أهلا بالإنجليزية
الخميس / 07 / صفر / 1442 هـ الخميس 24 سبتمبر 2020 01:06
أريج الجهني
ما إن صرحت وزارة التعليم بقرارها المهم (اعتماد اللغة الإنجليزية من الصف الأول الابتدائي) إلا وجاءت الردود الإيجابية بشكل مبهر خاصة ممن يدرك أهمية تحقيق التعليم للعدالة الاجتماعية، فامتلاك الطلبة لمستوى مرتفع من اللغة الإنجليزية يزيد فرصة قبوله في البرامج والدراسات ويعزز التنافسية، عانى الكثير من أبناء الوطن من ضعف اللغة ربما لم تكن هذه المعاناة حاضرة في الأحاديث إلا ماندر، تدشين اللغة الإنجليزية قرار حكيم ويزيد من رصانة العملية التعليمية والقرارات التنموية الرشيدة التي يدعمها قادة هذا الوطن العظام.
على جانب آخر، تخوف البعض من فكرة (إحلال اللغة) وبعضهم وصفها (بالاحتلال) وأتفهم هذه المخاوف التي أجد أن بعضها مبرر والآخر هستيري وممتد لثقافة تقصي الآخر، لن يكون هناك إحلال مكان اللغة العربية وإن كنت لا أمانع من ذلك في بعض التخصصات المهمة كالطب أو حتى الإدارة، والأسباب لا تعد ولا تحصى ومن يتعلم في الخارج يدرك تماما تأخر اللغة العربية لسنوات ضوئية في الإنتاج المعرفي، بل حتى معظم الأبحاث التي ينتجها عرب وتنشر في مجلات مرموقة تكون باللغة الإنجليزية.
كنت أشعر بالأسى لحال بعض الطلبة السعوديين بالخارج مقارنة بأقراننا العمانيين أو الإماراتيين فتحدثهم للغة الإنجليزية وإجادتها أكثر منا بكثير خاصة في مرحلة اللغة، بل حتى طلبة شرق آسيا أفضل منا حالا، ومن يتفوق من السعوديين عادة يكون بجهد ذاتي وتفوق أو من الطبقة المخملية ممن ترعرعوا في كنف (ميري) ومدارسهم الخاصة، لا يوجد مجال للنقاش، فاللغة الإنجليزية هي (لغة المعرفة) ولغة كافة مفاصل الحياة، شح التحدث بها وإتقانها يكاد يكون مشكلة حقيقية لا يدركها إلا اثنان: من يفتقدها ومن يتقنها ويضطر للتعامل مع الأول.
اشتراط امتلاك الطلبة لدرجة معينة في الإنجليزية كان بالفعل قرارا حكيما وذا بعد معرفي، والباحث الرصين يدرك أن لغتنا مهما أحببناها وكتبنا فيها القصائد والمعلقات لكنها لا تؤتي ثمارها معرفيا إلا بعد جهد جهيد، نعم اللغة الأساسية ضرورة لكن امتلاك لغتين وأكثر ثراء معرفي وثراء اقتصادي أيضا، نحن نعيش مرحلة تحول نوعي، مهم أن نكون صريحين مع أنفسنا، فالبعض لا يجيد العمل وينتقد من يعمل لأنه من السهل أن تنتقد الناجحين لكن من الصعب أن تصل لمستواهم.
أخيرا أقف لحظة تأمل في عبقرية سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عراب الرؤية، كيف بسنوات بسيطة ضرب بيد من حديد رأس الجهل وحطم كل تابوهات الصحوة، التي من أبرزها محاربة تدريس اللغات الأجنبية والنيل من الباحثين والدارسين في الخارج، يا له من رجل عظيم ويا لنا في وطن عظيم.. وكل عام ونحن في علم ومعرفة ونماء.
كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com