أخبار

لاعبون كبار على رقعة شطرنج فرنسية

رياض منصور (عمان) okaz_online@

تسعى فرنسا لخلط أوراق الشرق الأوسط من جديد عبر مواجهة سياسية ودبلوماسية من المحتمل تطورها عسكريا قررت خوضها في لبنان والعراق لمواجهة المد الإيراني والتمرد التركي، دون أن تعلن ذلك صراحة. غير أن تحركات الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون التي أراد من خلالها في لبنان إعادة السيطرة الفرنسية على الأوضاع السياسية والثقافية والفنية، فيما ذهب إلى العراق حاملا للقيادات العراقية إغراءات كبيرة تضمن حماية فرنسية للسيادة العراقية المخترقة إيرانيا وتركيا، والتحرك الفرنسي اللافت والمفاجئ في جغرافيا تخترقها إيران وتفرض سيطرتها عليها سياسيا وتحاول تركيا أن تضع لها موضع قدم فيها؛ كل ذلك يحمل دلالات كبيرة، وربما تحمل باريس بتحركها تفويضا أوروبيا غير معلن يدعمه حلف شمال الأطلسي عبر تفاهمات محتملة مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

الرئيس الفرنسي الذي كان واضحا تحركه في لبنان متجاهلا رئيسه وحكومته وبرلمانه أعلن صراحة: «لست هنا لتقديم الدعم للحكومة أو للنظام بل جئت لمساعدة الشعب اللبناني، أنا هنا لأعبر عن تضامني معكم وجئت لأوفّر لكم الطعام والأدوية، وجئت لأبحث بموضوع الفساد وأريد مثلكم شعباً حرا ومستقلا». بل ويذهب بعيدا حين يتحدث ماكرون عن «ميثاق جديد»، وذلك حين طالبه أحد اللبنانيين بدعمهم ضد الطبقة السياسية، وهو ما يطرح تساؤلات حول طبيعة وشكل هذا الميثاق، وحقيقة ما يحضر للبنان.

في لبنان كان الحضور الفرنسي مختلفا، فمشاهد تحركات ماكرون اعتبرتها بعض القوى اللبنانية مشاهد مؤسفة، وغير مبررة وتعيد لبنان إلى التبعية وسيطرة المستعمر الفرنسي، بعد أن نال استقلاله العام 1943، وانسحبت القوات الفرنسية تماما من أراضيه العام 1946، فخلال جولة ماكرون في شوارع بيروت هتف اللبنانيون هناك: «تحيا فرنسا» باللغة الفرنسية، وهي الهتافات التي ترافقت مع دعوات على المنصات بعودة الانتداب الفرنسي، بديلا عن النظام اللبناني الحالي بزعم فساده.

ولا شك أن الانتقال الفرنسي من لبنان إلى العراق كان مخططا له مسبقا، فما قدمه ماكرون للقيادات العراقية بشأن حماية فرنسية للسيادة العراقية يتضح أنه عرض شامل بكامل تفاصيل الحماية عملت عليه الدوائر الأمنية الفرنسية على مدار أشهر عدة.

المشروع الفرنسي المقدم للعراق أثار حفيظة إيران التي فتحتت خطوطها الساخنة مع قواعدها في العراق لبحث الأمر ومعرفة تفاصيل ما تريده باريس، وهي بدأت تعد العدة لمواجهة ما أسمته المخطط الفرنسي، حسبما أفاد سياسي عراقي كبير وصف الأمر لـ«عكاظ» بأنه يشبه «لعبة الشطرنج» يتسابق عليها لاعبون كبار.