كتاب ومقالات

غسيل الدرج السعودي

تلميح وتصريح

حمود أبو طالب

ربما كان الخبر السعودي الأبرز هذا الأسبوع هو إعفاء أميرين من منصبين قياديين مهمين بأمر ملكي وإحالتهما للتحقيق مع عدد آخر من المسؤولين، وقبلهم بأيام قليلة صدر أمر مشابه بحق مسؤول عسكري كبير مع مجموعة من المسؤولين التنفيذيين الكبار، ليكون ذلك تأكيداً عملياً جديداً على مقولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أنه لن ينجو متورط في الفساد كائناً من كان، وأن هذا العهد مثلما هو عهد بناء مختلف فإنه أيضاً وبنفس القوة عهد حرب ضروس على الفساد في كل موقع.

نقول ذلك ونحن قد عشنا زمناً طويلاً كانت فيه ما تسمى بالوزارات السيادية محصنة من المساءلة، لا يعرف الناس حقيقة ما يجري في كواليسها، وكانت المناصب العليا والكراسي الذهبية محاطة بهالة من الحماية الشديدة تمنع مجرد الإشارة إليها بشبهة مهما كانت قوية، بل حتى لو كانت هناك فضيحة مؤكدة مدوية فإنه لا أحد يستطيع الحديث عنها ولا يمكن الاقتراب من صاحبها. كانت هناك قرابين بسيطة تافهة تقدم من حين لآخر من صغار الموظفين ليبقى الكبار يرفلون في فسادهم.

من أجمل وأهم الإصلاحات التي تمت في هذا العهد الجديد هو إصلاح الأجهزة الرقابية وإعطاؤها الصلاحية الكاملة لتعمل بثقة وشجاعة دون خوف من البطش أو التدخلات، ولتصل يدها إلى الأعلى بحيث يتساوى الجميع أمام المسؤولية، ويأتي ذلك إيماناً وقناعةً بأنه لا يمكن تحقيق إصلاح في أي مجال آخر إلا بالدخول في معركة حقيقية مع الفساد، لأنه أس البلاء وسبب الداء الذي يهدم الأوطان والمجتمعات ويجعلها ساحات مستباحة للنهب بشتى أشكاله.

وإذا كانت المقولة المتداولة أن غسيل الدرج يبدأ من أعلى لا من أسفل، فإن ذلك يحدث الآن عملياً في المملكة من أجل نظافة حقيقية للبيت السعودي.

كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com