كتاب ومقالات

الجد والزوجة الثانية

ماجد قاروب

أوضح نظام الحماية من الإيذاء أنه يدخل في مفهوم الإيذاء وإساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء بواجباته أو التزاماته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته أو ممن يترتب عليه شرعاً أو نظاماً توفير تلك الحاجات لهم.

وعلى ذلك فكل شخص امتنع أو قصر في توفير الحياة الكريمة لأسرته رغم ما له من ولاية عليه أو سلطة أو مسؤولية أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية، يرتكب جريمة الإيذاء وعقوبتها السجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ولا تزيد على خمسين ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حال العودة تضاعف العقوبة وللمحكمة المختصة إصدار عقوبة بديلة للعقوبات السالبة للحرية.

وعندما يريد الرجل الزواج من امرأة أخرى بكل أسف يتناسى هو والمجتمع الشروط والقيود الشرعية والاجتماعية والإنسانية التي أحلت وأجازت له الزواج من زوجة ثانية وثالثة ورابعة، وفي مقدمتها القدرة المالية مع العدل والمساواة بين الجميع.

ويتبع زواجه من أخرى أن يمتنع أو يقصر في توفير الحياة الكريمة لأولاده من زوجته الأولى مطلقته، وغاية ما تعارف عليه المجتمع هو نفقة يؤديها المطلق 500 ريال، رغم أن لأولاده -في جميع الأحوال- أولوية التمتع بالحماية والرعاية والحماية من كل أشكال الإيذاء أو الإهمال.

ولذلك يجب أن يكون الأب ملزماً بأداء أمانته ورسالته تجاه أولاده من الزوجة الأولى، بأن يحافظ على مستوى معيشتهم وحياتهم بدون تقصير، فعليه أن يتحمل مصاريف الصحة والتعليم والكسوة والمأكل والمشرب بما في ذلك الترفيه على نفس ما اعتادوا عليه من قبل، وذلك قبل التفكير في الزوجة الثانية والصرف على حياته الجديدة في المنزل الجديد.

وللأسف في معظم الحالات تتحمل الأم المطلقة مسؤولية أولادها ومعها والدها الذي يحتضنها لأنها ابنته مع أولادها.

ونتطلع من القضاء أن يعامل الزوج المطلق بمبدأ وبمفهوم الحفاظ على الأبناء ووالدتهم المطلقة دون أن يقوم بتحويل مهمة رعايتهم إلى جدهم الذي يتحمل عنه المصاريف الحقيقية لمعيشتهم، وكأن هذا الجد قد أصبح مسؤولاً عن رفاهية والدهم مع زوجته الثانية.

وعلى الشؤون الاجتماعية دعم جميع الجمعيات الخيرية التي تعمل لحماية الأسرة والمرأة والطفل من الإيذاء والعنف وتكوين دُور إيواء وحماية ورعاية لائقة بالطفل السعودي ووالدته تتمكن من الصرف اللائق من خلال مخصصات من التأمينات الاجتماعية والزكاة.

وعلى القطاعين الطبي والأمني تقديم كل الرعاية والعون لكل من يتعرض للأذى من الأبوين لمنعهما من الاستغلال والمتاجرة بالأبناء في قضايا الأحوال الشخصية التي يجب أن تُقدم مصلحة الأبناء على مصلحة الأبوين وخاصة الرجل الساعي إلى تأسيس منزل جديد على حساب وركام وخراب المنزل الأول بمن فيه من أولاده ووالدتهم.

وهناك أدوار مهمة وعميقة تقع على عاتق مجلس شؤون الأسرة ليساهم في رفع مستوى الوعي المجتمعي بحقوق الطفل والمرأة.

وقضايا الأحوال الشخصية والإرث والتركات تحتاج إلى مراجعة تشريعية وقضائية ومؤسساتية لمعالجتها، لحماية الطفل والإنسان خاصة إن كان طفلاً قاصراً أو شيخاً كهلاً بحاجة إلى وصاية ورعاية.

كاتب سعودي

majedgaroub@