤكد أن طوابير اللاجئين والمهاجرين ستزداد وتتفاقم ما لم تُهيأ لهم مؤسسات متخصصة مسؤولة بأولويات وآليات عملية مختلفة، تقطع الطريق على تجار البشر وصناع المرتزقة وصناع الإرهاب وتجار البحار والمبتزين.
كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org