نعم.. نحن بدو !
شغب
الثلاثاء / 27 / محرم / 1442 هـ الثلاثاء 15 سبتمبر 2020 00:19
هيلة المشوح
جملتان صمّا بها آذاننا (أنتم بدو، كنتم تسكنون الخيم وتركبون الجمال) و(نحنا علمناكم).
نعم يا سادة نحن البدو الذين غزلوا بالأمس خيامهم بوبر جمالهم وشيدوا اليوم ناطحات السحاب وصروح العلم بسواعدهم وعقولهم.
نحن البدو الذين كنا نركب الجمال فأصبحنا نركب أفخم المواصلات ونمد القطارات والمطارات والميتروات وأساطيل الطائرات واليخوت والبواخر.
نحن البدو الذين أحرقت أقدامهم رمضاء الشمس ولفحتهم رمال الصحراء حتى فرشوها واحات وجنائن خضراء تسر الناظرين.
نحن البدو الذين كنا نفترش الكثبان ونلتحف السماء، أميون بلا تعليم فأصبحنا اليوم بلد الثلاثين جامعة ومئة ألف مبتعث و50 ألف طبيب وطبيبة و40 ألف مهندس ومهندسة وأكثر من 690 براءة اختراع وأمية لا تتجاوز 5%!
«نحنا علمناكم» جملة لطالما سمعناها من بعض العرب خصوصاً الإخوة الفلسطينيين، ولطالما وضعنا في آذاننا «طينة وعجينة» تقديراً لظروفهم القاسية وكيلا نخسر الأخوّة ممن أهدرنا سبعين عاماً نتبنى قضيتهم ونبني أواصر الخير والكرم والأخوّة معهم، ولكن واقع الحال وبعد الحملات المستمرة والقاسية والتي تجاوزت الشعوب إلى حكامهم فلا بد هنا من وضع النقاط على الحروف، فقبل توحيد المملكة لم يتطوع أحد من هؤلاء العرب بتعليم أبناء الصحراء أو مد يد العون لهم حين كانوا في عوز وأمية وجوع، بل تقاطروا حين تدفق النفط بحثاً عن رزقهم -وهذا ليس عيباً- ولكن العيب أن تنسب لنفسك فضيلة لم تفعلها، فالواقع يقول إن «من علم البدو هو نفطهم» الذي سال على إثره لعاب الفقراء والمعوزين إلى هذه الصحراء للعمل وسد أفواه جوعاهم وكسوا أجساد عراياهم خلال حقب ملكية توالت تحمل ذات الأمانة وذات الهم بالقضية فقدمنا الشهداء وضحينا بعلاقات سياسية وخسرنا أصدقاء ودولا ومقدرات من أجل الوفاء بعهد قطعناه على أنفسنا أمام القضية الفلسطينية.
في سبعينات القرن الماضي كانت المملكة العربية السعودية تحتفي بفائض الخريجين من معاهد وكليات التعليم من أبنائها لتبدأ بمرحلة -قد لا يعلمها الكثيرون- وهي مرحلة «الإيفاد» وإرسال المعلمين السعوديين للدول العربية وبعض دول الخليج للتعليم ودعم النهضة العلمية في تلك الدول «دون أن تكلف تلك الدول بأي التزامات» بل كانت المملكة تتكفل برواتبهم وتذاكرهم ومعيشتهم... فهل سمع أحد عن تلك المبادرة النبيلة؟ وهل سمع أحد من شعوب تلك الدول سعوديا يقول «نحن علمناكم»؟
تعيش المملكة العربية السعودية أوج نهضتها وازدهارها في مجالات العلم والاقتصاد والبناء والإنجاز، وتنشغل دول وشعوب أخرى بالنيل من تلك النهضة وبث الغل والأحقاد، ولو استثمروا جهودهم في البناء وإصلاح فسادهم وفساد دولهم لأنتجوا ما ينفعهم، فالتقليل من شأن الناجحين فشل، وبينما هم يقدحون بحال الآخر وماضيه هو الآن يبني ويشيد وينجح ويتجاوز فشلهم وعويلهم محلقاً في سماءات النجاح والولوج في عالم آخر من الإنجاز والحضارة تنحني لقياداته قامات ورؤساء ودول ليظل شامخاً بتاريخه وأمجاده معتزاً بخيمته وبئره وصحرائه، نعم نحن بدو حققنا المعجزات «واللي ما له أول ما له آخر»!
كاتبة سعودية
hailahabdulah20@
نعم يا سادة نحن البدو الذين غزلوا بالأمس خيامهم بوبر جمالهم وشيدوا اليوم ناطحات السحاب وصروح العلم بسواعدهم وعقولهم.
نحن البدو الذين كنا نركب الجمال فأصبحنا نركب أفخم المواصلات ونمد القطارات والمطارات والميتروات وأساطيل الطائرات واليخوت والبواخر.
نحن البدو الذين أحرقت أقدامهم رمضاء الشمس ولفحتهم رمال الصحراء حتى فرشوها واحات وجنائن خضراء تسر الناظرين.
نحن البدو الذين كنا نفترش الكثبان ونلتحف السماء، أميون بلا تعليم فأصبحنا اليوم بلد الثلاثين جامعة ومئة ألف مبتعث و50 ألف طبيب وطبيبة و40 ألف مهندس ومهندسة وأكثر من 690 براءة اختراع وأمية لا تتجاوز 5%!
«نحنا علمناكم» جملة لطالما سمعناها من بعض العرب خصوصاً الإخوة الفلسطينيين، ولطالما وضعنا في آذاننا «طينة وعجينة» تقديراً لظروفهم القاسية وكيلا نخسر الأخوّة ممن أهدرنا سبعين عاماً نتبنى قضيتهم ونبني أواصر الخير والكرم والأخوّة معهم، ولكن واقع الحال وبعد الحملات المستمرة والقاسية والتي تجاوزت الشعوب إلى حكامهم فلا بد هنا من وضع النقاط على الحروف، فقبل توحيد المملكة لم يتطوع أحد من هؤلاء العرب بتعليم أبناء الصحراء أو مد يد العون لهم حين كانوا في عوز وأمية وجوع، بل تقاطروا حين تدفق النفط بحثاً عن رزقهم -وهذا ليس عيباً- ولكن العيب أن تنسب لنفسك فضيلة لم تفعلها، فالواقع يقول إن «من علم البدو هو نفطهم» الذي سال على إثره لعاب الفقراء والمعوزين إلى هذه الصحراء للعمل وسد أفواه جوعاهم وكسوا أجساد عراياهم خلال حقب ملكية توالت تحمل ذات الأمانة وذات الهم بالقضية فقدمنا الشهداء وضحينا بعلاقات سياسية وخسرنا أصدقاء ودولا ومقدرات من أجل الوفاء بعهد قطعناه على أنفسنا أمام القضية الفلسطينية.
في سبعينات القرن الماضي كانت المملكة العربية السعودية تحتفي بفائض الخريجين من معاهد وكليات التعليم من أبنائها لتبدأ بمرحلة -قد لا يعلمها الكثيرون- وهي مرحلة «الإيفاد» وإرسال المعلمين السعوديين للدول العربية وبعض دول الخليج للتعليم ودعم النهضة العلمية في تلك الدول «دون أن تكلف تلك الدول بأي التزامات» بل كانت المملكة تتكفل برواتبهم وتذاكرهم ومعيشتهم... فهل سمع أحد عن تلك المبادرة النبيلة؟ وهل سمع أحد من شعوب تلك الدول سعوديا يقول «نحن علمناكم»؟
تعيش المملكة العربية السعودية أوج نهضتها وازدهارها في مجالات العلم والاقتصاد والبناء والإنجاز، وتنشغل دول وشعوب أخرى بالنيل من تلك النهضة وبث الغل والأحقاد، ولو استثمروا جهودهم في البناء وإصلاح فسادهم وفساد دولهم لأنتجوا ما ينفعهم، فالتقليل من شأن الناجحين فشل، وبينما هم يقدحون بحال الآخر وماضيه هو الآن يبني ويشيد وينجح ويتجاوز فشلهم وعويلهم محلقاً في سماءات النجاح والولوج في عالم آخر من الإنجاز والحضارة تنحني لقياداته قامات ورؤساء ودول ليظل شامخاً بتاريخه وأمجاده معتزاً بخيمته وبئره وصحرائه، نعم نحن بدو حققنا المعجزات «واللي ما له أول ما له آخر»!
كاتبة سعودية
hailahabdulah20@