سعوديات

الفنان السعودي يتحرك كأنه في حقل ألغام.. وهذه بيئة طاردة للإبداع

صانع المحتوى عبدالمجيد الكناني لـ «سعوديات»:

عبدالمجيد الكناني.

حاورته: د. أريج الجهني areejaljahani@

* أستطيع القول إنني حرّكت الكثير من المياه الراكدة ودفعت باتجاه محاولة صناعة أعمال جيدة

* متفائل بالتجارب الجديدة الخارجة من عباءة الإنتاج الحكومي

* لا أطرب كثيراً للنصح وإعطاء مقترحات ولكن هناك حقيقة أننا لا نجيد رواية قصصنا

* أطالب برفع سقف التعبير وزيادة مساحة التحرك في طرق الكثير من المواضيع دون الخوف من فكرة الإساءة

* أي قصور في جانب من جوانب الدراما هو منعكس من الخلل في منظومة الإنتاج كاملة

تحاور مجلة «سعوديات» الفنان وصانع المحتوى عبدالمجيد الكناني لإبداء رأيه حول صورة المرأة في الدراما، وقبل الدخول في الحوار من المهم الإشارة إلى زيادة الوعي المجتمعي حول صورة المرأة في الدراما، فالمجتمع الآن أكثر وعياً في التعاطي مع التنميطات السلبية، شاهدنا حلقات «لقيمات» بمعظم مواسمها وأجد أنها مادة نقدية تستحق التوقف لدقة الطرح وقربه للجمهور والجيل الشاب الذي لا تنطلي عليه ميوعة الكومبارسات ولا تبهره بريق الشاشات.. أهلاً عبدالمجيد:

* كيف تجد حضور المرأة السعودية في الأعمال الدرامية، سواء كتمثيل وموهبة أو كأدوار؟

** بداية دعونا نتفق أن أي قصور في جانب من جوانب الدراما هو منعكس من الخلل في منظومة الإنتاج كاملة، ابتداء من القصة والنص وانتهاء بالإخراج مروراً ببقية مراحل الإنتاج.

لذلك يجب أن نطرح السؤال هل نحن أمام أعمال درامية تطرح قصة مكتملة الأركان؟ أم أننا أمام تركيب مشاهد متخمة بقضايا العصر إيماناً منا أننا ناقش قضية مجتمعية؟ دون الاكتراث لأهم ركن من أركان الدراما وهي القصة!

من هنا نستطيع أن نشاهد أن تواجد المرأة السعودية في الكثير من الأعمال الدرامية يأتي بشكل منعزل عن القصة كأن يطرح هو بحد ذاته كقضية وهذا في اعتقادي خطأ فادح، ناهيك عن تكريس صورة نمطية لدور المرأة وتواجدها أو على النقيض المبالغة في إظهار الجانب الطبيعي لها فيحصل فقدان للتوازن.

أما على صعيد الموهبة فبتأكيد هناك قصور كبير نابع من عدة عوامل واعتبارات اجتماعية وفنية خصوصاً أن ظهورها على خشبة المسرح أمر حديث جداً، ناهيك عن عوامل عدم وجود منصات تدرب وتصقل المواهب.

* ما الذي تحتاجه المرأة السعودية للدخول في مجال الدراما؟ سواء كاتبة أو ممثلة أو مخرجة؟

** بالتأكيد الموهبة في المقام الأول، ومؤخراً شهدت الساحة أسماء مميزة في مجالات الفنون المتعددة مثل هناء العمير كمخرجة وإلهام علي كممثلة وغيرهما، ومهم أيضاً تعزيز الدور من خلال المسرح لأن المسرح له دور كبير جداً في صقل المواهب الفنية تمثيلاً، نقطة مهمة أريد الإشارة إليها تتمثل في أنه ليس بالضرورة كون المخرجة أو الكاتبة امرأة يكون نتاجها مخصصاً ومكرساً في جانب إظهار المرأة وإهمال التجارب الفنية الأخرى التي تتطرق لكل القصص بشكل عام.

* تميل الكثير من الأعمال الدرامية إلى تصوير الجانب السلبي فقط من شخصية المرأة السعودية، أو الإفراط في الصورة المثالية، أين الخلل؟ وكيف يمكن للمنتجين تجاوز هذا برأيك؟

** المشكلة هنا تكمن في جانب غريب في الحقيقة، وهو أن تناول المرأة السعودية يعتبر موضوعاً مثيراً في الساحة، فقد يتم التعمد في اختيار هذه المواضيع من أجل التسويق والنشر دون الاكتراث للقيمة الفنية، وفي اعتقادي أن هذا أمر انتهازي إلى حد كبير ولا يساهم في بناء عمل درامي مؤثر، بل قد يكون عاملاً لعزوف الجماهير عن دعم أي عمل يكون فيه دور للمرأة السعودية، فالمواضيع المثيرة في الساحة تكون في الغالب محط جذب ومتابعة ولكنها ليست محط دعم وتأثير، فيكون الأمر أشبه باستخدام المرأة كسلعة تسويقية للمنتج الفني وليس عامل بناء مساعد.

* ساهمت عبر برامجك في اليوتيوب لسنوات في رصد الأخطاء الدرامية هل وجدت تجاوباً من المنتجين؟ وهل واجهت مشكلات بسبب صراحتك؟

** قد تكون المرة الأولى التي أصرح بها بهذا الشكل بكل تواضع ومحبة، أعتقد بعد سنوات من البرنامج أستطيع القول إنني حرّكت الكثير من المياه الراكدة ودفعت باتجاه محاولة صناعة أعمال جيدة وتخرج عن السائد، وبالتأكيد هناك ردات فعل مضادة قد تتسبب في مشكلات بسيطة ولكن يتم تجاوزها سريعاً ولله الحمد.

* كيف ترى مستقبل الدراما السعودية؟ وهل وجود منصات مثل «نتفليكس» سيكون عنصراً داعماً لظهورها وانتشارها؟

** متفائل بالتجارب الجديدة الخارجة من عباءة الإنتاج الحكومي والإنتاج شبه الحكومي، خصوصاً أن هناك محاولات جادة لإنتاج أعمال جيدة خصوصاً في المنصات المعتمدة على اشتراكات الجمهور، حيث إنها تخلق فضاء حراً نوعاً ما في المنافسة بعيداً عن سطوة المعلن وسطوة مدير القناة، وأتمنى أن يتحرك السوق بشكل أفضل، وقد تكون الأفلام السينمائية السعودية محفزة لزيادة الحركة في السوق كون الإنتاج السينمائي يخلق مساحة تحرك أكبر للمنتجين والفنانين في اختيار مواضيعهم وكسب رهان الجمهور مباشرة؛ لأن الدعم الرئيسي سيكون عبر شباك التذاكر.

* هل تعتقد أننا تأخرنا في تمهين التمثيل؟ أسوة بالدراما السورية؟ وهل لا زال الوضع مجرد علاقات ومعارف واجتهادات بعيدة عن العمل الدرامي الجاد؟

** ليس فقط في التمهين وإنما في خلق سوق يوازي حجم بلادنا وتنوع جمهورنا، ودائماً أقول إن الصناعة الجيدة تتطلب سوقاً مفتوحاً وهذا ما نسعى أن تسير عليه الحركة الفنية في السعودية، وبإذن الله هي في طريقها لذلك.

* يغيب عن الأعمال الدرامية حضور الجانب النفسي والاجتماعي ما يسبب نفوراً أو انسحاباً من مشاهدة الأعمال الفنية ما نصيحتك للمنتجين حول هذا، خصوصاً في ظل منافسة أعمال فنية دولية وتفوقها في جذب الجمهور المحلي؟

** لا أطرب كثيراً للنصح وإعطاء مقترحات ولكن هناك حقيقة أننا بشكل أو بآخر لا نجيد رواية قصصنا، وبالنظر لأهم وأنجح الأعمال الدرامية في العالم سنجد أن القصة هي العصب الرئيسي، هي الهيكل المتين، هي المتعة الأولى قبل الإخراج، وقبل العوامل الفنية الأخرى، والقصة تكون بمثابة الإطار الذي يتحرك داخله الشخوص بكافة اختلافاتهم، وهي الطريق الذي يحدد تحولاتهم وأبعادهم النفسية والمادية، لذلك أنصح نفسي أولاً وبقية الزملاء في المجال بالاهتمام برواية قصصنا دون اتخامها بشكل غير عفوي بأفكار وقضايا بعيدة عن جوهر القصة.

* لو تم منحك عصى سحرية لتغيير الدراما السعودية ما أول ما سيغيره عبدالمجيد؟

** أعتقد أنه سيكون إلغاء التعميد الحكومي المباشر وتفعيل دور المسرح، والأهم رفع سقف التعبير وزيادة مساحة التحرك في طرق الكثير من المواضيع دون الخوف من فكرة الإساءة التي تم المبالغة في طرحها وأصبح الفنان يتحرك كأنه في حقل ألغام، وهذه بيئة طاردة للإبداع.